قوله:{فَتَبَيَّنُوا}[النساء: ٩٤] يقال: تبينت الأمر، أي: تأملته وتثبت فيه، ومنه قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«ألا إن التبين من الله، والعجلة من الشيطان، فتبينوا» .
وقرئ فتثبتوا، والمعنيان متقاربان.
{وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ}[النساء: ٩٤] أي: لا تقولوا لمن حياكم بهذه التحية: لست مؤمنا، فتقتلوه وتأخذوا ماله.
ومن قرأ السلم أراد الانقياد والاستسلام للمسلمين، ومنه قوله:{وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ}[النحل: ٨٧] أي: استسلموا لأمره، وقوله:{تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا}[النساء: ٩٤] جميع متاع الدنيا عرض، يقال: إن الدنيا حاضر.
قال ابن عباس: يعني الغنائم، {فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ}[النساء: ٩٤] يعني: ثوابا كثيرا لمن ترك قتل من ألقى إليه السلام، {كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}[النساء: ٩٤] قال سعيد بن جبير: كنتم تكتمون إيمانكم في المشركين، فمن الله عليكم بإظهار الإسلام.
وقال قتادة: كنتم ضلالا فمن الله عليكم بالإسلام وهداكم له.
ثم أعاد الأمر بالتبين، فقال:{فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا}[النساء: ٩٤] قال عطية العوفي: هو خبير أنكم قتلتموه على ماله.
قال ابن عباس: ثم استغفر رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأسامة بن زيد وأمره أن يعتق رقبة.