للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْفُوعًا «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ تُسَافِرَ مَسِيرَةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إلَّا مَعَ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ عَلَيْهَا» ، وَفِي أُخْرَى «مَسِيرَةَ يَوْمٍ» ، وَفِي أُخْرَى «مَسِيرَةَ لَيْلَةٍ» فَفِي مُدَّةِ السَّفَرِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْحَنَفِيَّةِ) ، وَفِي التَّفْرِيعِ نَوْعُ خَفَاءٍ إلَّا أَنْ تُحْمَلَ الْفَاءُ عَلَى مَعْنًى غَيْرِ التَّفْرِيعِ، وَفِي الْحَاشِيَةِ قَيَّدَ بِالْحَنَفِيَّةِ؛ لِأَنَّ سَفَرَ الْحُرَّةِ يَجُوزُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ لِلْحَجِّ وَالزِّيَارَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ خُرُوجُ النِّسَاءِ إذَا كَانَتْ مَعَ رُفْقَةٍ فِيهِمْ النِّسَاءُ ذَوَاتُ الْمَحَارِمِ أَوْ كَانَتْ أَمِينَةً عَلَى نَفْسِهَا أَوْ مَعَ نِسْوَةٍ ثِقَاتٍ وَالْمَحْرَمُ مَنْ لَا يَجُوزُ لَهُ نِكَاحُهَا مُؤَبَّدًا سَوَاءٌ بِالرَّحِمِ أَوْ الصِّهْرِ أَوْ الرَّضَاعِ حُرًّا أَوْ عَبْدًا أَوْ ذِمِّيًّا عَاقِلًا أَوْ مُرَاهِقًا غَيْرَ مَجُوسِيٍّ وَلَا فَاسِقٍ وَلَا مَجْنُونٍ وَلَا صَبِيٍّ غَيْرِ عَاقِلٍ، وَأَمَّا الْمُصَاهَرَةُ مِنْ الزِّنَا فَقَالَ بَعْضٌ بِعَدَمِ جَوَازِ النَّظَرِ وَالْمَسِّ وَهُوَ الْأَقْيَسُ، وَعَنْ السَّرَخْسِيِّ لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي التتارخانية كَذَا قِيلَ.

لَكِنْ فِي إطْلَاقِ الْمُسَافِرِ فِي الْمَحْرَمِ الَّذِي غَيْرُ ذِي رَحِمٍ لَا سِيَّمَا الرَّضَاعَةُ كَلَامٌ فَلْيُسْتَقْرَ، ثُمَّ عِنْدَ الِاحْتِيَاجِ إلَى الْإِرْكَابِ وَالْإِنْزَالِ بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْ الرُّكُوبُ بِنَفْسِهَا فَلَا بَأْسَ أَنْ يَمَسَّهَا مِنْ وَرَاءِ ثِيَابِهَا وَيَأْخُذَ ظَهْرَهَا وَبَطْنَهَا دُونَ مَا تَحْتَهَا إنْ أَمِنَ الشَّهْوَةَ، وَإِنْ خَافَ عَلَيْهَا أَوْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ ظَنَّ أَوْ شَكَّ اجْتَنِبْ ذَلِكَ بِجَهْدِهِ، وَفِي تَقْيِيدِ الْمُصَنِّفِ بِالْحُرَّةِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الْأَمَةَ وَالْمُدَبَّرَةَ وَالْمُكَاتَبَةَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَمُعْتَقَةَ الْبَعْضِ تُسَافِرُ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَمَا هُوَ فِي رِوَايَةِ الْأَصْلِ لَكِنْ فِي قَاضِي خَانْ، وَفِي زَمَانِنَا كُرِهَ لَهَا الْمُسَافَرَةُ أَيْضًا بِغَيْرِ مَحْرَمٍ فَالْأَوْلَى لِلْمُصَنِّفِ تَرْكُ ذَلِكَ التَّقْيِيدِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ الْحَدِيثِ (وَاخْتَلَفُوا فِيمَا دُونَهَا) دُونَ مُدَّةِ السَّفَرِ قِيلَ وَالْأَقْوَى دِرَايَةً الْحُرْمَةُ لِلْأَحَادِيثِ الْمَذْكُورَةِ أَقُولُ كَيْفَ تَدُلُّ تِلْكَ الْأَحَادِيثُ وَقَدْ قَيَّدَ فِي بَعْضِهَا بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَالْعَدَدُ خَاصٌّ دَلَالَتُهُ قَطْعِيَّةٌ فَلَيْسَ لَهُ دَلَالَةٌ عَلَى مَا دُونَهَا بَلْ يَدُلُّ عَلَى الْعَدَمِ إشَارَةً بَلْ مَفْهُومًا أَيْضًا وَمَفْهُومُ الْعَدَدِ حُجَّةٌ عِنْدَ بَعْضٍ مِنَّا كَمَا عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ بَلْ نَقُولُ إنَّ الرِّوَايَاتِ كَالنُّصُوصِ الْمُتَعَارِضَةِ فَلَا يُحْتَجُّ بِلَا تَوْفِيقٍ أَوْ تَرْجِيحٍ فَلْيُتَأَمَّلْ حَتَّى يَظْهَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا، ثُمَّ قِيلَ، وَأَمَّا السَّفَرُ فِيمَا دُونَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بِلَا زَوْجٍ وَمَحْرَمٍ فَجَائِزٌ إذَا كَانَ مَعَ مِثْلِهَا أَوْ مَعَ رَجُلٍ مُتَدَيِّنٍ مُؤْتَمَنٍ عَلَيْهِ بِشَرْطِ عَدَمِ الْخَلْوَةِ وَكَوْنِ الْخُرُوجِ إلَى مَوَاضِعَ أُذِنَ لِلْخُرُوجِ إلَيْهَا مِثْلِ الزِّيَارَةِ وَالْحَجِّ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالْأَوْلَى عَدَمُ الْخُرُوجِ فِي زَمَانِنَا لِتَغَيُّرِ الزَّمَانِ وَقِلَّةِ الْمُتَدَيِّنِينَ انْتَهَى.

