اعْتِبَارًا بِالِاغْتِسَالِ، وَهَذَا لِأَنَّ قَضَاءَ الشَّهْوَةِ يَتَحَقَّقُ دُونَهُ وَإِنَّمَا ذَلِكَ شِبَعٌ، وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀: أَنَّهُ لَا تَجِبُ
الْأَخِيرِ فَقَطْ تَعَيَّنَ الْأَخِيرُ لِلْقَضَاءِ لِلَغْوِ جَمْعِ الْكَفَّارَةِ إذْ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ، وَلَوْ وَقَعَ ذَلِكَ فِي أَثْنَاءِ الْمُدَّةِ تَعَيَّنَ الْيَوْمُ الَّذِي نَوَى كَذَلِكَ لِلْقَضَاءِ، وَبَطَلَ مَا قَبْلَهُ، وَإِنْ كَانَ تِسْعَةً وَخَمْسِينَ يَوْمًا لِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ فِي الْكَفَّارَةِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الِاسْتِئْنَافُ. وَلَوْ جَامَعَ مِرَارًا فِي أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَاحِدٍ وَلَمْ يُكَفِّرْ كَانَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، فَلَوْ جَامَعَ فَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ أُخْرَى فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.
وَرَوَى زُفَرُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: إنَّمَا عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ جَامَعَ فِي رَمَضَانَيْنِ فَعَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ، وَإِنْ لَمْ يُكَفِّرْ لِلْأَوَّلِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَعَنْ مُحَمَّدٍ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَكَذَا رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀، وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ تَتَكَرَّرُ فِي الْكُلِّ لِتَكَرُّرِ السَّبَبِ، وَلَنَا إطْلَاقُ جَوَابِهِ ﵊ لِلْأَعْرَابِيِّ بِإِعْتَاقِ رَقَبَةٍ، وَإِنْ كَانَ قَوْلُهُ " وَقَعْت عَلَى امْرَأَتِي " يَحْتَمِلُ الْوَحْدَةَ وَالْكَثْرَةَ وَلَمْ يَسْتَفْسِرْهُ، فَدَلَّ أَنَّ الْحُكْمَ لَا يَخْتَلِفُ، وَلِأَنَّ مَعْنَى الزَّجْرِ مُعْتَبَرٌ فِي هَذِهِ الْكَفَّارَةِ بِدَلِيلِ اخْتِصَاصِهَا بِالْعَمْدِ وَعَدَمِ الشُّبْهَةِ بِخِلَافِ سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ، وَالزَّجْرُ يَحْصُلُ بِكَفَّارَةٍ وَاحِدَةٍ بِخِلَافِ مَا إذَا جَامَعَ فَكَفَّرَ ثُمَّ جَامَعَ لِلْعِلْمِ بِأَنَّ الزَّجْرَ لَمْ يَحْصُلْ بِالْأَوَّلِ، وَلَوْ أَفْطَرَ فِي يَوْمٍ فَأَعْتَقَ ثُمَّ أَفْطَرَ فِي آخَرَ فَأَعْتَقَ ثُمَّ فِي آخَرَ فَأَعْتَقَ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْمُتَأَخِّرَ يَجْزِيهِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الرَّقَبَةُ الثَّالِثَةُ فَعَلَيْهِ إعْتَاقُ وَاحِدَةٍ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ لَا يُجْزِي عَمَّا تَأَخَّرَ.
وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الثَّانِيَةُ أَيْضًا فَعَلَيْهِ وَاحِدَةٌ لِلثَّانِي وَالثَّالِثِ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى أَيْضًا فَكَذَلِكَ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ بِالِاسْتِحْقَاقِ يُلْتَحَقُ بِالْعَدَمِ وَجُعِلَ كَأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ وَقَدْ أَفْطَرَ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَمْ يُكَفِّرْ بِشَيْءٍ فَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَوْ اُسْتُحِقَّتْ الْأُولَى وَالثَّالِثَةُ دُونَ الثَّانِيَةِ أَعْتَقَ وَاحِدَةً لِلثَّالِثَةِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ كَفَتْ عَنْ الْأُولَى، وَالْأَصْلُ أَنَّ الثَّانِيَ يَجْزِي عَمَّا قَبْلَهُ لَا عَمَّا بَعْدَهُ، وَلَوْ أَفْطَرَ وَهُوَ مُقِيمٌ بَعْدَ النِّيَّةِ فَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ ثُمَّ فِي يَوْمِهِ سَافَرَ لَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ، وَلَوْ مَرِضَ فِيهِ سَقَطَتْ لِأَنَّ الْمَرَضَ مَعْنًى يُوجِبُ تَغَيُّرَ الطَّبِيعَةِ إلَى الْفَسَادِ وَيَحْدُثُ أَوَّلًا فِي الْبَاطِنِ ثُمَّ يَظْهَرُ أَثَرُهُ فَلَمَّا مَرِضَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ ظَهَرَ أَنَّهُ كَانَ الْمُرَخِّصُ مَوْجُودًا وَقْتَ الْفِطْرِ فَمَنَعَ انْعِقَادَهُ مُوجِبًا لِلْكَفَّارَةِ.
أَوْ نَقُولُ: وُجُودُ أَصْلِهِ شُبْهَةٌ، وَهَذِهِ الْكَفَّارَةُ لَا تَجِبُ مَعَهَا، أَمَّا السَّفَرُ فَبِنَفْسِ الْخُرُوجِ الْمَخْصُوصِ فَيَقْتَصِرُ عَلَى الْحَالِ فَلَمْ يَظْهَرْ الْمَانِعُ حَالَ الْفِطْرِ، وَلَوْ أَفْطَرَتْ ثُمَّ حَاضَتْ أَوْ نَفِسَتْ لَا كَفَّارَةَ لِأَنَّ الْحَيْضَ دَمٌ يَجْتَمِعُ فِي الرَّحِمِ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَتَهَيَّأَ لِلْبُرُوزِ فَلَمَّا بَرَزَ مِنْ يَوْمِهِ ظَهَرَ تَهَيُّؤُهُ وَيَجِبُ الْفِطْرُ، أَوْ تَهَيُّؤُ أَصْلِهِ فَيُوَرِّثُ الشُّبْهَةَ، وَلَوْ سَافَرَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ مُكْرَهًا لَا تَسْقُطُ الْكَفَّارَةُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ خِلَافًا لِزُفَرَ، وَلَوْ جَرَحَ نَفْسَهُ فَمَرِضَ مَرَضًا مُرَخِّصًا اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَالْمُخْتَارُ لَا تَسْقُطُ لِأَنَّ الْمَرَضَ مِنْ الْجُرْحِ، وَأَنَّهُ وُجِدَ مَقْصُورًا عَلَى الْحَالِ فَلَا يُؤَثِّرُ فِي الْمَاضِي (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا ذَلِكَ شِبَعٌ) أَفَادَ تَكَامُلَ الْجِنَايَةِ قَبْلَهُ فَبِمُجَرَّدِ الْإِيلَاجِ حَصَلَ قَضَاءُ شَهْوَةِ الْفَرْجِ عَلَى الْكَمَالِ وَالْإِنْزَالِ شِبَعٌ أَكْمَلُ، وَلَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute