من التكلفات مشكلة لان احتجاج المؤمنين على المنافقين لا يتصور في الدنيا فانهم مستسلمون فى الظاهر لا يتصور معهم الخصومة الا في الاخرة- وقيل انهم أخبروا المؤمنين بما عذبهم الله على الجنايات فقال بعضهم لبعض أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ اى بما انزل الله عليكم من العذاب نظيره قوله تعالى لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ اى أنزلنا عليهم لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ اى ليرووا الكرامة لانفسهم عليكم عند ربكم قال الله تعالى أَفَلا تَعْقِلُونَ (٨٦) ايها الحمقاء من اليهود ان احتجاج المؤمنين عليكم عند الله لا يتوقف على تحديثكم به في الدنيا- او خطاب للمؤمنين متصل بقوله تعالى أَفَتَطْمَعُونَ او كان من تمام كلام اللائمين وتقديره أَفَلا تَعْقِلُونَ انهم يحاجوكم.
أَوَلا يَعْلَمُونَ هؤلاء اللائمين أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ (٧٧) فاخفاؤهم نعت محمد صلى الله عليه وسلم لا يدفع عنهم الاحتجاج- ويحتمل ان يكون ضمير يعلمون الى المنافقين فان نفاقهم وان كان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون لا يعلمونه فا الله يعلمه ويجازيهم عليه- او الى اليهود أجمعين فان الله تعالى يعلم اسرار بعضهم بالكفر وإعلان بعضهم وإخفاء نعت محمد صلى الله عليه وسلم وتحريف الكلم وسائر ما يعملون من موجبات غضب الله وعذابه في السر والعلانية.
وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ اى جهاتهم لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ التورية إِلَّا أَمانِيَّ استثناء منقطع- والأماني جمع امنية وهى في الأصل ما يقدّره الإنسان في نفسه من منىّ والمراد الأكاذيب التي افتروها أحبارهم كذا قال مجاهد وقتادة- قال الفراء الأماني الأحاديث المفتعلة ومنه قول عثمان رضى الله عنه ما تمنيت منذ أسلمت اى ما كذبت- او المراد الّا ما تمناه أنفسهم من غير حجة مثل قولهم لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى - وقولهم- لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ كذا قال الحسن وابو العالية- او المراد به الا ما يقرءون الكتاب بألسنتهم غير عارفين بمعاني الكتاب منه قوله تعالى إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ كذا قال ابن عباس- قرا ابو جعفر أماني بتخفيف الياء في كل القران والباقون بالتشديد وَإِنْ هُمْ ما هم إِلَّا قوم يَظُنُّونَ (٨٨) بالتقليد لا علم عندهم.
فَوَيْلٌ اى تحسر وهلك قال الزجاج ويل كلمة يقولها كل واقع في هلكة- وقال ابن عباس شدة العذاب- وقال سعيد بن المسيب ويل واد في جهنم لو سيرت فيه جبال جهنم لانماغت ولذابت من شده حره- وروى البغوي بسنده عن ابى سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال