للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفرأيت مَن أوعده الله على عمل عقابا، أيخلف الله وعده فيه؟ فقال أبو عمرو بن العلاء من العجمة: أتيت يا أبا عثمان؟ إن الوعد غير الوعيد، إن العرب لا تعد عارا ولا خلفا أن تعد شرا ثم لا تفعله، ترى ذلك كرما وفضلا، وإنما الخلف أن تعد خيرا ثم لا تفعله.

قال: فأوجدني هذا في العرب.

قال: أما سمعت قول الأول:

وإني وإن أوعدته أو وعدته ... لمخلف ايعادي ومنجز موعدي

والذي ذكره أبو عمرو بن العلاء رحمه الله مذهب الكرام، ويستحسن عند كل أحد خلف الوعيد كما قال السري الموصلي:

إذا وعد السر أنجز وعده ... وإن أوعد الشر فالعفو مانعه

وأحسن يحيى بن معاذ في هذا الفصل حيث قال: الوعد والوعيد حق، فالوعد حق العباد على الله، ضمن لهم إذا فعلوا كذا أن يعطيهم كذا، ومن أولى بالوفاء من الله؟ والوعيد حقه على العباد، قال: لا تفعلوا كذا فأعذبكم ففعلوا فإن شاء عفا وإن شاء أخذ، لأنه حقه، وأولاهما بربنا الكرم والعفو إنه غفور رحيم.

{يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُوا إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النساء: ٩٤] قوله عز وجل: {يَأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [النساء: ٩٤] أي: سرتم وغزوتم، نزلت في أسامة بن زيد وأصحابه، بعثهم رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سرية، فلقوا رجلا كان قد انحاز بغنم له إلى جبل، وكان قد أسلم، فقال لهم: السلام عليكم، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، فبدر إليه أسامة فقتله واستاقوا غنمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>