أَقُولُ ظَاهِرُ إطْلَاقِ هَذِهِ الرِّوَايَاتِ هُوَ الْجَوَازُ الْمُطْلَقُ وَمَا اعْتَبَرَهُ مِنْ الْقُيُودِ إنْ بِالرَّأْيِ فَلَا يُقْبَلُ، وَإِنْ بِالنَّصِّ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِهِ، وَعَنْ النَّوَوِيِّ الرِّوَايَاتُ كُلُّهَا صَحِيحَةٌ لَكِنْ لَا يُرِيدُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِهَا تَحْدِيدَ الْمُدَّةِ بَلْ الْمُرَادُ حُرْمَةُ السَّفَرِ لِلْمَرْأَةِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ وَالِاخْتِلَافُ وَقَعَ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي حَدِيثِ «لَا تُسَافِرُ الْمَرْأَةُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ، وَفِي رِوَايَةٍ «فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ» ، وَفِي أُخْرَى «يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ» وَأُخْرَى «يَوْمٍ» وَلَيْسَ الْقَصْدُ بِهَا التَّحْدِيدَ بَلْ الْمَدَارُ عَلَى مَا يُسَمَّى سَفَرًا عُرْفًا وَالِاخْتِلَافُ إنَّمَا وَقَعَ لِاخْتِلَافِ السَّائِلِينَ أَوْ الْمَوَاطِنِ وَلَيْسَ هُوَ الْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ بَلْ الْعَامُّ الَّذِي ذُكِرَ بَعْضُ أَفْرَادِهِ وَذَا لَا يُخَصَّصُ عَلَى الْأَصَحِّ، وَأَيْضًا فِي الْجَامِعِ «لَا تُسَافِرُ امْرَأَةٌ بَرِيدًا» الْبَرِيدُ أَرْبَعَةُ فَرَاسِخَ وَالْفَرْسَخُ ثَلَاثُ أَمْيَالٍ وَالْمِيلُ مُنْتَهَى مَدِّ الْبَصَرِ كَذَا فِي الْفَيْضِ.

(وَمِنْهَا الرُّكُوبُ) عَلَى الدَّابَّةِ (عِنْدَ الْوُقُوفِ الطَّوِيلِ وَعَدَمُ النُّزُولِ) بِلَا عُذْرٍ إنْ طَالَ الرُّكُوبُ (حَدّ عَنْ سَهْلِ بْنِ مُعَاذٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «لَا تَتَّخِذُوا ظُهُورَ دَوَابِّكُمْ كَرَاسِيَّ» لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْذِيبِ الْحَيَوَانِ بِلَا فَائِدَةٍ فَيَنْزِلُ حِينَئِذٍ إلَّا مَأْثُورًا كَمَا فِي الْوَقْفَةِ كَمَا رُوِيَ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَلَى رَاحِلَتِهِ وَاقِفًا» .

وَكَذَا مِنْ الْآفَاتِ تَحْمِيلُ الدَّابَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>