[كِتَابُ النِّكَاحِ] [الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ]
وَأُصُولُ هَذَا الْكِتَابِ تَنْحَصِرُ فِي خَمْسَةِ أَبْوَابٍ:
الْبَابُ الْأَوَّلُ: فِي مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ.
الْبَابُ الثَّانِي: فِي مُوجِبَاتِ صِحَّةِ النِّكَاحِ.
الْبَابُ الثَّالِثُ: فِي مُوجِبَاتِ الْخِيَارِ فِي النِّكَاحِ.
الْبَابُ الرَّابِعُ: فِي حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ.
الْبَابُ الْخَامِسُ: فِي الْأَنْكِحَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَالْفَاسِدَةِ.
الْبَابُ الْأَوَّلُ فِي مُقَدِّمَاتِ النِّكَاحِ وَفِي هَذَا الْبَابِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ: فِي حُكْمِ النِّكَاحِ، وَفِي حُكْمِ خُطْبَةِ النِّكَاحِ، وَفِي الْخِطْبَةِ عَلَى الْخِطْبَةِ، وَفِي النَّظَرِ إِلَى الْمَخْطُوبَةِ قَبْلَ التَّزْوِيجِ.
فَأَمَّا حُكْمُ النِّكَاحِ فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَهُمُ الْجُمْهُورُ. وَقَالَ أَهْلُ الظَّاهِرِ: هُوَ وَاجِبٌ. وَقَالَتِ الْمُتَأَخِّرَةُ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: هُوَ فِي حَقِّ بَعْضِ النَّاسِ وَاجِبٌ، وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مُبَاحٌ، وَذَلِكَ بِحَسَبِ مَا يَخَافَ عَلَى نَفْسِهِ مِنَ الْعَنَتِ.
وَسَبَبُ اخْتِلَافِهِمْ هَلْ تُحْمَلُ صِيغَةُ الْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] ، وَفِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «تَنَاكَحُوا، فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الْأُمَمَ» ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ عَلَى الْوُجُوبِ؟ أَمْ عَلَى النَّدْبِ؟ أَمْ عَلَى الْإِبَاحَةِ؟ .
فَأَمَّا مَنْ قَالَ: إِنَّهُ فِي حَقِّ بَعْضِ النَّاسِ وَاجِبٌ، وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ، وَفِي حَقِّ بَعْضِهِمْ مُبَاحٌ -
فَهُوَ الْتِفَاتٌ إِلَى الْمَصْلَحَةِ
، وَهَذَا النَّوْعُ مِنَ الْقِيَاسِ هُوَ الَّذِي يُسَمَّى الْمُرْسَلَ، وَهُوَ الَّذِي لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ مُعَيَّنٌ يَسْتَنِدُ إِلَيْهِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَالظَّاهِرُ مِنْ مَذْهَبِ مَالِكٍ الْقَوْلُ بِهِ.