فإن الحيرة في جانب المسند إليه تشويق إلى معرفة مَن وقعت عليه، وتعلقت
به وهو المسند. وهذا يُمكَن الخبر في الذهن حيث قد هُيِئَ له، وأثير الشعور
نحوه.
وإما لغرابة صفته إن كان موصوفاً. كالتصرف في المثال السابق: الشيء
الجالب للحيرة حيوان مستحدث من جماد.
وإما لكونه ضمير شأن أو قصة. كقوله تعالى: (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١) .
وقوله: (فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ) . لأن ضمير الشأن والقصة - بما
فيهما من الإبهام - يشوقان السامع إلى البيان الذي يتكفل به المسند وذلك من دواعي التمكنِ.
٣، ٤ - وإما لتعجيل المسرة أو المساءة كقولك: سعيد في دارك.
والسفاح فى دار صديقك.
٥ - وإما لإيهام أنه لا يزول عن الخاطر، فهو إلى الذكر أقرب.
وذلك الإيهام إما لكونه مطلوباً في نفسه كقول الجائع العطشان:
الرَغيف والماء أجمل ما تحت السماء، وإما لكونه مستلذاً استلذاذاً حسياً كقول جميل:
بُثَيْنَةُ مَا فِيهَا إذا ما تُبُصِّرَتْ. . . مَعَابٌ وَلاَ فِيهَا إذا نُسبَتْ أشَبُ
أى هي الوسيمة الأصيلة فالتقديم لما ذكرناه.
٦، ٧ - وإما للمبادرة إلى إظهار تعظيمه أو تحقيره إذا كان اللفظ مشعِراً
بهما - إما بذاته - وقد مثلوا لهما بأمثلة مصنوعة.
وفي القرآن ما يغنيهم عن هذه الصناعة.
كقوله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ) .