للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةٌ وَتَمَكَّنَ مِنْ أَدَائِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَدَائِهَا عَصَى وَوَجَبَ إخْرَاجُهَا مِنْ تَرِكَتِهِ عِنْدَنَا بِلَا خِلَافٍ وَبِهِ قَالَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ

* وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ تَسْقُطُ عَنْهُ الزَّكَاةُ بِالْمَوْتِ وَهُوَ مَذْهَبٌ عَجِيبٌ فَإِنَّهُمْ يَقُولُونَ الزَّكَاةُ تَجِبُ عَلَى التَّرَاخِي وَتَسْقُطُ بِالْمَوْتِ وَهَذَا طَرِيقٌ إلَى سُقُوطِهَا

* وَدَلِيلُنَا مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَإِذَا اجْتَمَعَ فِي تَرِكَةِ الْمَيِّتِ دَيْنٌ لِلَّهِ تَعَالَى ودين لآدمي كَزَكَاةٍ وَكَفَّارَةٍ وَنَذْرٍ وَجَزَاءِ صَيْدٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ ففيه ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ مَشْهُورَةٍ ذَكَرَهَا الْمُصَنِّفُ بِأَدِلَّتِهَا (أَصَحُّهَا) يُقَدَّمُ دَيْنُ اللَّهِ تَعَالَى (وَالثَّانِي)

دَيْنُ الْآدَمِيِّ (وَالثَّالِثُ) يَسْتَوِيَانِ فَتُوَزَّعُ عَلَيْهِمَا بِنِسْبَتِهِمَا وَحَكَى بَعْضُ الخراسانيين طريقا آخر ان الزَّكَاةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِالْعَيْنِ تُقَدَّمُ قَطْعًا وَإِنَّمَا الْأَقْوَالُ فِي الْكَفَّارَاتِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَسْتَرْسِلُ فِي الذِّمَّةِ مَعَ حُقُوقِ الْآدَمِيِّ وَقَدْ تَكُونُ الزَّكَاةُ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بِأَنْ يَكُونَ لَهُ مَالٌ فَيَتْلَفُ بَعْدَ الْحَوْلِ وَالْإِمْكَانِ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَهُ تِرْكَةٌ فَالزَّكَاةُ هُنَا مُتَعَلِّقَةٌ بِالذِّمَّةِ فَفِيهَا الْأَقْوَالُ

* وَأَجَابُوا عَنْ حُجَّةِ مَنْ قَدَّمَ دَيْنَ الْآدَمِيِّ وَقِيَاسُهُ عَلَى قَتْلِ الرِّدَّةِ وَقَطْعِ السَّرِقَةِ بِأَنَّهُ إنَّمَا قدمنا حق الآمي هُنَاكَ لِانْدِرَاجِ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي ضِمْنِهِ وَحُصُولِ مَقْصُودِهِ وَهُوَ إعْدَامُ نَفْسِ الْمُرْتَدِّ وَيَدِ السَّارِقِ وَقَدْ حَصَلَ بِخِلَافِ الدُّيُونِ وَلِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ وَالْإِسْقَاطِ بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى الْمَالِيَّةِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

* (فَرْعٌ)

فِي مَسَائِلَ تَتَعَلَّقُ بِالْبَابِ (إحْدَاهَا) قَالَ الصَّيْمَرِيُّ وَصَاحِبُ الْبَيَانِ حِكَايَةً عَنْهُ: كَانَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْقَدِيمِ يُسَمِّي مَا يُؤْخَذُ مِنْ الْمَاشِيَةِ صَدَقَةً وَمِنْ الْمُعَشَّرَاتِ عُشْرًا وَمَنْ النَّقْدَيْنِ زَكَاةً فَقَطْ ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ فِي الْجَدِيدِ وَقَالَ يُسَمَّى الْجَمِيعُ صَدَقَةً وَزَكَاةً وَذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ بَابًا فِي قَسْمِ الصَّدَقَاتِ مِنْ سُنَنِهِ تَرْجَمَتُهُ بَابُ الْأَغْلَبِ عَلَى أَفْوَاهِ الْعَامَّةِ أَنَّ فِي التَّمْرِ الْعُشْرَ وَفِي الْمَاشِيَةِ الصَّدَقَةَ وَفِي الْوَرِقِ الزَّكَاةَ قَالَ وَقَدْ سُمِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذَا كُلَّهُ صَدَقَةً قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَالْعَرَبُ تَقُولُ لَهُ صَدَقَةٌ وَزَكَاةٌ وَمَعْنَاهُمَا عِنْدَهُمْ وَاحِدٌ ثُمَّ ذَكَرَ الْبَيْهَقِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَدِيثَ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ " ليس مافى دون خمس ذود صدقه ولا مافى دون خمس أواق صدقة ولا فيم دون خمسة أَوْسُقٍ صَدَقَةٌ " رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَحَدِيثُ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " مَا مِنْ رَجُلٍ يَمُوتُ فَيَتْرُكُ غَنَمًا أَوْ إبِلًا أَوْ بَقَرًا لَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهَا إلَّا جَاءَتْ أَعْظَمَ مَا يكون تطوه بِأَظْلَافِهَا " الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَحَدِيثُ عَتَّابُ بْنُ أَسِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي زَكَاةِ الْكَرْمِ " يُخْرَصُ كَمَا يُخْرَصُ النَّخْلُ ثُمَّ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ زَبِيبًا

<<  <  ج: ص:  >  >>