إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ خِدَاشٍ: سَمِعْتُ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ يَقُولُ: بَلَغَنِي أَنَّ أَرْوَاحَ الْمُؤْمِنِينَ مُرْسَلَةٌ تَذْهَبُ حَيْثُ شَاءَتْ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ وَهِيَ هَلْ تَجْتَمِعُ الْأَرْوَاحُ وَيَرَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَنَعَمْ أَيْضًا، وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ أبي أيوب عِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ، وَفِي حَدِيثِ أم بشر عِنْدَهُ وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ، وَفِي أَثَرِ وهب.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا: حَدَّثَنِي محمد بن عبد الله بن بزيغ، ثَنَا فضيل بن سليمان النميري، ثَنَا يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عَنْ جَدِّهِ قَالَ: «لَمَّا مَاتَ بِشْرُ بْنُ الْبَرَاءِ بْنِ مَعْرُورٍ وَجَدَتْ عَلَيْهِ أُمُّهُ وَجْدًا شَدِيدًا، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّهُ لَا يَزَالُ الْهَالِكُ يَهْلِكُ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ، فَهَلْ تَتَعَارَفُ الْمَوْتَى فَأُرْسِلُ إِلَى بشر بِالسَّلَامِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّهُمْ لَيَتَعَارَفُونَ كَمَا تَتَعَارَفُ الطَّيْرُ فِي رُؤُوسِ الشَّجَرِ. وَكَانَ لَا يَهْلِكُ هَالِكٌ مِنْ بَنِي سَلِمَةَ إِلَّا جَاءَتْهُ أم بشر فَقَالَتْ: يَا فُلَانُ عَلَيْكَ السَّلَامُ، فَيَقُولُ: وَعَلَيْكِ، فَتَقُولُ: اقْرَأْ عَلَى بشر السَّلَامَ» .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ: حَدَّثَنَا الحسن، ثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ، عَنْ دراج، عَنْ عيسى بن هلال الصدفي، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رُوحَيِ الْمُؤْمِنَيْنِ لَيَلْتَقِيَانِ عَلَى مَسِيرَةِ يَوْمٍ وَمَا رَأَى أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ قَطُّ» .
وَأَخْرَجَ الْبَزَّارُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَفَعَهُ: «إِنَّ الْمُؤْمِنَ يَنْزِلُ بِهِ الْمَوْتُ وَيُعَايِنُ مَا يُعَايِنُ، يَوَدُّ لَوْ خَرَجَتْ نَفْسُهُ، وَاللَّهُ يُحِبُّ لِقَاءَ الْمُؤْمِنِ، وَإِنَّ الْمُؤْمِنَ تَصْعَدُ رُوحُهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَتَأْتِيهِ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ، فَيَسْتَخْبِرُونَهُ عَنْ مَعَارِفِهِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ: تَرَكْتُ فُلَانًا فِي الدُّنْيَا أَعْجَبَهُمْ ذَلِكَ، وَإِذَا قَالَ: إِنَّ فُلَانًا قَدْ مَاتَ، قَالُوا: مَا جِيءَ بِهِ إِلَيْنَا» .
وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا بِأَسَانِيدَ، عَنْ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ تَلَقَّتْهُ الْأَرْوَاحُ، فَيَسْتَخْبِرُونَهُ كَمَا يَسْتَخْبِرُ الرَّاكِبُ مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَفُلَانٌ. وَعَنِ الحسن قَالَ: إِذَا احْتَضَرَ الْمُؤْمِنُ حَضَرَهُ خَمْسُمِائَةِ مَلَكٍ يَقْبِضُونَ رُوحَهُ، فَيَعْرُجُونَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَتَتَلَقَّاهُ أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ الْمَاضِينَ، فَيُرِيدُونَ أَنْ يَسْتَخْبِرُوهُ، فَتَقُولُ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ: ارْفُقُوا بِهِ، فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنْ كَرْبٍ عَظِيمٍ، فَيَسْأَلُهُ الرَّجُلُ عَنْ أَخِيهِ وَعَنْ صَاحِبِهِ.
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: إِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ اسْتَقْبَلَهُ وَلَدُهُ كَمَا يُسْتَقْبَلُ الْغَائِبُ. وَعَنْ ثَابِتٍ الْبُنَانِيِّ قَالَ: بَلَغَنَا أَنَّ الْمَيِّتَ إِذَا مَاتَ احْتَوَشَهُ أَهْلُهُ وَأَقَارِبُهُ الَّذِينَ قَدْ تَقَدَّمُوهُ مِنَ الْمَوْتَى، فَهُوَ أَفْرَحُ بِهِمْ وَهُمْ أَفْرَحُ بِهِ مِنَ الْمُسَافِرِ إِذَا قَدِمَ عَلَى أَهْلِهِ.
وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ السَّادِسَةُ: وَهِيَ أَنَّ الشَّهِيدَ هَلْ يُسْأَلُ؟ فَجَوَابُهُ: لَا، صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute