للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَتَّى صَارَ الْأَمْرُ كَالْعَيَانِ قَالَ ابْنُ عَرَبِيٍّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - أَخْبَرَ الْمُصْطَفَى - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ الشَّيْطَانَ يَتَّصِلُ بِالْإِنْسَانِ بِسَبَبِ الْغَمَرِ فَيَتَحَسَّسُ بِهِ وَيَلْحَسُهُ وَيَتَّصِلُ بِهِ فَيُصِيبُهُ دَاءٌ أَوْ جُنُونٌ فَلْيَجْتَهِدْ فِي إزَالَةِ الْغَمَرِ.

(تَنْبِيهٌ)

قَالَ فِي الْبَحْرِ أَخْبَرَ أَنَّهُ يَلْحَسُ الرَّائِحَةَ وَالْغَمَرُ دُونَ الْعَيْنِ، وَعَلَيْهِ مُشَارَكَتُهُ لِلنَّاسِ فِي الْأَكْلِ إنَّمَا هِيَ مُشَارَكَةٌ فِي رَائِحَةِ طَعَامِهِمْ دُونَ عَيْنِهِ وَقَدْ تَكُونُ مُشَارَكَتُهُ لَهُمْ بِذَهَابِ الْبَرَكَةِ مِنْهُ لِعَدَمِ التَّسْمِيَةِ عَلَيْهِ وَشَنَّعَ عَلَيْهِ ابْنُ عَرَبِيٍّ بِأَنَّهُ حِبَالَةُ إلْحَادٍ بَلْ يَأْكُلُ وَيَشْرَبُ وَيَنْكِحُ وَيُولَدُ لَهُ قَالَ وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ الْجِنَّ وَالشَّيْطَانَ بَسَائِطُ، فَإِنَّمَا أَرَادَ أَنَّهُمْ لَا يَفْنَوْنَ وَهُمْ يَفْنَوْنَ وَقَوْلُهُ فِي الْحَدِيثِ إنَّهُ حَسَّاسٌ لَحَّاسٌ لَيْسَ فِيهِ مَا يَقْتَضِي عَدَمَ الْأَكْلِ بَلْ يَشُمُّ وَيَأْكُلُ وَلَهُ لَذَّةٌ فِي الشَّمِّ كَلَذَّتِنَا فِي كُلِّ طُعْمَةٍ (وَفِي رِوَايَةِ " طب " عَنْ أَبِي سَعِيدٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «فَأَصَابَهُ وَضَحٌ» بِالْمُعْجَمَةِ فَالْمُهْمَلَةِ أَيْ بَهَقٌ وَبَرَصٌ.

(وَمِنْهَا الِانْبِطَاحُ) وَهُوَ الِاضْطِجَاعُ عَلَى الْبَطْنِ (بِلَا عُذْرٍ) كَعُذْرِ هَضْمِ الطَّعَامِ أَوْ غَمْزِ الْأَعْضَاءِ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (مج عَنْ أَبِي ذَرٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - أَنَّهُ قَالَ «مَرَّ بِي رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَنَا مُضْطَجِعٌ عَلَى بَطْنِي» اسْتِرَاحَةً بِلَا اقْتِضَاءٍ «فَرَكَضَنِي» ضَرَبَنِي وَحَرَّكَنِي «بِرِجْلِهِ وَقَالَ يَا جُنَيْدِبُ» تَصْغِيرُ جُنْدَبٍ اسْمُ أَبِي ذَرٍّ وَهُوَ كُنْيَتُهُ «إنَّمَا هَذِهِ ضَجْعَةُ أَهْلِ النَّارِ» فُسِّرَ هَكَذَا يُلْقَوْنَ فِي النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِمْ فَلَا تُشَابِهْهُمْ (وَفِي رِوَايَةِ " د " عَنْ طِخْفَةَ) بِكَسْرٍ وَسُكُونِ الْمُعْجَمَةِ ثُمَّ فَاءٍ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «إنَّ هَذِهِ ضَجْعَةٌ يَبْغَضُهَا اللَّهُ» ، وَفِي رِوَايَةِ " ت " عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «إنَّ هَذِهِ ضَجْعَةٌ لَا يُحِبُّهَا اللَّهُ» اعْلَمْ أَنَّ النَّوْمَ عَلَى الْقَفَا نَوْمُ الْأَنْبِيَاءِ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالنَّوْمَ عَلَى الْيَمِينِ لِلْعُلَمَاءِ وَالْعُبَّادِ وَالنَّوْمَ عَلَى الشِّمَالِ نَوْمُ الْمُلُوكِ لِهَضْمِ الطَّعَامِ وَالنَّوْمَ عَلَى الْوَجْهِ نَوْمُ الشَّيَاطِينِ وَالْكَفَرَةِ.

(وَمِنْهَا النَّوْمُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُوزٍ عَلَيْهِ) يَعْنِي لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ يَمْنَعُ السُّقُوطَ بَغْتَةً (ت عَنْ جَابِرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَنَامَ الرَّجُلُ عَلَى سَطْحٍ لَيْسَ بِمَحْجُوزٍ عَلَيْهِ» لِئَلَّا يَهْوِيَ عِنْدَ قِيَامِهِ مِنْ النَّوْمِ فَيَهْلَكَ (وَفِي رِوَايَةِ " د " عَنْ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ) الْحَنَفِيِّ الْيَمَانِيِّ «مَنْ بَاتَ عَلَى ظَهْرِ بَيْتٍ لَيْسَ عَلَيْهِ حِجَازٌ» بِالزَّايِ مَا يَحْجِزُ عَنْهُ وَيَمْنَعُ «أَوْ حِجَابٌ» بِمَعْنَاهُ «فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ الذِّمَّةُ» زَالَتْ عِصْمَةُ نَفْسِهِ وَصَارَ كَالْمُهْدَرِ الَّذِي لَا ذِمَّةَ لَهُ فَلَعَلَّهُ يَنْقَلِبُ فِي نَوْمِهِ فَيَسْقُطُ وَيَمُوتُ هَدَرًا (وَفِي رِوَايَةِ " طب " عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ) بْنِ أَبِي طَالِبٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - «مَنْ نَامَ عَلَى سَطْحٍ لَا جِدَارَ لَهُ فَمَاتَ فَدَمُهُ هَدَرٌ» يَعْنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>