وروت أم حبيبة، أن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال:«كلام ابن آدم كله عليه لا له، إلا ما كان من أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو ذكر لله» .
وروي أن رجلا قال لسفيان: ما أشد هذا الحديث، فقال سفيان: ألم تسمع قول الله: {لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ}[النساء: ١١٤] ، فهذا هو بعينه.
ثم أعلم الله أن ذلك إنما ينفع من ابتغى ما عند الله، فقال:{وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا}[النساء: ١١٤] ثوابا لا حد له.
قوله جل جلاله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ}[النساء: ١١٥] الآية، قال ابن عباس: ثم حكم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على طعمة بالقطع، فهرب ولحق بالمشركين، فنزل قوله:{وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ}[النساء: ١١٥] أي: خالفه، {مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى}[النساء: ١١٥] ظهر له أن دين الله الإسلام، وأن ما أتى به محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حق وصدق، {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ١١٥] غير دين الموحدين.
وذلك أن طعمة ترك دين الإسلام، وخالف المسلمين، {نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى}[النساء: ١١٥] ندعه وما اختار لنفسه، ونصله جهنم: ندخله إياها، وساءت مصيرا: ساءت جهنم موضعا يصار إليه.
قوله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}[النساء: ١١٦] مضى الكلام في هذه الآية في هذه ال { [.