وَقَوْلُهُ الْمَنَافِعُ الَّتِي يُقْتَدَرُ عَلَى اسْتِيفَائِهَا: لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ أَنْ يُؤَجِّرَ الْمَأْجُورَ عَلَى أَنْ يَسْتَوْفِيَ مِنْ مَنَافِعِ الْمَأْجُورِ مَا لَيْسَ بِمُقْتَدِرٍ هُوَ عَلَى اسْتِيفَائِهِ. مَثَلًا لَوْ اسْتَأْجَرَ أَحَدٌ دَارًا لِلسُّكْنَى، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَجِّرَهَا عَلَى أَنْ تُسْتَعْمَلَ حَانُوتًا لِحَدَّادٍ أَوْ لِوَضْعِ طَاحُونٍ، وَقَوْلُهُ مِنْ آخَرَ - لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ إذَا آجَرَ الشَّيْءَ الْمَأْجُورَ مِنْ مُؤَجِّرِهِ لَا يَكُونُ صَحِيحًا، سَوَاءٌ أَكَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَ الْقَبْضِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمُؤَجَّرُ صَاحِبَ الْمَالِ أَوْ مُسْتَأْجِرًا. وَسَوَاءٌ أَكَانَ فِي الْمَسْأَلَةِ شَخْصٌ ثَالِثٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ يَقُومُ فِي الْمَنْفَعَةِ مَقَامَ الْمُؤَجَّرِ وَإِيجَارُ الْمَأْجُورِ مِنْ الْآجِرِ تَمْلِيكُهُ مَنَافِعَ مِلْكِهِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ شَرْعًا (رَدُّ الْمُحْتَارِ) . مَثَلًا لَوْ آجَرَ أَحَدٌ دَارِهِ مِنْ آخَرَ وَآجَرَهَا هَذَا مِنْ الْآجِرِ الْأَوَّلِ فَلَا يَصِحُّ، وَلَا يَطْرَأُ عَلَى الْإِجَارَةِ الْأُولَى خَلَلٌ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ الثَّانِيَةَ فَاسِدَةٌ، فَلَا تَقْدِرُ عَلَى رَفْعِ الْأُولَى الصَّحِيحَةِ، وَلَا تَلْزَمُ الْمُسْتَأْجِرَ أَيْ الْمُؤَجِّرَ الْأَوَّلَ أُجْرَةٌ. وَلَكِنْ إذَا قَبَضَ الْآجِرُ الْمَأْجُورَ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ بِسَبَبِ هَذِهِ الْإِجَارَةِ الثَّانِيَةِ وَبَقِيَ فِي يَدِهِ سَقَطَتْ الْأُجْرَةُ عَنْ الْمُسْتَأْجِرِ. عَلَى أَنَّ لِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِرْدَادَ الْمَأْجُورِ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ (التَّنْقِيحُ وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَرَدُّ الْمُحْتَارِ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . لَكِنْ إذَا لَمْ يَقْبِضْهُ، فَلَا تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ كَذَلِكَ الْحُكْمُ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ فِيمَا إذَا أَعَارَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ إلَى الْآجِرِ. أَيْ إنَّ الْمَأْجُورَ إذَا بَقِيَ فِي يَدِ الْآجِرِ تَسْقُطُ الْأُجْرَةُ وَلِلْمُسْتَأْجِرِ اسْتِرْدَادُهُ فِي أَيِّ وَقْتٍ أَرَادَ. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي اسْتِئْجَارِ الْوَكِيلِ بِالْإِيجَارِ الْمَأْجُورِ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ (اُنْظُرْ الْمَادَّةَ ٤٧٧) (الْأَشْبَاهُ، وَالْأَنْقِرْوِيّ، وَالْهِنْدِيَّةُ) . وَاذَا تَقَايَلَ الْمُسْتَأْجِرُ الْأَوَّلُ وَالْآجِرُ الْإِجَارَةَ بَعْدَ أَنْ آجَرَ الْمُسْتَأْجِرُ الْمَأْجُورَ مِنْ آخَرَ وَسَلَّمَهُ إيَّاهُ فَالْإِقَالَةُ صَحِيحَةٌ وَتَنْفَسِخُ الْإِجَارَةُ الْأُولَى وَالثَّانِيَةُ، كَمَا مَرَّ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٤٤٣) ، وَإِذَا كَانَ الْمَأْجُورُ مَنْقُولًا، فَلَيْسَ لِلْمُسْتَأْجِرِ إيجَارُهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ السَّابِعِ ". هَذَا وَبَعْدَ بَيَانِ التَّصَرُّفِ بِالْمَأْجُورِ قَبْلَ الْقَبْضِ نَأْتِي عَلَى التَّصَرُّفِ بِالْأُجْرَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ فِيمَا يَلِي:
أَوَّلًا: لِلْآجِرِ أَنْ يَشْتَرِيَ مَتَاعًا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي مُقَابِلِ بَدَلِ الْإِجَارَةِ الثَّابِتِ فِي ذِمَّتِهِ (الْبَزَّازِيَّةُ) .
ثَانِيًا: إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ عُرُوضًا أَوْ حَيَوَانَاتٍ أَوْ مَكِيلَاتٍ أَوْ مَوْزُونَاتٍ مُعَيَّنَةٍ، فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ قَبْلَ الْقَبْضِ، كَمَا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَبِيعَهَا مِنْ غَيْرِهِ كَذَلِكَ.
ثَالِثًا: إذَا كَانَتْ الْأُجْرَةُ غَيْرَ مُعَيَّنَةٍ أَيْ دَيْنًا ثَابِتًا فِي الذِّمَّةِ كَالْمَوْزُونَاتِ الَّتِي تَلْزَمُ بِشَرْطِ التَّعْجِيلِ أَوْ اسْتِيفَاءِ الْمَنْفَعَةِ، فَلَيْسَ لِلْآجِرِ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ آخَرَ قَبْلَ الْقَبْضِ وَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ، وَإِذَا كَانَ الْمَالُ الْمَأْخُوذُ مِنْ الْمُسْتَأْجِرِ فِي مُقَابِلِهِ عَيْنًا يَجُوزُ حَسْبَ حُكْمِ الْفِقْرَةِ الْأُولَى مِنْ هَذِهِ الْمَادَّةِ، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ عَيْنًا بَلْ كَانَ دَيْنًا فَيَجِبُ الْقَبْضُ فِي الْمَجْلِسِ، فَإِذَا حَصَلَ افْتِرَاقٌ قَبْلَ الْقَبْضِ بِنَقْضِ الْبَيْعِ " الْهِنْدِيَّةُ فِي الْبَابِ الرَّابِعِ ".
رَابِعًا: إذَا وَهَبَ الْمُؤَجِّرُ الْأُجْرَةَ الَّتِي تَكُونُ دَيْنًا لِلْمُسْتَأْجِرِ أَوْ أَبْرَأهُ مِنْهَا، فَإِذَا كَانَ مَشْرُوطًا أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute