(وَمَنْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ فَأَنْزَلَ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) لِوُجُودِ الْجِمَاعِ مَعْنًى (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِانْعِدَامِهِ صُورَةً
(وَلَيْسَ فِي إفْسَادِ صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ كَفَّارَةٌ) لِأَنَّ الْإِفْطَارَ فِي رَمَضَانَ أَبْلَغُ فِي الْجِنَايَةِ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ.
(وَمَنْ احْتَقَنَ أَوْ اسْتَعَطَ أَوْ أَقْطَرَ فِي أُذُنِهِ أَفْطَرَ) لِقَوْلِهِ ﷺ «الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ»
وَلَا يَجْزِي أَحَدًا بَعْدَكَ» فَلَمْ يُرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِهِ، وَكَذَا لَمْ يُوجَدْ فِيهَا لَفْظُ الْفَرْقِ بِالْفَاءِ بَلْ بِالْعَيْنِ. وَهُوَ مِكْتَلٌ يَسَعُ خَمْسَةَ عَشَرَ صَاعًا عَلَى مَا قِيلَ. قُلْنَا: وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ أَخَّرَ عَنْهُ إلَى الْمَيْسَرَةِ إذْ كَانَ فَقِيرًا فِي الْحَالِ عَاجِزًا عَنْ الصَّوْمِ بَعْدَمَا ذَكَرَ لَهُ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ. كَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ.
وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ خُصُوصِيَّةٌ لِأَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ «فَقَدْ كَفَّرَ اللَّهُ عَنْكَ»، وَلَفْظُ وَأَهْلَكْت لَيْسَ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ، لَكِنْ أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ أَبِي ثَوْرٍ: حَدَّثَنَا مُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ. حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ «جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ» الْحَدِيثَ.
قَالَ: تَفَرَّدَ أَبُو ثَوْرٍ عَنْ مُعَلَّى بْنِ مَنْصُورٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ بِقَوْلِهِ " وَأَهْلَكْت " وَأَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ عَنْ جَمَاعَةٍ عَنْ الْأَوْزَاعِيِّ عَنْ الزُّهْرِيِّ وَفِيهِ " وَأَهْلَكْت ". وَقَالَ: ضَعَّفَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَاكِمُ هَذِهِ اللَّفْظَةَ، وَكَافَّةُ أَصْحَابِ الْأَوْزَاعِيِّ رَوَوْهُ عَنْهُ دُونَهَا. وَاسْتَدَلَّ الْحَاكِمُ عَلَى أَنَّهَا خَطَأٌ بِأَنَّهُ نَظَرَ فِي كِتَابِ الصَّوْمِ تَصْنِيفِ ابْنِ مَنْصُورٍ فَوَجَدَ فِيهِ هَذَا الْحَدِيثَ دُونَ هَذِهِ اللَّفْظَةِ وَأَنَّ كَافَّةَ أَصْحَابِ سُفْيَانَ رَوَوْهُ دُونَهَا
(قَوْلُهُ وَمَنْ جَامَعَ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ) أَرَادَ بِالْفَرْجِ كُلًّا مِنْ الْقُبُلِ وَالدُّبُرِ فَمَا دُونَهُ حِينَئِذٍ التَّفْخِيذُ وَالتَّبْطِينُ، وَعَمَلُ الْمَرْأَتَيْنِ أَيْضًا كَعَمَلِ الرِّجَالِ جِمَاعٌ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ لَا قَضَاءَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا إلَّا إذَا أَنْزَلَتْ، وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الْإِنْزَالِ
(قَوْلُهُ فَلَا يَلْحَقُ بِهِ غَيْرُهُ) فِي لُزُومِ الْكَفَّارَةِ بِإِفْسَادِهِ إذْ الْقِيَاسُ مُمْتَنِعٌ، وَكَذَا الدَّلَالَةُ لِأَنَّ إفْسَادَ صَوْمِ غَيْرِ رَمَضَانَ لَيْسَ فِي مَعْنَى إفْسَادِ صَوْمِ رَمَضَانَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ بَلْ ذَاكَ أَبْلَغُ فِي الْجِنَايَةِ لِوُقُوعِهِ فِي شَرَفِ الزَّمَانِ، وَلُزُومُ إفْسَادِ الْحَجِّ النَّفْلِ وَالْقَضَاءِ بِالْجِمَاعِ لَيْسَ إلْحَاقًا بِفَسَادِ الْحَجِّ الْفَرْضِ، بَلْ هُوَ ثَابِتٌ ابْتِدَاءً بِعُلُومِ نَصِّ الْقَضَاءِ وَالْإِجْمَاعِ
(قَوْلُهُ أَوْ أَقْطَرَ فِي أُذُنِهِ) سَيُقَيِّدُهُ بِمَا إذَا كَانَ دُهْنًا (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ ﵊ «الْفِطْرُ مِمَّا دَخَلَ») رَوَى أَبُو يَعْلَى الْمُوصِلِيُّ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ؛ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنْ رَزِينٍ الْبَكْرِيِّ قَالَ: حَدَّثَتْنَا مَوْلَاةٌ لَنَا يُقَالُ لَهَا سَلْمَى مِنْ بَكْرِ بْنِ وَائِلٍ أَنَّهَا سَمِعَتْ «عَائِشَةَ ﵂ تَقُولُ: دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ هَلْ مِنْ كِسْرَةٍ؟ فَأَتَيْتُهُ بِقُرْصٍ فَوَضَعَهُ عَلَى فِيهِ، فَقَالَ: