للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُخَنَّثِينَ مِنْ الرِّجَالِ» وَهُوَ الَّذِي يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ فِي كَلَامِهِ وَحَرَكَاتِهِ، وَفِي الْخِضَابِ وَاللِّبَاسِ وَغَيْرِهَا وَتَارَةً يَكُونُ هَذَا التَّشَبُّهُ جِبِلَّةً وَتَارَةً يَكُونُ بِتَكَلُّفٍ، وَالْمَذْمُومُ هُوَ الثَّانِي إذْ لَا تَكْلِيفَ فِي الْأَفْعَالِ الْغَيْرِ الِاخْتِيَارِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ تَغْيِيرٌ لِخَلْقِ اللَّهِ وَتَغْيِيرُ خَلْقِ اللَّهِ مُضَادَّةُ اللَّهِ تَعَالَى، وَكَذَا مَضْغُ الْعِلْكِ لَهُ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ بِالنِّسَاءِ «وَالْمُتَرَجِّلَاتِ مِنْ النِّسَاءِ» أَيْ الْمُتَشَبِّهَاتُ بِالرِّجَالِ «وَقَالَ أَخْرِجُوهُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ فَأَخْرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فُلَانَةَ» أَيْ: امْرَأَةً كَانَتْ مُتَرَجِّلَةً مِنْ الْمَدِينَةِ (وَأَخْرَجَ عُمَرُ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - فِي زَمَنِ خِلَافَتِهِ (فُلَانًا) رَجُلًا يَتَشَبَّهُ بِالنِّسَاءِ قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْحَدِيثِ بَيَانٌ أَنَّ لِلْمُخَنَّثِينَ حُكْمُ الرِّجَالِ الْفُحُولِ، وَكَذَا حُكْمُ الْخَصِيِّ وَالْمَجْبُوبِ وَإِنَّمَا نَهَاهُمْ عَنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمْ يَصِفُونَ النِّسَاءَ بِحَضْرَةِ الرِّجَالِ فَيُفْضِي ذَلِكَ إلَى الْفِتْنَةِ أَوْ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الدَّاخِلُ عَلَيْهِنَّ مِمَّنْ يَتَكَلَّفُ الْخُنُوثَةَ كَمَا عَنْ ابْنِ الْمَلِكِ (، وَفِي رِوَايَةٍ «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ وَالْمُتَشَبِّهَاتِ مِنْ النِّسَاءِ بِالرِّجَالِ» قَالَ فِي الْبَزَّازِيَّةِ وَالْمُخَنَّثُ فِي الرَّدِيءِ مِنْ الْأَفْعَالِ لَا يَحِلُّ لَهُ الْمُخَالَطَةُ مَعَ النِّسَاءِ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يَشْتَهِي النِّسَاءَ وَبِهِ تَكَسُّرٌ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ قِيلَ لَهُ مُخَالَفَةُ النِّسَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ رَدِيءٌ مِنْ الْأَفْعَالِ وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ مُطْلَقًا.

(وَمِنْهَا إبَاقُ الْمَمْلُوكِ) أَمَةً أَوْ عَبْدًا (وَعِصْيَانُهُ لِمَوْلَاهُ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فِيمَا لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ (م عَنْ جَرِيرٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - مَرْفُوعًا «أَيُّمَا عَبْدٍ أَبَقَ» أَيْ: فَرَّ مِنْ مَوْلَاهُ أَيُّمَا لِلشَّرْطِ مُبْتَدَأٌ، وَمَا مَزِيدَةٌ لِلتَّأْكِيدِ وَأَبَقَ خَبَرُهُ لَا صِفَةُ عَبْدٍ؛ لِأَنَّ الْمُبْتَدَأَ يَبْقَى بِلَا خَبَرٍ وَجَوَابُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ «فَقَدْ بَرِئَ مِنْهُ الذِّمَّةُ» أَيْ الْعَهْدُ. قِيلَ كِنَايَةٌ عَنْ اسْتِحْقَاقِ التَّعْزِيرِ وَالتَّأْدِيبِ وَجَوَازِ الضَّرْبِ لِأَجْلِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاحُ قَتْلُهُ وَقِيلَ إنَّ الذِّمَّةَ الْإِيمَانُ وَعَهْدُهُ. وَيُؤَيِّدُهُ رِوَايَةُ فَقَدْ كَفَرَ بَدَلَ فَقَدْ بَرِئَ قِيلَ فَيُحْمَلُ عَلَى كَوْنِهِ مُسْتَحِلًّا لِلْإِبَاقِ أَقُولُ فِيهِ نَظَرٌ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِهَا الْحُرْمَةَ أَوْ يَخْرُجَ عَنْ احْتِرَامِ الْمُسْلِمِينَ (وَفِي رِوَايَةٍ «إذَا أَبَقَ الْعَبْدُ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ» ، وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «أَيُّمَا عَبْدٍ مَاتَ فِي إبَاقِهِ دَخَلَ النَّارَ، وَإِنْ كَانَ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ» (طط عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (مَرْفُوعًا «أَوَّلُ سَابِقٍ إلَى الْجَنَّةِ مَمْلُوكٌ أَطَاعَ اللَّهَ وَأَطَاعَ مَوَالِيَهُ» لِأَنَّ لَهُ أَجْرَ إطَاعَةِ رَبِّهِ وَأَجْرَ إطَاعَةِ مَوْلَاهُ وَلِأَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>