. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
خِيَارِهِ إجْمَاعًا، فَلَوْ تَصَرَّفَ بِحُكْمِ الْخِيَارِ فَهُوَ مَوْقُوفٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ ﵀ خِلَافًا لَهُمَا. وَالْمَعْنَى الثَّالِثُ أَنْ يُجِيزَ الْبَائِعُ كَأَنْ يَقُولَ: أَجَزْت الْبَيْعَ وَرَضِيته وَأَسْقَطْت خِيَارِي وَنَحْوَ ذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي فَنَفَاذُهُ بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ الْأُمُورِ الثَّلَاثَةِ لِلْبَائِعِ، وَبِالْفِعْلِ بِأَنْ يَتَصَرَّفَ فِي الْمَبِيعِ تَصَرُّفَ الْمُلَّاكِ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ بِأَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُكَاتِبَ أَوْ يُدَبِّرَ أَوْ يَبِيعَ الْمَبِيعَ أَوْ يَهَبَهُ وَيُسَلِّمَهُ أَوْ يَرْهَنَهُ أَوْ يُؤَجِّرَهُ وَإِنْ لَمْ يُسَلِّمْهُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَكَذَا إذَا عَلَّقَ عِتْقَهُ فِي الْمُدَّةِ فَوُجِدَ الشَّرْطُ فِيهَا، وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يُبَاشِرَ فِي الْمَبِيعِ فِعْلًا لَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ، وَلَا يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ بِحَالٍ، فَإِنْ كَانَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ لِلِامْتِحَانِ وَيَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ، فَالْوَطْءُ إجَازَةٌ، وَكَذَا التَّقْبِيلُ بِشَهْوَةٍ وَالْمُبَاشَرَةُ بِشَهْوَةٍ، وَالنَّظَرُ إلَى الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ لَا بِغَيْرِ شَهْوَةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَحِلُّ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ فِي الْجُمْلَةِ، فَإِنَّ الطَّبِيبَ وَالْقَابِلَةَ يَحِلُّ لَهُمَا النَّظَرُ وَالْمُبَاشَرَةُ. نَعَمْ التَّقْبِيلُ لَا إلَّا أَنَّ النَّظَرَ إلَيْهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَسٌّ، وَلَوْ أَنْكَرَ الشَّهْوَةَ فِي هَذِهِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ؛ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ سُقُوطَ خِيَارِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا فَعَلَتْ الْجَارِيَةُ ذَلِكَ يَسْقُطُ خِيَارُهُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَكُونُ فِعْلُهَا أَلْبَتَّةَ إجَازَةً لِلْبَيْعِ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْخِيَارِ لِيَخْتَارَ هُوَ لَا لِيُخْتَارَ عَلَيْهِ، وَلِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ تَثْبُتُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ فَكَانَتْ مُلْحَقَةً بِالْوَطْءِ فَصَارَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ مِنْ حَيْثُ هِيَ مُلْحَقَةٌ بِالْوَطْءِ فِي إيجَابِ الْحُرْمَةِ كَالْمُضَافِ إلَى الرَّجُلِ. وَأَمَّا الْمُبَاضَعَةُ مُكْرَهًا كَانَ أَوْ مُطَاوِعًا اخْتِيَارٌ. أَمَّا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَظَاهِرٌ
وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ؛ فَلِأَنَّ الْوَطْءَ تَنْقِيصٌ، حَتَّى لَوْ وُجِدْت مِنْ غَيْرِ الْمُشْتَرِي يَمْتَنِعُ الرَّدُّ، فَأَمَّا الْمُبَاشَرَةُ إذَا ابْتَدَأَتْهَا وَالْمُشْتَرِي كَارِهٌ ثُمَّ تَرَكَهَا وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الِامْتِنَاعِ فَهُوَ اخْتِيَارٌ، وَإِنَّمَا يَلْزَمُ سُقُوطُ الْخِيَارِ فِي غَيْرِ الْمُبَاضَعَةِ إذَا أَقَرَّ بِشَهْوَتِهَا؛ لِأَنَّ فِعْلَهَا يَلْزَمُ إسْقَاطُ خِيَارِهِ فَيَتَوَقَّفُ عَلَى إقْرَارِهِ بِمَا يُسْقِطُ خِيَارَهُ، وَلَوْ دَعَا الْجَارِيَةَ إلَى فِرَاشِهِ لَا يَسْقُطُ خِيَارُهُ، وَالِاسْتِخْدَامُ لَيْسَ بِإِجَازَةٍ؛ لِأَنَّهُ يُمْتَحَنُ بِهِ، وَالِاسْتِخْدَامُ ثَانِيًا إجَازَةٌ إلَّا إذَا كَانَ فِي نَوْعٍ آخَرَ. وَقَدْ اخْتَلَفَ كَلَامُهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى فَقَالَ: الِاسْتِخْدَامُ مِرَارًا لَا يَكُونُ إجَازَةً. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: قَالَ الْمَرَّةُ الثَّانِيَةُ تُبْطِلُ الْخِيَارَ، وَأَكْلُهُ الْمَبِيعَ وَشُرْبُهُ وَلُبْسُهُ يُسْقِطُ الْخِيَارَ. وَفِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ: إذَا لَبِسَهُ مَرَّةً وَاسْتَخْدَمَ الْخَادِمَ مَرَّةً لَا يَبْطُلُ خِيَارُهُ وَيَبْطُلُ بِمَرَّتَيْنِ، وَرُكُوبُهَا لِيَسْقِيَهَا أَوْ يَرُدَّهَا وَيَعْلِفَهَا إجَازَةٌ. وَقِيلَ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ بِدُونِ الرُّكُوبِ لَا يَكُونُ إجَازَةً. وَأَطْلَقَ فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ أَنَّهُ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ فَقَالَ: وَرُكُوبُهَا لِيَسْقِيَهَا أَوْ يَرُدَّهَا عَلَى الْبَائِعِ لَا يُبْطِلُ خِيَارَهُ اسْتِحْسَانًا فَجَعَلَهُ الِاسْتِحْسَانَ. وَلَوْ قَطَعَ حَوَافِرَ الدَّابَّةِ أَوْ أَخَذَ بَعْضَ عُرْفِهَا لَا يَبْطُلُ. وَلَوْ نَسَخَ مِنْ الْكِتَابِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِغَيْرِهِ لَا يَسْقُطُ. وَلَوْ دَرَسَ فِيهِ يَسْقُطُ، وَقِيلَ عَلَى الْعَكْسِ، وَبِهِ أَخَذَ أَبُو اللَّيْثِ، وَطَلَبُ الشُّفْعَةِ بِالدَّارِ الْمُشْتَرَاةِ رِضًا بِهَا، بِخِلَافِ خِيَارِ الرُّؤْيَةِ وَالْعَيْبِ. وَلَوْ حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ فِي خِيَارِ الْمُشْتَرِي بَطَلَ خِيَارُهُ سَوَاءٌ حَدَثَ بِفِعْلِ الْبَائِعِ أَوْ بِغَيْرِ فِعْلِهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: لَا يَلْزَمُهُ الْعَقْدُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ لَا يَقْدِرُ عَلَى إلْزَامِ الْبَيْعِ، وَمَتَى قُلْنَا إنَّهُ يَلْزَمُ بِجِنَايَتِهِ أَثْبَتْنَا لَهُ قُدْرَةَ إلْزَامِهِ فَتَفُوتُ فَائِدَةُ شَرْطِ الْخِيَارِ لِلْمُشْتَرِي، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ فَإِنَّ لُزُومَهُ لَا مِنْ قِبَلِهِ.
وَلَهُمَا أَنَّ مَا يَنْقُصُ بِفِعْلِ الْبَائِعِ فِي ضَمَانِ الْمُشْتَرِي فَيَلْزَمُ الْعَقْدُ فِي ذَلِكَ الْقَدْرِ الَّذِي تَلِفَ فِي ضَمَانِهِ وَتَعَذَّرَتْ عَلَى الْبَائِعِ حِصَّتُهُ مِنْ الثَّمَنِ، فَمَتَى رَدَّ الْبَاقِيَ كَانَ تَفْرِيقًا لِلصَّفْقَةِ عَلَى الْبَائِعِ قَبْلَ التَّمَامِ فِي حَقِّ الرَّدِّ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ كَفِعْلِ الْأَجْنَبِيِّ؛ وَإِذَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute