للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

لِمَا تَمَسَّك بِهِ بِأَنْ تَمَسَّك بِدِينٍ بُدِّلَ فَفِي قَتْلِهِ ثُلُثُ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ (وَدُونَهُ) أَيْ: التَّبْدِيلِ بِأَنْ تَمَسَّك بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ يَجِبُ بِقَتْلِهِ (وَاجِبُ ذَاكَ الدِّينِ) ؛ لِأَنَّهُ بِذَلِكَ ثَبَتَ لَهُ نَوْعُ عِصْمَةٍ فَأُلْحِقَ بِالْمُؤْمِنِ مِنْ أَهْلِ دِينِهِ وَقَوْلُهُ: مِنْ رَسُولٍ صِلَةُ دَعْوَةٍ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (وَقِيلَ هُمْ) أَيْ: مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُمْ دَعْوَةُ نَبِيِّنَا (قَوْمٌ) مِنْ الْيَهُودِ (وَرَاءَ الصِّينِ) لَمْ يُحَرِّفُوا شَرِيعَتَهُمْ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِهِ فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ دِيَةِ دِينِهِ قَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ: يَجِبُ أَخَسُّ الدِّيَاتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُتَيَقَّنُ قَالَ: وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ، أَوْ الْكُفْرِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ:، وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ أَنْ لَا ضَمَانَ إذْ لَا وُجُوبَ بِالِاحْتِمَالِ وَفِيمَا قَالَهُ نَظَرٌ ظَاهِرٌ بَلْ، وَالْأَشْبَهُ بِالْمَذْهَبِ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنْ يَجِبَ أَخَسُّ الدِّيَاتِ وَيُرَاعَى فِيمَا ذُكِرَ التَّغْلِيظُ، وَالتَّخْفِيفُ فَفِي دِيَةِ الذِّمِّيِّ الْمُغَلَّظَةِ عَشْرُ حِقَاقٍ وَعَشْرُ جِذَاعٍ وَثَلَاثَ عَشْرَةَ خِلْفَةً وَثُلُثٌ

(وَالطِّفْلُ كَالْأَكْثَرِ مِنْ أُمٍّ وَأَبٍ يُودَى) أَيْ: تُعْطَى دِيَتُهُ كَأَكْثَرِ أَبَوَيْهِ دِيَةً؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتْبَعُ أَشْرَفَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا، وَالضَّمَانُ يَغْلِبُ فِيهِ جَانِبُ التَّغْلِيظِ فَفِي التَّوَلُّدِ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَكِتَابِيَّةٍ دِيَةُ مُسْلِمٍ وَبَيْنَ كِتَابِيٍّ وَمَجُوسِيَّةٍ، أَوْ عَكْسِهِ دِيَةُ كِتَابِيٍّ (وَتَقْوِيمُ الْأَرِقَّاءِ وَجَبْ) لِيُعْرَفَ بِهِ قِيمَةُ الرَّقِيقِ الْمُتْلَفِ وَعِبَارَةُ الْحَاوِي وَلِلرَّقِيقِ الْقِيمَةُ

ــ

[حاشية العبادي]

قَوْلُهُ: بِدِينٍ بُدِّلَ) هَلْ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ مُبَدَّلٌ؟ (قَوْلُهُ: وَاجِبُ ذَاكَ الدِّينِ) أَيْ: مَا نُوجِبُهُ فِي الْمَقْتُولِ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الدِّينِ لَا مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الدِّينُ فِي ذَلِكَ الْقَتْلِ حَتَّى يَكُونَ الْعَمَلُ بِحُكْمِ ذَلِكَ الدِّينِ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَنَا الشِّهَابَ قَالَ: الْمُرَادُ فِيمَا يَظْهَرُ وَاجِبُ ذَلِكَ الدِّينِ فِيمَا يَرَاهُ شَرْعُنَا اهـ.

