للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٤) ظهور آثار أسماء الله المتضمنة لحكمته وأنه يضع الأمور في مواضعها فهو حكيم يضع الشيء في موضعه، وهل في تقدير الذنب على الإنسان ووسوسة الشيطان له حتى أغواه حكمة؟

نعم حكمة ليس بعدها حكمة. كيف هذا؟

الإنسان لو لم يكن له شيطان يزين له أحياناً بعض أنواع الإثم والعصيان ليقع فيها وليرتكبها لربما ظن نفسه أنه ند لله وأنه شريك لله وأنه يساوي الله وأنه أفضل من النبيين أفضل من الملائكة المقربين لكنه عندما يعصي ربه يحصل له انكسار ويصبح في قلبه من الفقر والالتجاء والمسكنة ما به يدخل على ربه ولذلك لولا المعصية لوقع الناس فيما هو أكبر منها وهو الكبر والعجب والغرور ويرى أن السموات والأرض لا تسعه مع أن عبادته قد تكبه على وجهه في جهنم، وعبادة ٥٠٠ عام ما وفّت بنعمة البصر كما تقدم معنا، ولو حاسب الله خير خلقه عليه الصلاة والسلام مع روح الله عيسى بن مريم على أصبعين فقط الإبهام والسبابة لعذبهما ربهما ثم لم يظلمهما، فمن أنت؟!! لكن الإنسان يغفل عن نفسه وعن العيوب التي في طاعاته فيقع أحياناً في بعض المعاصي الظاهرة من نظر حرام ومن غناء، أو كلمة باطلة، فمثل هذه المعاصي وغيرها كسرت قلبه.

وقد ثبت في مسند البزار وشعب الإيمان للبيهقي بسند صحيح جيد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [لو لم تكونوا تذنبون لخفت عليكم ما هو أكبر من الذنب، العُجْبَ العُجْبَ] أي أخاف عليكم العجب، حقيقة العجب مهلك للإنسان، لا طاعة أعظم من انكسار النفس والتذلل بين يدي الله، ولا معصية أشنع من إعجاب المرء بنفسه ورأيه، والعجب هو معصية إبليس.

ولذلك إذا ابتلي الإنسان بشيء من المعاصي فإذا جاءه الشيطان ليوسوس له بالعُجب وأنه يعبد الله ولم يعصه يقول: يا نفس تذكري يوم كذا ماذا عملت واستحي من الله وقفي عند حدك، والمجاهد من جاهد نفسه في الله جل وعلا.