وَإِذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْبَيِّنَةِ فَيُقَالُ مَعَ بَيَانِ كَوْنِ الشُّيُوعِ مُقَارَنًا إذَا تَبَيَّنَ كَوْنُ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ مِلْكًا لِلْمُسْتَحِقِّ فِي وَقْتِ الْهِبَةِ وَكَانَ الْمَوْهُوبُ بُسْتَانًا وَاسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبُ لَهُ الْأَثْمَارَ الْحَاصِلَةَ فِي الْمُدَّةِ الْوَاقِعَةِ بَعْدَ الِاتِّهَابِ وَقَبْلَ الِاسْتِحْقَاقِ لَزِمَهُ ضَمَانُ حِصَّةِ الْمُسْتَحَقِّ فِي الْأَثْمَارِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُثْبِتُ الْمِلْكَ مِنْ الْأَصْلِ اُنْظُرْ الْمَادَّةَ (٧٨) وَشَرْحَهَا. أَمَّا إذَا ثَبَتَ الِاسْتِحْقَاقُ بِالْإِقْرَارِ فَإِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْوَاهِبِ فَهَذَا الْإِقْرَارُ الَّذِي بِحَقِّ أَخْذِ الْمَوْهُوبِ مِنْ يَدِ الْمَوْهُوبِ لَهُ لَغْوٌ؛ لِأَنَّهُ إقْرَارٌ فِي حَقِّ الْغَيْرِ وَهَذَا بَاطِلٌ. وَإِذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَيُؤَاخَذُ بِلَا شَكٍّ الْمَوْهُوبِ لَهُ بِإِقْرَارِهِ هَذَا وَلَكِنْ هَلْ تَبْطُلُ الْهِبَةُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِعُرُوضِ الشُّيُوعِ (الطَّحْطَاوِيُّ) . قَدْ ذَكَرْنَا آنِفًا الْمَسَائِلَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْكُتُبِ الْفِقْهِيَّةِ فِي الشُّيُوعِ الْعَارِضِ لِلْمَوْهُوبِ بَعْدَ الْهِبَةِ وَلِأُبَادِرَ، الْآنَ إلَى بَيَانِ رَأْيِي الْعَاجِزِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ:
إذَا عَرَضَ شُيُوعٌ لِلْمَوْهُوبِ بِالِاسْتِحْقَاقِ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاسْتِحْقَاقُ ثَابِتًا بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَوْهُوبِ لَهُ فَهَذَا الشُّيُوعُ طَارِئٌ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ إذَا أَثْبَتَ مُدَّعَاهُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ تَحَقَّقَ أَنَّ الْوَاهِبَ فُضُولِيٌّ فِي هِبَةِ نِصْفِ الْمَوْهُوبِ وَكَانَ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمُسْتَحِقِّ؛ لِأَنَّهُ يُسْتَفَادُ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُبَيَّنَةِ فِي الْبَابِ التَّاسِعِ مِنْ كِتَابِ الْهِبَةِ وَالْبَابِ الرَّابِعِ مِنْ كِتَابِ الْغَصْبِ مِنْ الْهِنْدِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ اُخْتُلِفَ فِي كَوْنِ ظُهُورِ مُسْتَحِقٍّ لِلْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فِي الْعَقْدِ الْفُضُولِيِّ مُسْتَلْزِمًا انْفِسَاخَ الْعَقْدِ الْوَاقِعِ أَمْ غَيْرَ مُسْتَلْزِمٍ. وَيَتَبَيَّنُ مِنْ الْمَادَّةِ (٦٣٨) مِنْ الْمَجَلَّةِ أَيْضًا أَنَّ عَقْدَ الْفُضُولِيِّ لَا يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّهُ تَجُوزُ الْإِجَازَةُ بَعْدَ ذَلِكَ. فَعَلَيْهِ لَوْ أَجَازَ الْمُسْتَحِقُّ بَعْدَ ذَلِكَ الْهِبَةَ جَازَتْ وَنَفَذَتْ بِمُقْتَضَى الْمَادَّةِ (٨٥٧) وَإِذَا لَمْ يُجِزْهَا تَنْفَسِخُ الْهِبَةُ فِي النِّصْفِ الْمُسْتَحَقِّ عِنْدَ عَدَمِ الْإِجَازَةِ. وَلِذَلِكَ يَحْدُثُ الشُّيُوعُ فِي زَمَانِ عَدَمِ الْإِجَازَةِ وَالْفَسْخِ وَلَمْ يَكُنْ مَوْجُودًا قَبْلًا فَلِذَلِكَ لَا يَسْتَحِقُّ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ التَّخْطِئَةَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَلْ يَسْتَحِقُّهُ مُخَطِّئُوهُ وَهَذَا إنْجَازُ مَا وَعَدْنَاهُ مِنْ التَّفْصِيلِ فِي شَرْحِ الْمَادَّةِ (٥٥) .
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةَ عَشْرَةَ - إنَّ هِبَةَ حِصَّةٍ مِنْ مَالٍ غَيْرِ قَابِلٍ لِلْقِسْمَةِ كَحُجْرَةٍ وَاحِدَةٍ، وَدَابَّةٍ، وَاحِدَةٍ وَثَوْبٍ وَاحِدٍ وَحَائِطٍ وَاحِدَةٍ صَحِيحَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ لَا يُتَصَوَّرُ فِي مُشَاعٍ كَهَذَا فَيَلْزَمُ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَبْضِ الْقَاصِرَ، (أَبُو السُّعُودِ الْمِصْرِيُّ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اُعْتُبِرَ الْقَبْضُ الْكَامِلُ فِي هَذَا أَيْضًا لَاقْتَضَى ذَلِكَ انْسِدَادَ بَابِ الْهِبَةِ فِي هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْأَمْوَالِ.
سُؤَالٌ: تَسْتَلْزِمُ هِبَةُ الْحِصَّةِ الشَّائِعَةِ فِي الْأَمْوَالِ الَّتِي لَيْسَتْ قَابِلَةً لِلْقِسْمَةِ إيجَابَ الْمُهَايَأَةِ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ وَالْحَالُ أَنَّ الْإِيجَابَ عَلَى الْمُتَبَرِّعِ غَيْرُ جَائِزٍ.
جَوَابٌ: بِمَا أَنَّ الْمُهَايَأَةَ كَمَا هُوَ مَذْكُورٌ فِي الْمَادَّةِ (٤١٩) عِبَارَةٌ عَنْ قِسْمَةِ الْمَنَافِعِ، وَالتَّبَرُّعُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَى الْعَيْنِ وَالْإِيجَابُ الْمَذْكُورُ وَاقِعٌ عَلَى الشَّيْءِ الَّذِي لَمْ يُتَبَرَّعْ بِهِ وَلَا ضَرَرَ مِنْ ذَلِكَ (الزَّيْلَعِيّ وَالطَّحْطَاوِيُّ) . مَثَلًا: تَصِحُّ هِبَةُ حِصَّةٍ مَعْلُومَةٍ مِنْ دَابَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ رِيَالٍ وَاحِدٍ أَوْ ثَوْبٍ وَاحِدٍ (الْهِدَايَةُ وَالْبَهْجَةُ) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute