للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالتَّدْبِيرِ، وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ الصِّفَاتِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ كِلَابٍ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَزَلْ لَا فِي مَكَانٍ وَهُوَ الْيَوْمُ لَا فِي مَكَانٍ، وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: إِنَّهُ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَالٍ عَلَيْهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام: ١٨] وَقَالَ تَعَالَى: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: ٥] فَامْتَدَحَ نَفْسَهُ بِأَنَّهُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى بِمَعْنَى أَنَّهُ عَلَا عَلَيْهِ، وَعَلِمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلْ عَالِيًا رَفِيعًا قَبْلَ خَلْقِ الْأَشْيَاءِ وَقَبْلَ خَلْقِ الْعَرْشِ الَّذِي هُوَ عَالٍ عَلَيْهِ سُبْحَانَهُ وَبِحَمْدِهِ.

ذِكْرُ كَلَامِهِ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِي إِثْبَاتِ الصِّفَاتِ وَقَدْ ذَكَرَ تَرْجَمَةَ هَذَا الْكِتَابِ فِي كِتَابِهِ الَّذِي سَمَّاهُ الْعُمْدَةَ فِي الرُّؤْيَةِ، فَقَالَ: وَأَلَّفْنَا كِتَابًا كَبِيرًا فِي الصِّفَاتِ تَكَلَّمْنَا عَلَى أَصْنَافِ الْمُعْتَزِلَةِ وَالْجَهْمِيَّةِ الْمُخَالِفِينَ لَنَا فِي نَفْيِهِمْ عِلْمَ اللَّهِ تَعَالَى وَقُدْرَتَهُ وَسَائِرَ صِفَاتِهِ، وَعَلَى أَبِي الْهُذَيْلِ وَمَعْمَرٍ، وَالنَّظَّامِ وَفِي فُنُونٍ كَثِيرَةٍ مِنْ فُنُونِ الصِّفَاتِ فِي إِثْبَاتِ الْوَجْهِ وَالْيَدَيْنِ وَفِي إِثْبَاتِ اسْتِوَاءِ الرَّبِّ سُبْحَانَهُ عَلَى الْعَرْشِ ثُمَّ سَاقَ مَضْمُونَهُ، ذِكْرُ كَلَامِهِ فِي كِتَابِ جُمَلِ الْمَقَالَاتِ قَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ذِي الْعِزَّةِ وَالْإِفْضَالِ وَالْجُودِ وَالنَّوَالِ أَحْمَدُهُ عَلَى مَا خَصَّ وَعَمَّ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَسْتَعِينُهُ عَلَى أَدَاءِ فَرَائِضِهِ، وَأَسْأَلُهُ الصَّلَاةَ عَلَى خَاتَمِ رُسُلِهِ، أَمَّا بَعْدُ؛ فَإِنَّهُ لَابُدَّ لِمَنْ أَرَادَ مَعْرِفَةَ الدِّيَانَاتِ وَالتَّمَيِيزِ بَيْنَهَا مِنْ مَعْرِفَةِ الْمَذَاهِبِ وَالْمَقَالَاتِ وَرَأَيْتُ النَّاسَ فِي حِكَايَةِ مَا يَحْكُونَ مِنْ ذِكْرِ الْمَقَالَاتِ " وَيُصَنِّفُونَ " فِي النِّحَلِ وَالدِّيَانَاتِ مِنْ بَيْنِ مُقَصِّرٍ فِيمَا يَحْكِيهِ وَغَالِطٍ فِيمَا يُذْكُرُهُ مِنْ

<<  <   >  >>