قَالَ فِي شَرْحِ الْمَنْهَجِ: فَإِنْ كَانَ كِتَابِيًّا فَدِيَةُ كِتَابِيٍّ، أَوْ مَجُوسِيًّا فَدِيَةُ مَجُوسِيٍّ اهـ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ قَدْرُ دِيَةِ دِينِهِ) بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ عَيْنُ دِيَتِهِ بَعْدَ الْعِلْمِ بِتَمَسُّكِهِ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ كَأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ كِتَابِيٌّ، أَوْ مَجُوسِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ لَمْ يُعْلَمْ هَلْ بَلَغَتْهُ الدَّعْوَةُ) أَيْ: مِمَّنْ لَا أَمَانَ لَهُ هَكَذَا يَظْهَرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ وَإِلَّا فَقَدْ سَبَقَ أَنَّ نَحْوَ عَابِدِ الْوَثَنِ مَضْمُونٌ إذَا كَانَ لَهُ أَمَانٌ ثُمَّ يَسْتَشْكِلُ هَذَا الْكَلَامُ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَنَّ عَدَمَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ يُوجِبُ عَدَمَ الضَّمَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ الشَّرْعِ عَلَى الْكُفْرِ وَيُؤَيِّدُ إرَادَةَ ذَلِكَ قَوْلُ الشَّارِحِ بَلْ الْأَشْبَهُ الضَّمَانُ؛ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ مَعَ أَنَّ عَدَمَ بُلُوغِ الدَّعْوَةِ يَقْتَضِي الضَّمَانَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّ مَنْ لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ أَصْلًا يُضْمَنُ بِثُلُثِ خُمُسِ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَمَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِ نَبِيِّنَا يُضْمَنُ تَارَةً بِثُلُثِ الْخُمُسِ وَأُخْرَى بِوَاجِبِ أَصْلِ دِينِهِ عَلَى التَّفْصِيلِ السَّابِقِ فَمَا مَحْمَلُ هَذَا الْكَلَامِ فَلْيُتَأَمَّلْ وَكَتَبَ أَيْضًا هَذَا يُفَارِقُ مَنْ عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ كَمَا تَقَدَّمَ بِتَحَقُّقِ عُذْرِ ذَاكَ دُونَ هَذَا الِاحْتِمَالِ أَنَّهُ بَلَغَتْهُ وَعَانَدَ

ــ

[حاشية الشربيني]

الْإِعْلَامِ، وَالدُّعَاءِ لِلْإِسْلَامِ اهـ.

شَرْحُ الْإِرْشَادِ لِحَجَرٍ وَلِذَا أَلَمْ يُشْتَرَطْ الْأَمَانُ هُنَا بِخِلَافِ الْيَهُودِيِّ، وَالنَّصْرَانِيِّ وَمَا بَعْدَهُمَا؟ فَإِنَّ مَنْ لَا أَمَانَ لَهُ مِنْ هَؤُلَاءِ يُهْدَرُ (قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَتْهُ مِنْ رَسُولٍ وَلَمْ تَبْلُغْهُ مِنَّا) عِبَارَةُ الْإِرْشَادِ وَشَرْحِهِ وَبَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِ رَسُولِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ غَيْرِنَا لَا مِنَّا اهـ.

وَكَأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ بُلُوغِهَا مِنَّا أَيْ مِنْ رَسُولِنَا لَا أَنَّهُ إذَا بَلَغَتْهُ مِنْ رَسُولِنَا لَزِمَ أَنْ تَبْلُغَهُ دَعْوَةُ رَسُولِنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَتَأَمَّلْهُ وَمَعَ هَذَا فَعِبَارَةُ الشَّرْحِ هِيَ الْوَاضِحَةُ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَسَّكَ إلَخْ) اُنْظُرْ مَنْ بَلَغَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِهِ وَكَذَا مَنْ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ غَيْرِ نَبِيِّنَا وَلَمْ يَتَمَسَّكْ بِمَا بَلَغَهُ وَهُوَ غَيْرُ مُبَدِّلٍ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ قَتْلُهُ كَمَا هُوَ وَمُقْتَضَى عِبَارَةِ الرَّوْضَةِ الَّتِي بِأَسْفَلِ الْهَامِشِ (قَوْلُهُ: بِأَنْ تَمَسَّكَ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) يُحْتَمَلُ تَمَسَّكَ هُوَ، أَوْ مَنْ يُنْسَبُ هُوَ إلَيْهِ بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ كَمَا قِيلَ بِهِ فِي حِلِّ الْمُنَاكَحَةِ اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ عِنْدَ أَهْلِهِ، أَوْ بِاعْتِبَارِ اعْتِقَادِهِ بِأَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ نَاسِخٌ اهـ.

ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: بِدِينٍ لَمْ يُبَدَّلْ) أَيْ تَمَسَّكَ بِمَا لَمْ يُبَدَّلْ مِنْ ذَلِكَ الدِّينِ الْمُبَدَّلِ كَذَا قَالَ م ر: وَظَاهِرُ مَا مَرَّ أَنَّ الذِّمِّيَّ دِيَتُهُ ثُلُثُ دِيَةِ الْمُسْلِمِ وَإِنْ تَمَسَّكَ بِالْمُبَدَّلِ وَلَعَلَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ هَذَا أَنَّ لَهُ ذِمَّةً بِخِلَافِ هَذَا (قَوْلُهُ: قَوْمٌ مِنْ الْيَهُودِ وَرَاءَ الصِّينِ) قِيلَ هُمْ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمِنْ قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ} [الأعراف: ١٥٩] اهـ.

طَاوُوسِيٌّ عَلَى الْحَاوِي (قَوْلُهُ: بِنَاءً عَلَى أَنَّ النَّاسَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر عَلَى الْمِنْهَاجِ وَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ النَّاسَ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ عَلَى أَصْلِ الْإِيمَانِ حَتَّى آمَنُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>