للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

شَعِيرٍ وَالْآخِرُ بِكُرِّ حِنْطَةٍ أَوْ بِمِائَةٍ بِيضٍ وَالْآخَرُ بِمِائَةٍ سُودٍ وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي السُّودَ لَا تُقْبَلُ عَلَى شَيْءٍ أَصْلًا لِأَنَّ الْمُدَّعِي كَذَّبَ شَاهِدَ الْبِيضِ، إلَّا أَنْ يُوَفِّقَ الْمُدَّعِي فَيَقُولَ كَانَ لِي الْبِيضُ فَأَبْرَأَتْهُ مِنْ صِفَةِ الْجُودَةِ فَتُقْبَلُ حِينَئِذٍ، أَمَّا لَوْ كَانَ يَدَّعِي الْبِيضَ وَلَهَا مَزِيَّةٌ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِالسُّودِ، وَلَمْ يَحْكُوا خِلَافًا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْأَقْضِيَةِ.

وَكَذَا لَوْ شَهِدَا لِمُدَّعِي كُرِّ حِنْطَةٍ وَقَالَ أَحَدُهُمَا جَيِّدَةٌ وَقَالَ الْآخَرُ رَدِيئَةٌ وَالدَّعْوَى بِالْأَفْضَلِ يُقْضَى بِالْأَقَلِّ، وَكَذَا لَوْ ادَّعَى مِائَةَ دِينَارٍ فَقَالَ أَحَدُهُمَا نَيْسَابُورِيَّةً وَقَالَ الْآخَرُ بُخَارِيَّةً وَالْمُدَّعِي يَدَّعِي النَّيْسَابُورِيَّة وَهِيَ أَجْوَدُ يُقْضَى بِالْبُخَارِيَّةِ بِلَا خِلَافٍ يُنْقَلُ وَيَحْتَاجُ إلَى الْفَرْقِ عَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَهُوَ أَنَّهُمَا اتَّفَقَا عَلَى الْكَمْيَّةِ وَالْجِنْسِ فَصَارَ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ وَالْآخَرُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ. فَإِنْ قِيلَ: لَمْ يَقَعْ جَوَابُ قَوْلِهِمَا الشَّاهِدُ بِالْأَلْفَيْنِ شَاهِدٌ بِالْأَلْفِ فِي ضِمْنِهِمَا فَاجْتَمَعَا عَلَيْهَا وَتَفَرَّدَ أَحَدُهُمَا بِالزِّيَادَةِ فَلَا يُقْبَلُ.

أُجِيبَ بِأَنَّهُ مَا شَهِدَ بِهَا إلَّا مِنْ حَيْثُ هِيَ جُزْءُ الْأَلْفَيْنِ، فَإِنَّمَا تَثْبُتُ الْأَلْفُ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ الْأَلْفَيْنِ لِأَنَّ الْمُتَضَمَّنَ لَا يَثْبُتُ بِدُونِ الْمُتَضَمِّنِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْأَلْفَانِ فَلَمْ يَثْبُتْ الْأَلْفُ. فَإِنْ قِيلَ: يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِ مَا لَوْ ادَّعَى أَلْفَيْنِ وَشَهِدَ بِأَلْفٍ تُقْبَلُ بِالِاتِّفَاقِ مَعَ عَدَمِ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَهِيَ شَرْطٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ. وَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَالَ لَهَا أَنْتِ خَلِيَّةٌ وَالْآخَرُ أَنْتِ بَرِيَّةٌ لَا يُقْضَى بِبَيْنُونَةٍ أَصْلًا مَعَ إفَادَتِهِمَا مَعًا الْبَيْنُونَةَ.

وَتَقَدَّمَ أَنَّ اخْتِلَافَ اللَّفْظِ لَهُ وَحْدَهُ غَيْرُ ضَائِرٍ كَمَا لَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْهِبَةِ وَالْآخَرُ بِالْعَطِيَّةِ تُقْبَلُ. أُجِيبَ عَنْ الْأَوَّلِ بِأَنَّ الِاتِّفَاقَ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ وَإِنْ اُشْتُرِطَ لَكِنْ لَيْسَ عَلَى وَزْنِ اتِّفَاقِهِ بَيْنَ الشَّاهِدَيْنِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ ادَّعَى الْغَصْبَ أَوْ الْقَتْلَ فَشَهِدُوا بِإِقْرَارِهِ بِهِ تُقْبَلُ، وَلَوْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِالْغَصْبِ وَالْآخَرُ عَلَى إقْرَارِهِ بِهِ لَا تُقْبَلُ، وَحِينَئِذٍ فَقَدْ حَصَلَتْ الْمُوَافَقَةُ بَيْنَ الدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ فَإِنَّهُ لَمَّا كَانَ يَدَّعِي أَلْفَيْنِ كَانَ مُدَّعِيًا الْأَلْفَ وَقَدْ شَهِدَ بِهِ اثْنَانِ صَرِيحًا فَتُقْبَلُ، بِخِلَافِ شَهَادَتِهِمَا بِالْأَلْفِ وَالْأَلْفَيْنِ لَمْ يَنُصَّ شَاهِدُ الْأَلْفَيْنِ عَلَى الْأَلْفِ إلَّا مِنْ حَيْثُ هِيَ أَلْفَانِ وَلَمْ يَثْبُتْ الْأَلْفَانِ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ وَالْأَسْرَارِ: الَّذِي يُبْطِلُ مَذْهَبَهُمَا مَا لَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ بِطَلْقَةٍ: يَعْنِي قَبْلَ الدُّخُولِ وَآخَرَانِ بِثَلَاثٍ وَفَرَّقَ

<<  <  ج: ص:  >  >>