كَمَا تُؤَدَّى مِنْ زَكَاةِ النَّخْلِ تَمْرًا " وَهَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ بَيَانُهُ فِي أَوَّلِ زَكَاةِ الثِّمَارِ فَهَذِهِ الْأَحَادِيثُ كُلُّهَا تُبْطِلُ الْقَوْلَ بِالْفَرْقِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (الثَّانِيَةُ) إذَا دَفَعَ الْمَالِكُ أَوْ غَيْرُهُ الزَّكَاةَ إلَى الْمُسْتَحِقِّ وَلَمْ يَقُلْ هِيَ زكاة ولا تكلم بشئ أَصْلًا أَجْزَأَهُ وَوَقَعَ زَكَاةً هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ الَّذِي
قَطَعَ بِهِ الْجُمْهُورُ وَقَدْ صَرَّحَ بِالْمَسْأَلَةِ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَآخَرُونَ وَهِيَ مَفْهُومَةٌ مِنْ تَفَارِيعِ الْأَصْحَابِ وَكَلَامِهِمْ وَفِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ فِي هَذَا الْبَابِ وَغَيْرِهِ مَوَاضِعُ كَثِيرَةٌ مُصَرِّحَةٌ بِذَلِكَ (مِنْهَا) قَوْلُهُ فِي هَذَا الْفَصْلِ الْأَخِيرِ: إذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى مَنْ ظَاهِرُهُ الْفَقْرُ فَبَانَ غَنِيًّا فَإِنْ لَمْ يُبَيِّنْ عِنْدَ الدَّفْعِ أَنَّهَا زَكَاةٌ لَمْ يَرْجِعْ وَاسْتَعْمَلَ مِثْلَ هَذَا فِي مَوَاضِعَ مِنْ بَابِ تَعْجِيلِ الزَّكَاةِ وَغَيْرِهِ وَكَذَلِكَ الْأَصْحَابُ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ كَجٍّ فِي آخِرِ قَسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ كِتَابِهِ التَّجْرِيدِ إذَا دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى الْإِمَامِ أَوْ الْفَقِيرِ لَا يَحْتَاجُ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ شَيْئًا قَالَ وَقَالَ أَبُو علي بن أبي هريرة لابد مِنْ أَنْ يَقُولَ بِلِسَانِهِ كَالْهِبَةِ وَهَذَا لَيْسَ بشئ فَنَبَّهْت عَلَيْهِ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ
* قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ لَوْ دَفَعَ الزَّكَاةَ إلَى فَقِيرٍ وَالدَّافِعُ غَيْرُ عَارِفٍ بِالْمَدْفُوعِ بِأَنْ كَانَ مَشْدُودًا فِي خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا لَا يَعْلَمُ جِنْسَهُ وَقَدْرَهُ وَتَلِفَ فِي يَدِ الْمِسْكِينِ فَفِي سُقُوطِ الزَّكَاةِ احْتِمَالَانِ لِأَنَّ مَعْرِفَةَ الْقَابِضِ لَا تُشْتَرَطُ فَكَذَا مَعْرِفَةُ الدَّافِعِ هَذَا كَلَامُهُ (وَالْأَظْهَرُ) الْإِجْزَاءُ (الثَّالِثَةُ) قَالَ الْغَزَالِيُّ فِي الْإِحْيَاءِ يَسْأَلُ الْآخِذُ دَافِعَ الزَّكَاةِ عَنْ قَدْرِهَا فَيَأْخُذُ بَعْضَ الثَّمَنِ بِحَيْثُ يَبْقَى مِنْ الثَّمَنِ مَا يَدْفَعُهُ إلَى اثْنَيْنِ مِنْ صِنْفِهِ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ الثمن بكماله حُرِّمَ عَلَيْهِ أَخْذُهُ قَالَ وَهَذَا السُّؤَالُ وَاجِبٌ فِي أَكْثَرِ النَّاسِ فَإِنَّهُمْ لَا يُرَاعُونَ هَذَا إمَّا لِجَهْلٍ وَإِمَّا لِتَسَاهُلٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ تَرْكُ السُّؤَالِ عَنْ مِثْلِ هَذَا إذَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ احْتِمَالُ التَّحْرِيمِ (الرَّابِعَةُ) الْأَفْضَلُ فِي الزَّكَاةِ إظْهَارُ إخْرَاجِهَا لِيَرَاهُ غَيْرُهُ فَيَعْمَلُ عَمَلَهُ وَلِئَلَّا يُسَاءَ الظَّنُّ بِهِ وَهَذَا كَمَا أَنَّ الصَّلَاةَ الْمَفْرُوضَةَ يُسْتَحَبُّ إظْهَارُهَا وَإِنَّمَا يُسْتَحَبُّ الْإِخْفَاءُ فِي نَوَافِلِ الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ (الْخَامِسَةُ) قَالَ الدَّارِمِيُّ فِي الِاسْتِذْكَارِ إذَا أَخَّرَ تَفْرِيقَ الزَّكَاةِ إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ فَمَنْ كَانَ فَقِيرًا أَوْ مِسْكِينًا أَوْ غَارِمًا أَوْ مُكَاتَبًا مِنْ سَنَتِهِ إلَى السَّنَةِ الثَّانِيَةِ خُصُّوا بِصَدَقَةِ الْمَاضِي وَشَارَكُوا غَيْرَهُمْ في الثانية فيعطون من صدقة العامين وَمَنْ كَانَ غَازِيًا أَوْ ابْنَ سَبِيلٍ أَوْ مؤلفا لم يخصوا بشئ (السادسة) لا يجوز دفع القيمة في شئ مِنْ الزَّكَوَاتِ إلَّا فِي مَوَاضِعَ مَخْصُوصَةٍ سَبَقَ بَيَانُهَا فِي آخِرِ بَابِ زَكَاةِ الْغَنَمِ وَاَللَّهُ تعالي اعلم
*
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute