للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَنْهُ: أَنَّهُ يَفْسُدُ فَأَلْحَقَهُ بِمِلْءِ الْفَمِ لِكَثْرَةِ الصُّنْعِ.

قَالَ: (وَمَنْ ابْتَلَعَ الْحَصَاةَ أَوْ الْحَدِيدَ أَفْطَرَ) لِوُجُودِ صُورَةِ الْفِطْرِ (وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ) لِعَدَمِ الْمَعْنَى.

(وَمَنْ جَامَعَ فِي أَحَدِ السَّبِيلَيْنِ عَامِدًا فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) اسْتِدْرَاكًا لِلْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ (وَالْكَفَّارَةُ) لِتَكَامُلِ الْجِنَايَةِ وَلَا يُشْتَرَطُ الْإِنْزَالُ فِي الْمَحَلَّيْنِ

نَقَلَ مِنْ خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ.

(قَوْلُهُ: لِعَدَمِ الْمَعْنَى) أَيْ مَعْنَى الْفِطْرِ وَهُوَ إيصَالُ مَا فِيهِ نَفْعُ الْبَدَنِ إلَى الْجَوْفِ سَوَاءٌ كَانَ مِمَّا يُتَغَذَّى بِهِ أَوْ يُتَدَاوَى بِهِ فَقَصُرَتْ الْجِنَايَةُ فَانْتَفَتْ الْكَفَّارَةُ، وَكُلُّ مَا لَا يُتَغَذَّى بِهِ وَلَا يُتَدَاوَى بِهِ عَادَةً كَالْحَجَرِ وَالتُّرَابِ، كَذَلِكَ لَا تَجِبُ فِيهِ الْكَفَّارَةُ. وَلَا تَجِبُ فِي الدَّقِيقِ وَالْأُرْزِ وَالْعَجِينِ إلَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ ، وَلَا فِي الْمِلْحِ إلَّا إذَا اعْتَادَ أَكْلَهُ وَحْدَهُ. وَقِيلَ: تَجِبُ فِي قَلِيلِهِ دُونَ كَثِيرِهِ، وَلَا فِي النَّوَاةِ وَالْقُطْنِ وَالْكَاغِدِ وَالسَّفَرْجَلِ إذَا لَمْ يُدْرِكْ، وَلَا هُوَ مَطْبُوخٌ. وَلَا فِي ابْتِلَاعِ الْجَوْزَةِ الرَّطْبَةِ، وَتَجِبُ لَوْ مَضَغَهَا وَبَلَعَ الْيَابِسَةَ وَمَضَغَهَا عَلَى هَذَا، وَكَذَا يَابِسُ اللَّوْزِ وَالْبُنْدُقِ وَالْفُسْتُقِ. وَقِيلَ: هَذَا إنْ وَصَلَ الْقِشْرُ أَوَّلًا إلَى حَلْقِهِ، أَمَّا إذَا وَصَلَ اللُّبُّ أَوَّلًا كَفَّرَ، وَفِي ابْتِلَاعِ اللَّوْزَةِ الرَّطْبَةِ الْكَفَّارَةُ لِأَنَّهَا تُؤْكَلُ كَمَا هِيَ، بِخِلَافِ الْجَوْزَةِ فَلِذَا افْتَرَقَا، وَابْتِلَاعُ التُّفَّاحَةِ كَاللَّوْزَةِ وَالرُّمَّانَةِ وَالْبَيْضَةِ كَالْجَوْزَةِ. وَفِي ابْتِلَاعِ الْبِطِّيخَةِ الصَّغِيرَةِ وَالْخَوْخَةِ الصَّغِيرَةِ، وَالهَلَيْلَجَةِ. رَوَى هِشَامٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وُجُوبَ الْكَفَّارَةِ، وَتَجِبُ بِأَكْلِ اللَّحْمِ النِّيءِ، وَإِنْ كَانَ مَيْتَهً مُنْتِنًا إلَّا إنْ دَوَّدَ فَلَا تَجِبُ. وَاخْتُلِفَ فِي الشَّحْمِ، وَاخْتَارَ أَبُو اللَّيْثِ الْوُجُوبَ، فَإِنْ كَانَ قَدِيدًا وَجَبَتْ بِلَا خِلَافٍ، وَتَجِبُ بِأَكْلِ الْحِنْطَةِ وَقَضْمِهَا لَا إنْ مَضَغَ قَمْحَةً لِلتَّلَاشِي وَتَجِبُ بِالطِّينِ الْأَرْمَنِيِّ وَبِغَيْرِهِ عَلَى مَنْ يَعْتَادُ أَكْلَهُ كَالْمُسَمَّى بِالطِّفْلِ لَا عَلَى مَنْ لَمْ يَعْتَدْهُ، وَلَا بِأَكْلِ الدَّمِ إلَّا عَلَى رِوَايَةٍ، وَلَوْ مَضَغَ لُقْمَةً نَاسِيًا فَتَذَكَّرَ فَابْتَلَعَهَا قِيلَ تَجِبُ، وَقِيلَ لَا، وَقِيلَ، إنْ ابْتَلَعَهَا قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَهَا إلَّا إنْ أَخْرَجَهَا ثُمَّ ابْتَلَعَهَا، وَقِيلَ بِالْعَكْسِ. وَصَحَّحَهُ أَبُو اللَّيْثِ لِأَنَّهَا بَعْدَ إخْرَاجِهَا تُعَافُ وَقَبْلَهُ تُلَذُّ، وَقِيلَ إنْ كَانَتْ سُخْنَةً بَعْدُ فَعَلَيْهِ لَا إنْ تَرَكَهَا بَعْدَ الْإِخْرَاجِ حَتَّى بَرَدَتْ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ تُعَافُ لَا قَبْلَهُ، فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَنْظُورَ إلَيْهِ عِنْدَ الْكُلِّ فِي السُّقُوطِ الْعِيَافَةُ غَيْرَ أَنَّ كُلًّا وَقَعَ عِنْدَهُ أَنَّ الِاسْتِكْرَاهَ إنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَ كَذَا لَا كَذَا.

(قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ اسْتِدْرَاكًا لِلْمَصْلَحَةِ الْفَائِتَةِ وَالْكَفَّارَةِ) فَلَوْ كَفَّرَ بِالصَّوْمِ فَصَامَ أَحَدًا وَسِتِّينَ يَوْمًا عَنْ الْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ يَوْمِ الْقَضَاءِ مِنْهَا قَالُوا يُجْزِئُهُ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ. وَفِي تَصْوِيرِهِ عِنْدِي ضَرْبُ إشْكَالٍ لِأَنَّهُ يَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ لِكُلِّ يَوْمٍ، فَإِذَا كَانَ الْوَاقِعُ نِيَّتَهُ فِي كُلِّ يَوْمٍ الْقَضَاءَ وَالْكَفَّارَةَ فَإِنَّمَا يَصِحُّ بِالتَّرْجِيحِ عَلَى مَا عُرِفَ فِيمَا إذَا نَوَى الْقَضَاءَ، وَكَفَّارَةُ الظِّهَارِ أَنَّهُ يَقَعُ عَنْ الْقَضَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَأَبِي حَنِيفَةَ، فَإِنَّهُمَا يُرَجِّحَانِ فِي مِثْلِهِ وَرَجَّحَا فِي هَذِهِ الْقَضَاءَ بِأَنَّهُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ فَإِنَّهَا يُتَوَصَّلُ بِهَا إلَى حَقِّ نَفْسِهِ فَيُرَجَّحُ الْقَضَاءُ هُنَا عَلَى كَفَّارَةِ الْفِطْرِ بِقُوَّةِ ثُبُوتِهِ وَلُزُومِهِ، بِخِلَافِ كَفَّارَةِ الْفِطْرِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيَقَعُ الْيَوْمُ الْأَوَّلُ عَنْ الْقَضَاءِ وَمَا بَعْدَهُ عَنْ الْكَفَّارَةِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ فَيَلْغُوا جَمْعُ الْقَضَاءِ مَعَ الْكَفَّارَةِ، وَلَوْ كَانَ الْوَاقِعُ نِيَّةَ ذَلِكَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ فَقَطْ فَهَكَذَا، أَوْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>