أَنَّهُ ﷺ فَعَلَ كَذَلِكَ.
قَالَ (وَسَجَدَ عَلَى أَنْفِهِ وَجَبْهَتِهِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ ﵊ وَاظَبَ عَلَيْهِ (فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀. وَقَالَا: لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَنْفِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ) وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْهُ لِقَوْلِهِ ﵊ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ، وَعَدَّ مِنْهَا الْجَبْهَةَ» وَلِأَبِي حَنِيفَةَ ﵀
حِذَاءَ أُذُنَيْهِ» وَرَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ: أَخْبَرَنَا الثَّوْرِيُّ بِهِ، وَلَفْظُهُ «كَانَتْ يَدَاهُ حِذَاءَ أُذُنَيْهِ» وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ عَنْ الْحَجَّاجِ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَأَلْت الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ «أَيْنَ كَانَ النَّبِيُّ ﷺ يَضَعُ جَبْهَتَهُ إذَا صَلَّى؟ قَالَ: بَيْنَ كَفَّيْهِ».
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَفْعَلَ أَيَّهمَا تَيَسَّرَ جَمْعًا لِلْمَرْوِيَّاتِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ كَانَ ﷺ يَفْعَلُ هَذَا أَحْيَانًا وَهَذَا أَحْيَانًا إلَّا أَنَّ بَيْنَ الْكَفَّيْنِ أَفْضَلَ لِأَنَّ فِيهِ مِنْ تَخْلِيصِ الْمُجَافَاةِ الْمَسْنُونَةِ مَا لَيْسَ فِي الْآخَرِ كَانَ حَسَنًا (قَوْلُهُ لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ وَاظَبَ عَلَيْهِ) يُفِيدُهُ مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَاللَّفْظُ لَهُمَا وَالتِّرْمِذِيُّ «أَنَّهُ ﵊ كَانَ إذَا سَجَدَ مَكَّنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ وَنَحَّى يَدَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ وَوَضَعَ كَفَّهُ حَذْوَ مَنْكِبَيْهِ» وَمَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ «كَانَ ﵊ يَضَعُ أَنْفَهُ عَلَى الْأَرْضِ مَعَ جَبْهَتِهِ» وَمَا فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي حُمَيْدٍ السَّابِقِ فَإِنَّ فِيهِ «ثُمَّ سَجَدَ فَأَمْكَنَ أَنْفَهُ وَجَبْهَتَهُ مِنْ الْأَرْضِ».
(قَوْلُهُ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀) فَإِنْ كَانَ الْأَنْفُ كُرِهَ، وَإِنْ كَانَ الْجَبْهَةُ فَفِي التُّحْفَةِ وَالْبَدَائِعِ لَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ، وَفِي الْمُفِيدِ وَالْمَزِيدِ: وَضْعُ الْجَبْهَةِ وَحْدَهَا أَوْ الْأَنْفِ وَحْدَهُ يُكْرَهُ وَيُجْزِئُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ صَاحِبَيْهِ لَا يَتَأَدَّى إلَّا بِوَضْعِهِمَا إلَّا لِعُذْرٍ.
قِيلَ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْجَبْهَةِ عِنْدَهُمَا وَهُوَ خِلَافُ الْمَشْهُورِ، فَفِي النِّهَايَةِ أَنَّ وَضْعَ الْجَبْهَةِ يَتَأَدَّى بِهِ الْفَرْضُ بِإِجْمَاعِ الثَّلَاثَةِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ مِنْ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا جَازَ عِنْدَهُ.
وَقَالَا: لَا يَجُوزُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْأَنْفِ إلَّا مِنْ عُذْرٍ، وَلَمْ يَقُلْ عَلَى أَحَدِهِمَا أَوْ عَلَيْهِ وَالْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ فِي الْكُتُبِ السِّتَّةِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ «أُمِرْتُ أَنْ أَسْجُدَ عَلَى سَبْعَةِ أَعْظُمٍ عَلَى الْجَبْهَةِ وَالْيَدَيْنِ وَالرُّكْبَتَيْنِ وَأَطْرَافِ الْقَدَمَيْنِ» وَرِوَايَةُ «وَأَشَارَ بِيَدِهِ إلَى أَنْفِهِ» غَيْرُ ضَائِرَةٍ، فَإِنَّ الْعِبْرَةَ لِلَّفْظِ الصَّرِيحِ، وَالْإِشَارَةُ إلَى الْجَبْهَةِ تَقَعُ بِتَقْرِيبِ الْيَدَيْنِ إلَى جِهَةِ الْأَنْفِ لِلتَّقَارُبِ، ثُمَّ الْمُعْتَبَرُ وَضْعُ مَا صَلُبَ مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute