للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنْ مَاتَ بَائِعٌ بِثُنْيَا انْتَقَلَتْ ... لِوَارِثٍ وَالْعَكْسُ قَالُوا بَطَلَتْ

إذْ بَائِعٌ فِيهِ كَمَوْهُوبٍ لَهُ ... وَمُشْتَرٍ كَوَاهِبٍ عِ أَصْلَهُ

وَذَاكَ فِي الطَّوْعِ بِهَا أَمَّا إذَا ... كَانَتْ بِشَرْطِ الْفَسَادِ أَنْبِذَا

ثَمَّتْ هَلْ بَيْعُ فَسَادٍ أَوْ سَلَفْ ... يَجُرُّ نَفْعًا فِي الْخَرَاجِ يُخْتَلَفْ

وَذَاكَ بَعْدَ الْقَبْضِ أَمَّا قَبْلَهُ ... بِالِاتِّفَاقِ رَدَّ مَا اسْتَغَلَّهُ

قَالَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ -

وَجَازَ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ ... طَوْعًا بِحَدٍّ وَبِغَيْرِ حَدِّ

وَحَيْثُمَا شَرْطٌ عَلَى الطَّوْعِ جُعِلْ ... فَالْأَحْسَنُ الْكَتْبُ بِعَقْدٍ مُسْتَقِلْ

وَالْقَوْلُ قَوْلُ مُدَّعٍ لِلطَّوْعِ ... لَا مُدَّعِي الشَّرْطِ بِنَفْسِ الْبَيْعِ

يَعْنِي أَنَّ الْبَيْعَ عَلَى خِيَارٍ تَارَةً يَكُونُ مَدْخُولًا عَلَيْهِ ابْتِدَاءً بِحَيْثُ يَنْعَقِدُ الْبَيْعُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ عَلَى خِيَارٍ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا، وَتَارَةً يَنْعَقِدُ بَيْنَهُمَا عَلَى الْبَتِّ ثُمَّ يَجْعَلُ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ الْخِيَارَ، وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ الثَّانِي نَبَّهَ النَّاظِمُ هُنَا بِقَوْلِهِ وَجَازَ إنْ وَقَعَ بَعْدَ الْعَقْدِ فَفَاعِلُ جَازَ لِلْخِيَارِ الْمَذْكُورِ قَبْلُ فَالْمَسْأَلَةُ عَلَى هَذَا مِنْ بَيْعِ الْخِيَارِ مُدْخَلَةٌ بَيْنَ أَحْكَامِ بَيْعِ الثُّنْيَا فَلَوْ قَدَّمَهَا عَلَى بَيْعِ الثُّنْيَا لَكَانَ أَنْسَبَ لَا مِنْ بَيْعِ الثُّنْيَا وَتَقَدَّمَ أَنَّ بَيْعَ الْخِيَارِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ ضَرْبِ أَجَلٍ لَأَمَدِ الْخِيَارِ فَإِنْ جَعَلَاهُ فِيهَا وَنَعِمَتْ وَإِنْ لَمْ لَا يَجْعَلَا لَهُ أَجَلًا ضُرِبَ لَهُ مِنْ الْأَجَلِ مَا يَلِيقُ بِذَلِكَ الْمَبِيعِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ وَعَلَى ذَلِكَ نَبَّهَ بِقَوْلِهِ بِحَدٍّ وَبِغَيْرِ حَدٍّ هَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ نَزَلَ عَلَى الْمَسْأَلَةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ اشْتَرَى سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ جَعَلَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ الْخِيَارَ بَعْد تَمَامِ الْبَيْعِ، فَذَلِكَ يَلْزَمُهُمَا إذَا كَانَ يَجُوزُ فِي مِثْلِهِ الْخِيَارُ، وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ فَمَا أَصَابَ السِّلْعَةَ فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فَهُوَ مِنْ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ صَارَ بَائِعًا اهـ وَإِلَى هَذَا الْفَرْعِ أَشَارَ الشَّيْخُ خَلِيلٌ بِقَوْلِهِ فِي فَصْلِ الْخِيَارِ وَصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ.

وَالظَّاهِرُ أَوْ الْمُتَعَيَّنُ أَنَّ مُرَادَ النَّاظِمِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الثُّنْيَا إذَا وَقَعَتْ طَوْعًا بَعْدَ انْعِقَادِ الْبَيْعِ وَانْبِرَامِهِ فَهِيَ جَائِزَةٌ، فَيَكُونُ كَلَامُهُ هُنَا تَصْرِيحًا بِمَفْهُومِ قَوْلِهِ قَبْلُ. وَالْبَيْعُ بِالثُّنْيَا لِفَسْخِ دَاعٍ فَذَكَرَ أَوَّلًا أَنَّ الْبَيْعَ الْمَصْحُوبَ بِالثُّنْيَا يُفْسَخُ، وَذَلِكَ يَتَضَمَّنُ عَدَمَ جَوَازِهِ ابْتِدَاءً ثُمَّ ذَكَرَ هُنَا أَنَّهُ يَجُوزُ التَّطَوُّعُ بِالثُّنْيَا بَعْدَ الْعَقْدِ، وَهَذَا هُوَ الَّذِي يَدُلُّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ قَبْلَ الْبَيْتِ وَبَعْدَهُ، وَفَاعِلُ جَازَ عَلَى هَذَا الْبَيْعِ بِالثُّنْيَا الْمُتَقَدِّمِ الذِّكْرِ، وَيَكُونُ النَّاظِمُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ، وَجَازَ إنْ وَقَعَ الْبَيْتَ لِقَوْلِ ابْنِ سَلْمُونٍ وَغَيْرِهِ وَاللَّفْظُ لَهُ، فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ صَحِيحًا وَطَاعَ بِالثُّنْيَا بَعْدَ ذَلِكَ جَازَ ثُمَّ قَالَ: وَيَجُوزُ هَذَا الطَّوْعُ إلَى أَجَلٍ وَإِلَى غَيْرِ أَجَلٍ انْتَهَى مَحَلُّ الْحَاجَةِ الْآنَ مِنْهُ عَلَى أَنَّ النَّاظِمَ كَثِيرًا مَا يَتْبَعُ ابْنَ سَلْمُونٍ فَهُوَ مِمَّا يُسْتَعَانُ بِهِ عَلَى فَهْمِ هَذَا النَّظْمِ

(قَالَ مُقَيِّدُ هَذَا الشَّرْحِ سَمَحَ اللَّهُ لَهُ بِفَضْلِهِ) اُنْظُرْ هَلْ يُقَالُ: إنَّ قَوْلَ الْفُقَهَاءِ - يَصِحُّ الْخِيَارُ بَعْدَ الْبَتِّ - يَحْتَمِلُ بَيْعَ الْخِيَارِ، وَيَحْتَمِلُ بَيْعَ الثُّنْيَا؛ وَأَنَّهُ يَرْجِعُ فِي ذَلِكَ لِمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ قَرَائِنُ الْأَحْوَالِ، فَإِنْ دَلَّتْ عَلَى جَعْلِ الْخِيَارِ فِي الْحَالِ، وَمَا يَقْرُبُ مِنْهُ فَهُوَ مِنْ بَيْعِ الْخِيَارِ، لِأَنَّ الْمُشْتَرِي جَعَلَ الْخِيَارَ لِلْبَائِعِ فَهُوَ مُنْعَقِدٌ مِنْ جِهَةِ الْمُشْتَرِي مُنْحَلٌّ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ كَذَا صَرَّحَ بِهِ الرَّصَّاعُ فِي شَرْحِ حَدِّ بَيْعِ الْخِيَارِ وَعَلَيْهِ فَلَا بُدَّ مِنْ ضَرْبِ أَجَلٍ يَلِيقُ بِالْمَبِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ يَجْرِي عَلَى أَحْكَامِ بَيْعِ الْخِيَارِ وَلَا يُنَافِيهِ قَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ، وَهُوَ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ بِمَنْزِلَةِ بَيْعِ الْمُشْتَرِي لَهَا مِنْ غَيْرِ الْبَائِعِ، لِأَنَّ الْبَائِعَ إذَا قَبِلَ مَا جَعَلَ لَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ الْخِيَارِ، فَقَدْ صَارَ مُشْتَرِيًا عَلَى خِيَارٍ لَهُ، وَإِنْ دَلَّتْ قَرَائِنُ الْحَالِ عَلَى أَنَّ هَذَا الْخِيَارَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنِ التَّبَايُعِ، وَلَا يَقْرُبُ مِنْهُ بَلْ هُوَ مُطْلَقٌ، أَوْ لِأَجَلٍ بَعِيدٍ لَا يُضْرَبُ مِثْلُهُ فِي بَيْعِ الْخِيَارِ، فَهُوَ بَيْعُ ثُنْيَا طَوْعًا بَعْدَ الْعَقْدِ فَتَجْرِي عَلَيْهِ أَحْكَامُ بَيْعِ الثُّنْيَا أَمَّا إنْ وَقَعَ تَصْرِيحٌ بِإِحْدَى الْوِجْهَتَيْنِ فَلَا إشْكَالَ وَعَلَى هَذَا فَبَيْعُ الْخِيَارِ أَعَمُّ مِنْ بَيْعِ الثُّنْيَا فَكُلُّ ثُنْيَا خِيَارٌ وَلَيْسَ كُلُّ خِيَارٍ ثُنْيَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

قَوْلُهُ

وَحَيْثُمَا شَرْطٌ عَلَى الطَّوْعِ جُعِلْ

الْبَيْتَ أَشَارَ بِهِ لِقَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ وَذَكَرَ هَذَا الطَّوْعَ فِي آخِرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>