للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَنْهُمَا صَلَّاهَا قَاعِدًا بِالتَّيَمُّمِ وَأَجْزَأَتْهُ وَلَوْ فَاتَتْهُ وَهُوَ عَاجِزٌ عَنْهُمَا فَقَضَاهَا وَهُوَ قَادِرٌ لَزِمَهُ القيام والوضوء: والجواب عن قياسهم علي النوفل أَنَّهُ يَجُوزُ تَرْكُهَا مُطْلَقًا وَالْمَكْتُوبَةُ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا مُطْلَقًا بِالْإِجْمَاعِ وَلِأَنَّهُ يُنْتَقَضُ بِمَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ فِي يَوْمِ كَذَا فَلَهُ ان يصليها في أي وقت منه شاء فلو صلاها فِي أَوَّلِهِ وَقَعَتَا فَرْضًا: قَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي الْأَسَالِيبِ الْوَجْهُ أَنْ نَقُولَ لَهُمْ أَتُسَلِّمُونَ الْوَاجِبَ الْمُوَسَّعَ أَمْ تُنْكِرُونَهُ فَإِنْ أَنْكَرُوهُ أَقَمْنَا عَلَيْهِ قَوَاطِعَ الْأَدِلَّةِ وَالْقَوْلُ الْوَجِيزُ فِيهِ أَنَّ الْمَعْنِيَّ بِالْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ أَنْ يَقُولَ الشَّارِعُ قَدْ أَوْجَبْتُ عَلَيْكَ تَحْصِيلَ هَذَا الْفِعْلِ وَضَرَبْتُ لِتَحْصِيلِكَ إيَّاهُ هَذَا الْأَمَدَ فَمَتَى فَعَلْتَهُ فِيهِ فِي أَوَّلِهِ أَوْ آخِرِهِ فَقَدْ امْتَثَلْتَ مَا أَمَرْتُكَ بِهِ فَهَذَا غَيْرُ مُنْكَرٍ عَقْلًا وَلَهُ نَظَائِرُ ثَابِتَةٌ بِالِاتِّفَاقِ كَالْكَفَّارَاتِ وَقَضَاءِ الصَّلَوَاتِ الْمَنْسِيَّاتِ وَالصَّوْمِ الْمَتْرُوكِ بِعُذْرٍ وَإِنْ اعْتَرَفُوا بِالْوَاجِبِ الْمُوَسَّعِ قُلْنَا لَهُمْ الْمُكَلَّفُ مَأْمُورٌ بِتَحْصِيلِ الصَّلَاةِ فِي وَقْتٍ مُوَسَّعٍ وَمَتَى أَوْقَعَهَا فِيهِ سَقَطَ عَنْهُ الْفَرْضُ وعبادات البدن لا تصح قبل وقت وُجُوبِهَا فَإِنْ قَالُوا لَوْ وَجَبَتْ لَعَصَى بِتَأْخِيرِهَا عن أول الوقت قلنا هذه صفة الواجب الْمُضَيَّقِ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ هَذَا وَاجِبٌ مُوَسَّعٌ كَالْكَفَّارَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

*

(فَرْعٌ)

إذَا دَخَلَ وَقْتُ الصَّلَاةِ وَأَرَادَ تَأْخِيرَهَا إلَى أَثْنَاءِ الْوَقْتِ أَوْ آخره هل يلزمه العزم علي فعلها فيه وَجْهَانِ مَشْهُورَانِ لِأَصْحَابِنَا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ وَمِمَّنْ ذَكَرَهُمَا الْمُصَنِّفُ فِي اللُّمَعِ وَمِمَّنْ ذَكَرَهُمَا فِي كُتُبِ الْمَذْهَبِ صَاحِبُ الْحَاوِي أَحَدُهُمَا لَا يَلْزَمُهُ الْعَزْمُ وَالثَّانِي يَلْزَمُهُ فَإِنْ أَخَّرَهَا بِلَا عَزْمٍ وَصَلَّاهَا فِي الْوَقْتِ أَثِمَ وَكَانَتْ أَدَاءً وَالْوَجْهَانِ جَارِيَانِ فِي كُلِّ وَاجِبٍ مُوَسَّعٍ وَجَزَمَ الْغَزَالِيُّ فِي الْمُسْتَصْفَى بِوُجُوبِ الْعَزْمِ وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ فَإِنْ قِيلَ قَوْلُهُ صَلِّ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْعَزْمِ فَإِيجَابُهُ زِيَادَةٌ عَلَى مُقْتَضَى الصِّيغَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ غَفَلَ عَنْ الْعَزْمِ وَمَاتَ فِي وَسَطِ الْوَقْتِ لَمْ يَكُنْ عَاصِيًا قُلْنَا قَوْلُكُمْ لَوْ غَفَلَ عَنْ الْعَزْمِ لَا يَكُونُ عَاصِيًا صَحِيحٌ وَسَبَبُهُ أَنَّ الْغَافِلَ لَا يُكَلَّفُ أَمَّا إذَا لَمْ يَغْفُلْ عَنْ الْأَمْرِ فَلَا يُتْرَكُ الْعَزْمُ إلَّا بِضِدِّهِ وَهُوَ الْعَزْمُ علي الترك مطلقا وهذا حرام ومالا خَلَاصَ مِنْ الْحَرَامِ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ فَهَذَا الدَّلِيلُ عَلَى وُجُوبِهِ وَإِنْ لَمْ يَدُلَّ بِمُجَرَّدِ الصِّيغَةِ مِنْ حَيْثُ وَضْعُ اللِّسَانِ لَكِنَّ دَلِيلَ الْعَقْلِ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الصِّيغَةِ وَاَللَّهُ اعلم

*

<<  <  ج: ص:  >  >>