وَقَبُولُ الْعَقْدِ فِي الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ وَلَكِنَّ هَذَا غَيْرُ مُكْسِدٍ لِلْعَقْدِ لِكَوْنِهِ مَحَلًّا لِلْبَيْعِ كَمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ.
وَالثَّالِثُ أَنْ يُفَصِّلَ وَلَا يُعَيِّنَ. وَالرَّابِعُ أَنْ يُعَيِّنَ وَلَا يُفَصِّلَ، فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ فِي الْوَجْهَيْنِ: إمَّا لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ أَوْ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ.
بَعْدَ الْإِشَارَةِ إلَى السُّؤَالِ بِقَوْلِهِ (وَقَبُولُ الْعَقْدِ فِي الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَإِنْ كَانَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْعَقْدِ فِي الْآخَرِ لَكِنَّ هَذَا غَيْرُ مُفْسِدٍ لِلْعَقْدِ لِكَوْنِهِ) أَيْ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ (مَحَلًّا لِلْبَيْعِ) فَهُوَ (كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ قِنٍّ وَمُدَبَّرٍ) وَبَاعَهُمَا بِأَلْفٍ حَيْثُ يَنْفُذُ الْبَيْعُ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ وَإِنْ كَانَ قَبُولُ الْعَقْدِ فِي الْمُدَبَّرِ شَرْطًا فِيهِ وَذَلِكَ لِدُخُولِ الْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ لِمَحَلِّيَّتِهِ لَهُ فِي الْجُمْلَةِ وَلِهَذَا لَوْ قَضَى الْقَاضِي بِجَوَازِ بَيْعِهِ جَازَ فَكَانَ الْقَبُولُ شَرْطًا صَحِيحًا، بِخِلَافِ مَا شُبِّهَ بِهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ لَيْسَ بِمَالٍ أَصْلًا فَلَا يَدْخُلُ فِي الْبَيْعِ بِحَالٍ فَكَانَ اشْتِرَاطُ قَبُولِهِ اشْتِرَاطَ شَرْطٍ فَاسِدٍ، وَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ الْقِنِّ وَالْمُدَبَّرِ فِي الْبَيْعِ خِلَافٌ سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى فِي آخِرِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ. وَثَالِثُهَا يُفَصِّلُ وَلَمْ يُعَيِّنْ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ كَأَنْ يَقُولَ الْبَائِعُ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا فَفَسَادُهُ لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ بِسَبَبِ جَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ وَرَابِعُهَا أَنْ يُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَلَا يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ بِعْتُك هَذَيْنِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا وَالْفَسَادُ فِيهِ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ وَإِنْ كَانَ مَعْلُومًا بِتَعَيُّنِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ إلَّا أَنَّ ثَمَنَهُ مَجْهُولٌ لِمَا قُلْنَا إنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ عَلَيْهِمَا بِالسَّوِيَّةِ. فَإِنْ قُلْت: مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الَّذِي لَمْ يُعَيَّنْ فِيهِ الثَّمَنُ وَبَيْنَ مَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ عَبْدَيْنِ فِي الْبَيْعِ بِثَمَنٍ وَاحِدٍ فَإِذَا أَحَدُهُمَا مُدَبَّرٌ أَوْ مُكَاتَبٌ أَوْ جَارِيَتَيْنِ فَإِذَا إحْدَاهُمَا أُمُّ وَلَدٍ حَيْثُ يَصِحُّ الْبَيْعُ فِي الْقِنِّ بِحِصَّتِهِ مِنْ جُمْلَةِ الثَّمَنِ مَعَ أَنَّ ثَمَنَ كُلٍّ مِنْهُمَا مَجْهُولُ الْكَمْيَّةِ حَالَ الْعَقْدِ وَلَا يَصِحُّ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْكِتَابِ بِالْحِصَّةِ؟ أُجِيبَ بِأَنَّ مِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ لَمْ يَشْتَغِلْ بِالْفَرْقِ وَقَالَ: قِيَاسُ مَا ذُكِرَ هُنَا أَنْ لَا يَجُوزَ الْعَقْدُ فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ فِي الْقِنِّ وَيَصِيرُ مَا ذُكِرَ هُنَا رِوَايَةً فِي تِلْكَ الْمَسَائِلِ. وَمِنْهُمْ مَنْ اشْتَغَلَ بِالْفَرْقِ وَهُوَ الصَّحِيحُ وَهُوَ أَنَّ الْمَانِعَ مِنْ حُكْمِ الْعَقْدِ هُنَا مُقْتَرِنٌ بِالْعَقْدِ لَفْظًا وَمَعْنًى،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute