للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَإِذَا وَطِئَ الْمُرْتَدُّ جَارِيَةً نَصْرَانِيَّةً كَانَتْ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُنْذُ ارْتَدَّ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ وَهُوَ ابْنُهُ وَلَا يَرِثُهُ، وَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُسْلِمَةً وَرِثَهُ الِابْنُ إنْ مَاتَ عَلَى الرِّدَّةِ أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ) أَمَّا صِحَّةُ الِاسْتِيلَادِ فَلِمَا قُلْنَا، وَأَمَّا الْإِرْثُ فَلِأَنَّ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ نَصْرَانِيَّةً وَالْوَلَدُ تَبَعٌ لَهُ لِقُرْبِهِ إلَى الْإِسْلَامِ لِلْجَبْرِ عَلَيْهِ فَصَارَ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّ وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ، أَمَّا إذَا كَانَتْ مُسْلِمَةً فَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا خَيْرُهُمَا دِينًا وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ.

مِنْ أَنَّهُ لَا يَسْتَقِرُّ لَحَاقُهُ إلَّا بِالْقَضَاءِ، وَمَا لَمْ يَسْتَقِرَّ لَا يُورَثُ فَتَكُونُ أُمَّهَاتُ أَوْلَادِهِ وَمُدَبَّرُوهُ عَلَى حَالِهِمْ أَرِقَّاءَ، وَمَا كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الدُّيُونِ الْمُؤَجَّلَةِ لَا تَحِلُّ بَلْ تَكُونُ إلَى أَجَلِهَا؛ لِعَدَمِ تَقَرُّرِ الْمَوْتِ. وَصَارَ كَالْعَبْدِ إذَا أَبَقَ بَعْدَ الْبَيْعِ قَبْلَ الْقَبْضِ ثُمَّ عَادَ، إنْ كَانَ بَعْدَ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ لَا يَبْطُلُ الْقَضَاءُ بِالْفَسْخِ، وَإِنْ عَادَ قَبْلَهُ جُعِلَ الْإِبَاقُ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ.

(قَوْلُهُ: وَإِذَا وَطِئَ الْمُرْتَدُّ جَارِيَةً نَصْرَانِيَّةً) أَوْ يَهُودِيَّةً (كَانَتْ لَهُ فِي حَالَةِ الْإِسْلَامِ فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ أَوْ أَكْثَرَ) وَلَوْ إلَى عَشْرِ سِنِينَ (مُنْذُ ارْتَدَّ فَادَّعَاهُ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَالْوَلَدُ حُرٌّ، وَهُوَ ابْنُهُ) وَثَبَتَ لِأُمِّهِ حَقُّ أُمِّيَّةِ الْوَلَدِ (وَلَا يَرِثُهُ، فَإِنْ كَانَتْ الْجَارِيَةُ مُسْلِمَةً وَرِثَهُ الِابْنُ إنْ مَاتَ) الْمُرْتَدُّ (عَلَى رِدَّتِهِ، أَوْ لَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ. أَمَّا صِحَّةُ الِاسْتِيلَادِ مِنْ الْمُرْتَدِّ فَلِمَا قُلْنَا) إنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى حَقِيقَةِ الْمِلْكِ حَتَّى صَحَّ اسْتِيلَادُ الْأَبِ جَارِيَةَ الِابْنِ وَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ جَارِيَةً مِنْ تِجَارَتِهِ ذَكَرَهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ. (وَأَمَّا أَنَّهُ لَا يَرِثُهُ؛ فَلِأَنَّ الْأُمَّ إذَا كَانَتْ) يَهُودِيَّةً أَوْ (نَصْرَانِيَّةً يُجْعَلُ الْوَلَدُ تَبَعًا لِلْمُرْتَدِّ لَا لِأُمِّهِ) لِقُرْبِ الْمُرْتَدِّ إلَى الْإِسْلَامِ لِلْجَبْرِ عَلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُؤْثِرُ الْقَتْلَ عَلَى الْعَوْدِ (فَصَارَ الْوَلَدُ فِي حُكْمِ الْمُرْتَدِّ، وَالْمُرْتَدُّ لَا يَرِثُ الْمُرْتَدَّ) وَلَا غَيْرَهُ.

(وَأَمَّا إذَا كَانَتْ) الْأَمَةُ (مُسْلِمَةً فَالْوَلَدُ مُسْلِمٌ تَبَعًا لَهَا؛ لِأَنَّهَا خَيْرُهُمَا دِينًا. وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ) وَلَا يُقَالُ: لِمَ لَمْ يُجْعَلْ تَبَعًا لِلدَّارِ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْأُمُّ نَصْرَانِيَّةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُجْعَلُ تَبَعًا لِلدَّارِ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَحَدُ أَبَوَيْهِ بِأَنْ يُسْبَى وَلَيْسَ مَعَهُ أَحَدُهُمَا أَوْ يُلْتَقَطُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ، وَلَا يُظَنُّ أَنَّ هَذَا يُنْتَقَضُ بِمَا إذَا ارْتَدَّ الْأَبَوَانِ الْمُسْلِمَانِ وَلَهُمَا وَلَدٌ صَغِيرٌ وُلِدَ قَبْلَ رِدَّتِهِمَا، فَإِنَّهُ يَبْقَى مُسْلِمًا مَعَ وُجُودِهِمَا؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ بِإِسْلَامِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ لَيْسَ لِتَبَعِيَّةِ الدَّارِ بَلْ؛ لِأَنَّهُ كَانَ حِينَ وُلِدَ مُسْلِمًا فَيَبْقَى عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْبِقْ لِلْوَلَدِ حُكْمُ الْإِسْلَامِ إذَا لَمْ يُوجَدْ فِي زَمَنِ إسْلَامِهِمَا، وَتَقْيِيدُ الْمَسْأَلَةِ بِمَا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا احْتِرَازًا عَمَّا إذَا جَاءَتْ بِهِ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ، فَإِنَّهُ يَرِثُهُ إذَا مَاتَ أَوْ لَحِقَ أَوْ قُتِلَ عَلَى رِدَّتِهِ؛ وَذَلِكَ لِلتَّيَقُّنِ بِحُصُولِ الْعُلُوقِ فِي حَالَةِ إسْلَامِ أَبِيهِ الْمُرْتَدِّ فَكَانَ الْوَلَدُ مُسْلِمًا، وَالْمُسْلِمُ يَرِثُ الْمُرْتَدَّ.

وَفِي الْفَوَائِدِ الظَّهِيرِيَّةِ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ أَنَّ الْإِرْثَ يَسْتَنِدُ إلَى حَالَةِ الْإِسْلَامِ فَيَكُونُ تَوْرِيثُ الْمُسْلِمِ مِنْ الْمُسْلِمِ فِيمَا اكْتَسَبَهُ فِي حَالَةِ الرِّدَّةِ يَضْعُفُ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَعْنِي وَلَدَ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ هُنَاكَ لَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا حَالَ الْإِسْلَامِ، وَمَعَ هَذَا يَرِثُ، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ مَنْ كَانَ وَارِثًا عِنْدَ مَوْتِهِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الرِّدَّةِ أَوْ حَدَثَ بَعْدَهَا. انْتَهَى.

وَقَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ أَصَحُّ مِنْ قَوْلِ شَمْسِ الْأَئِمَّةِ، وَعَلَى هَذَا فَيَكُونُ تَخْصِيصًا لِقَوْلِهِ «لَا يَرِثُ الْمُسْلِمُ الْكَافِرَ» بِالْكَافِرِ الْأَصْلِيِّ، إلَّا أَنَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>