الْمُوَاصَلَةُ بِالسُّلْطَانِ وَأَوْلِيَائِهِ، كَثْرَةُ الْخُرُوجِ إلَى الْأَسْوَاقِ، الضَّحِكُ بَيْنَ الْعَامَّةِ، التَّكَلُّمُ مَعَ الْمُرَاهِقِينَ، الشُّرْبُ مِنْ أَيْدِي السَّقَّائِينَ، الْقُعُودُ عَلَى الْحَوَانِيتِ، كَثْرَةُ الْكَلَامِ مَعَ زَوْجَتِهِ فِي الْفِرَاشِ، الْجَمْعُ بَيْنَ امْرَأَتَيْنِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ، اسْتِخْفَافُ النَّاسِ وَكَثْرَةُ مُعَاشَرَتِهِمْ، الْعَجَلَةُ فِي الْأُمُورِ، النِّدَاءُ مِنْ خَلْفِ أَحَدٍ، الِاطْمِئْنَانُ بِمَتَاعِ الدُّنْيَا، مُجَالَسَةُ أَهْلِ الْهَوَى بِلَا قَصْدِ إرْشَادٍ، إظْهَارُ أَسْرَارِ النَّاسِ، إظْهَارُ الِافْتِقَارِ إلَى النَّاسِ، الِالْتِفَاتُ يَمِينًا وَشِمَالًا عِنْدَ الْمَشْيِ فِي الطَّرِيقِ، تَحْقِيرُ مَجَالِسِ الذِّكْرِ وَالْعِظَةِ وَالنُّصْحِ هَذِهِ نُبْذَةٌ مِنْ نَصَائِحِ الْإِمَامِ الْأَعْظَمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - لِلْإِمَامِ الثَّانِي إلَّا قَلِيلًا.
(هَذَا) أَيْ مِنْ أَوَّلِ بَحْثِ التَّقْوَى إلَى هُنَا (تَمَامُ الْقَوْلِ) مِنَّا (فِي التَّقْوَى) بِالْمَعْنَى الْوَسَطِيِّ (فَعَلَيْك) أَيُّهَا السَّالِكُ (بِهَذِهِ الثَّلَاثَةِ) أَعْنِي (تَصْحِيحَ الِاعْتِقَادِ، وَعِلْمَ الْحَالِ وَالتَّقْوَى، فَإِنَّهَا) هَذِهِ الثَّلَاثَةُ (جَامِعَةٌ) لِكُلِّ مَا لَزِمَ عَلَى السَّالِكِ (وَكَافِيَةٌ فِي النَّجَاةِ) تَفَضُّلًا أَوْ عَادِيًا (مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَعِقَابِهِ وَغَضَبِهِ وَسُخْطِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْقَبْرِ وَمَا بَعْدَهُ و) كَافِيَةٌ (فِي الْفَوْزِ بِرِضَا اللَّهِ تَعَالَى وَمَحَبَّتِهِ وَدُخُولِ جَنَّتِهِ وَغَيْرُ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ مِنْ الطَّاعَاتِ إنَّمَا يُعْتَدُّ بِهِ) عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى (بَعْدَهَا) بَعْدَ وُجُودِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ (وَ) يُعْتَدُّ (فِي زِيَادَةِ الدَّرَجَاتِ فَقَطْ) دُونَ النَّجَاةِ وَالْفَوْزِ (ثُمَّ إنَّ تَصْحِيحَ الِاعْتِقَادِ دَاخِلٌ فِي عِلْمِ الْحَالِ كَمَا بَيَّنَّا فِي فَصْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ) أَيْ عِلْمُ الْحَالِ (دَاخِلٌ فِي التَّقْوَى؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عِلْمَ الْحَالِ (فَرْضُ عَيْنٍ فَتَرْكُهُ حَرَامٌ تَجِبُ الصِّيَانَةُ عَنْهُ فِي تَحْقِيقِ التَّقْوَى) لَا يَخْفَى أَنَّ وُجُوبَ تِلْكَ الصِّيَانَةِ فِي الْفَتْوَى لَا التَّقْوَى فَتَدَبَّرْ.
(فَآلَ الْأَمْرُ) أَيْ رَجَعَ (إلَى التَّقْوَى وَحْدَهَا فَهِيَ الْكَافِيَةُ الْوَافِيَةُ بِلَا انْضِمَامِ شَيْءٍ آخَرَ إلَيْهَا) كَيْفَ وَلَمْ يَكُنْ فِي الشَّرْعِيَّاتِ أَمْرٌ خَارِجٌ عَنْهَا (فَلِذَا كَثُرَ جِدًّا الْأَمْرُ وَالْوَصِيَّةُ بِهَا فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَسُنَّةِ حَبِيبِهِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَفِي كَلَامِ الْأَنْبِيَاءِ وَالْأَوْلِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ) كَمَا سَبَقَ بَعْضُهَا مَتْنًا وَشَرْحًا (وَسُنَّ ذِكْرُهَا مَرَّتَيْنِ فِي الْخُطْبَةِ عِنْدَنَا) يَلْزَمُ الْإِسَاءَةُ مِنْ تَرْكِهَا (وَفَرْضٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) فَالْمُتَوَرِّعُ لَا يَتْرُكُهُمَا كَمُعَامَلَةِ الْفَرْضِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِيَاطَ فِي الِاتِّفَاقِ (وَكَانَ) لِلِاسْتِمْرَارِ (اهْتِمَامُ السَّلَفِ وَاجْتِهَادُهُمْ فِيهَا خُصُوصًا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِحُقُوقِ الْعِبَادِ) دَمًا أَوْ مَالًا أَوْ عِرْضًا؛ لِأَنَّهُمْ مُحْتَاجُونَ، بِخِلَافِ حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّهَا عَلَى الْمُسَامَحَةِ (وَالْبَهَائِمِ) وَطْئًا أَوْ قَتْلًا أَوْ ضَرْبًا بِلَا عُذْرٍ أَوْ ضَرْبَ وَجْهٍ مُطْلَقًا وَالرُّكُوبَ وَالْحَمْلَ فَوْقَ الطَّاقَةِ وَعَدَمَ إعْطَاءِ عَلَفِهَا وَمَائِهَا وَمِنْ جُمْلَةِ اهْتِمَامِ السَّلَفِ مَا رُوِيَ (عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ أَدْهَمَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَنَّهُ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً إلَى عَمَّانَ) بَلَدٌ فِي دِيَارِ الْيَمَنِ أَوْ فِي دِيَارِ الشَّامِ الْأَوَّلُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالثَّانِي بِفَتْحِهَا (فَبَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ إذْ سَقَطَ سَوْطُهُ فَنَزَلَ عَنْ الدَّابَّةِ فَرَبَطَهَا) فِي مَوْضِعِهَا (وَذَهَبَ رَاجِلًا) إلَى مَكَانِ السَّوْطِ (وَأَخَذَ السَّوْطَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute