للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَإِنْ بَاعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا بِعَيْنِهِ جَازَ الْبَيْعُ) وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا أَنْ لَا يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَلَا يُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ فِي الْكِتَابِ وَفَسَادُهُ لِجَهَالَةِ الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ؛ لِأَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ كَالْخَارِجِ عَنْ الْعَقْدِ، إذْ الْعَقْدُ مَعَ الْخِيَارِ لَا يَنْعَقِدُ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَبَقِيَ الدَّاخِلُ فِيهِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ غَيْرُ مَعْلُومٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي أَنْ يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَيُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ وَهُوَ الْمَذْكُورُ ثَانِيًا فِي الْكِتَابِ، وَإِنَّمَا جَازَ؛ لِأَنَّ الْمَبِيعَ مَعْلُومٌ وَالثَّمَنَ مَعْلُومٌ،

وَيَنْفَسِخُ فِي النِّصْفِ: أَيْ فِيمَا إذَا شَرَطَ الْخِيَارَ لِغَيْرِهِ لَكِنْ يَتَخَيَّرُ صَاحِبُهُ لِتَفَرُّقِ الصَّفْقَةِ عَلَيْهِ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَاعَ عَبْدَيْنِ بِأَلْفٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فِي أَحَدِهِمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَالْبَيْعُ فَاسِدٌ إلَخْ، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ) فِي ثَلَاثَةٍ الْبَيْعُ فَاسِدٌ، وَفِي وَاحِدَةٍ صَحِيحٌ (أَحَدُهَا أَنْ لَا يُفَصِّلَ الثَّمَنَ وَلَا يُعَيِّنَ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ) وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ (وَهُوَ الْوَجْهُ الْأَوَّلُ) الْمَذْكُورُ (فِي الْكِتَابِ) وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُرِيدُ بِهِ الْبِدَايَةَ؛ لِأَنَّ الْهِدَايَةَ شَرْحُهَا (وَفَسَادُهَا لِجَهَالَةِ الْمَبِيعِ وَالثَّمَنِ) جَمِيعًا، وَذَلِكَ أَنَّ الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ لَا يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ فِيهِ فِي حَقِّ الْحُكْمِ فَكَانَ كَأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ الْبَيْعِ، وَالْبَيْعُ إنَّمَا هُوَ فِي الْآخَرِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ لِجَهَالَةِ مَنْ فِيهِ الْخِيَارُ، ثُمَّ ثَمَنُ الْمَبِيعِ مَجْهُولٌ؛ لِأَنَّ الثَّمَنَ لَا يَنْقَسِمُ فِي مِثْلِهِ عَلَى الْمَبِيعِ بِالْأَجْزَاءِ. وَثَانِيهَا، وَهُوَ الْوَجْهُ الْجَائِزُ أَنْ يُعَيِّنَ كُلًّا بِأَنْ يَقُولَ بِعْتُك كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ بِخَمْسِمِائَةٍ عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فِي هَذَا لِانْتِفَاءِ الْمُفْسِدِ مِنْ جَهَالَةِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ. فَإِنْ قِيلَ: إنْ انْتَفَى مُفْسِدُ الْجَهَالَةِ فَقَدْ يَتَحَقَّقُ مُفْسِدٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُ جَعَلَ قَبُولَ الْعَقْدِ فِي الَّذِي فِيهِ الْخِيَارُ، وَهُوَ غَيْرُ دَاخِلٍ فِي الْحُكْمِ شَرْطًا لِانْعِقَادِهِ فِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ الْخِيَارُ وَذَلِكَ مُفْسِدٌ كَمَا لَوْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ، وَحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِي الْعَبْدِ أَجَابَ عَنْهُ الْمُصَنِّفُ

<<  <  ج: ص:  >  >>