للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شَرْطُ الْوَلِيِّ عَقْدٌ ذُكُورَةٌ حَلَالٌ ... وَمُسْلِمٌ حُرٌّ بُلُوغٌ وَالْكَمَالُ

فِي الرُّشْدِ قُلْ ثُمَّ عَدَالَةٌ تُرَى ... وَفِيهِمَا خُلْفٌ وَإِلَّا لَا امْتِرَا

ثُمَّ ذَيَّلْتهمَا بِمَا زَادَ ابْنُ الْحَاجِبِ فَقُلْت:

وَكَوْنُهُ أَقْرَبَ خَوْفَ عَقْدِ مَنْ ... بَعُدَ مَعَ وُجُودِ أَقْرَبِ قَمِنْ

وَهَذَا الشَّرْطُ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِقَوْلِهِمْ فِي حَقِّ الْوَلِيِّ مَنْ لَهُ عَلَى الْمَرْأَةِ تَعْصِيبٌ (فَرْعٌ) اُخْتُلِفَ فِي وِلَايَةِ النِّكَاحِ هَلْ هِيَ حَقٌّ لِلْمَرْأَةِ فَلَا يَعْقِدُ عَلَيْهَا الْوَلِيُّ إلَّا بِتَفْوِيضٍ مِنْهَا لَهُ عَلَى ذَلِكَ مَا عَدَا الْأَبَ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ هِيَ حَقُّ الْوَلِيِّ فَلَهُ الْعَقْدُ عَلَيْهَا مِنْ غَيْرِ تَفْوِيضِهَا وَهُوَ لِابْنِ حَبِيبٍ حَكَاهُمَا فِي التَّوْضِيحِ (فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُقَرِّبِ قُلْت لَهُ أَرَأَيْت إنْ اخْتَلَفَ الْأَوْلِيَاءُ فِي عَقْدِ النِّكَاحِ فَقَالَ قَالَ مَالِكٌ إنْ كَانُوا فِي الْعَقْدِ سَوَاءً نَظَرَ السُّلْطَانُ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ أَعْدَلَ مِنْ بَعْضٍ فَالْأَعْدَلُ أَوْلَى.

وَالسَّبْق لِلْمَالِكِ فَابْنٍ فَأَب ... فَالْأَخِ فَابْنِهِ فَجَدِّ النَّسَبِ

فَالْأَقْرَبِينَ بَعْدُ بِالتَّرْتِيبِ ... بِحَسَبِ الدُّنُوِّ فِي التَّعْصِيبِ

لَمَّا ذَكَرَ شُرُوطَ الْوَلِيِّ ذَكَرَ هُنَا تَرْتِيبَهُمْ إنْ تَعَدَّدُوا فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمَالِكَ أَيْ السَّيِّدَ مُقَدَّمٌ عَلَى سَائِرِ الْأَوْلِيَاءِ ثُمَّ يَلِيه الِابْنُ ثُمَّ ابْنُهُ وَإِنْ بَعُدَ ثُمَّ الْأَبُ ثُمَّ الْأَخُ ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ ثُمَّ الْجَدُّ أَبُو الْأَبِ وَلِهَذَا قَالَ فَجَدُّ النَّسَبِ وَاحْتَرَزَ بِهِ مِنْ الْجَدِّ لِلْأُمِّ فَإِنَّهُ لَا وِلَايَةَ لَهُ إلَّا إذَا كَانَ مِنْ الْعُصْبَةِ ثُمَّ بَعْدَ الْجَدِّ الْعَمُّ ثُمَّ ابْنُهُ وَلِذَلِكَ قَالَ فَالْأَقْرَبِينَ بَعْدَ الْبَيْتِ وَمَنْ فِي دَرَجَةٍ وَاحِدَةٍ كَالْأَخَوَيْنِ وَالْعَمَّيْنِ وَأَبْنَائِهِمْ يُقَدَّمُ الشَّقِيقُ مِنْهُمْ عَلَى الَّذِي لِلْأَبِ وَنَحْوِهِ قَوْلُ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَقَدَّمَ ابْنٌ فَابْنُهُ إلَخْ

(تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) إنَّمَا يُقَدَّمُ الِابْنُ عَلَى الْأَبِ إذَا لَمْ يَكُنِ الْأَبُ جَدَّدَ عَلَيْهَا الْحَجْرَ فِي وَقْتٍ يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ فَعَلَ فَالْأَبُ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ كَمَا أَنَّ الْوَصِيَّ مُقَدَّمٌ عَلَى الِابْنِ (الثَّانِي) بَقِيَ عَلَى الْمُؤَلِّفِ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ الْمَوْلَى الْأَعْلَى أَيْ الْمُعْتِقُ بِكَسْرِ التَّاءِ وَفِي كَوْنِ الْأَسْفَلِ وَلِيًّا قَوْلَانِ وَهُوَ الْمُعْتَقُ بِفَتْحِهَا ثُمَّ بَعْدَهُ الْكَافِلُ ثُمَّ الْقَاضِي ثُمَّ وِلَايَةُ الْإِسْلَامِ فَتُوَكِّلُ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ بِعَقْدِ نِكَاحِهَا وَفِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ تَفْصِيلٌ وَذَلِكَ إذَا تُعُدِّيَ عَلَى الْوَلِيِّ فَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ غَيْر مَنْ لَهُ تَزْوِيجُهَا فَأَمَّا أَنْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ أَجْنَبِيٌّ أَوْ وَلِيٌّ أَبْعَدُ مِنْهُ وَالْوَلِيُّ الَّذِي تُعُدِّيَ عَلَيْهِ إمَّا مُجْبِرًا أَوْ غَيْرَ مُجْبِرٍ اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ وَفِي وِلَايَةِ الْكَافِلِ فُرُوعٌ فَمَنْ أَرَادَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِ بِالْمُطَوَّلَاتِ.

(وَقَدْ) أَطَالَ الشَّارِحُ هُنَا بِجَوَابِ سُؤَالٍ سُئِلَ عَنْهُ الْأُسْتَاذُ أَبُو سَعِيدِ بْنُ لُبٍّ وَهُوَ أَنَّ صَبِيَّةً زَوَّجَهَا خَالُهَا مَعَ وُجُودِ عَمٍّ شَقِيقٍ لَهَا وَعِلْمٌ بِالنِّكَاحِ وَفُهِمَ مِنْهُ الرِّضَا بِهِ وَلَمْ يَعْقِدْهُ هُوَ وَلَا وَكَّلَ عَلَى عَقْدِهِ وَالصَّبِيَّةُ دَنِيَّةٌ وَبَنَى بِهَا زَوْجُهَا وَأَقَامَ مَعَهَا نَحْوَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ طَلَّقَهَا ثُمَّ أَرَادَ مُرَاجَعَتَهَا عِنْدَ الْقَاضِي فَرَأَى أَنَّ النِّكَاحِ مَفْسُوخٌ فَرَدَّ الْمَرْأَةَ إلَى صَدَاقِ مِثْلِهَا وَأَلْغَى الطَّلَاقَ الْوَاقِعَ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِهِ (فَأَجَابَ) بِأَنَّ هَذَا النِّكَاحَ عَقَدَهُ وَلِيٌّ عَامٌّ مَعَ وُجُودِ وَلِيٍّ خَاصٍّ قَالَ وَلَا اعْتِبَارَ بِرِضَا الْعَمِّ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَا قَدَّمَ مَنْ يَتَوَلَّاهُ ذَكَر ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِ فِي نِكَاحِ عَقْدِ الْخَالِ مَعَ حُضُورِ الْأَخِ الشَّقِيقِ وَرِضَاهُ دُونَ تَقْدِيمٍ مِنْهُ فَقَالَ لَيْسَ حُضُورُ الْأَخِ عَقْدَ النِّكَاحِ وَرِضَاهُ بِعَقْدِ الْخَالِ بِشَيْءٍ وَحُضُورُهُ كَغَيْبَتِهِ إذَا لَمْ يَتَوَلَّ الْعَقْدَ وَلَمْ يُقَدِّمْ وَإِنَّمَا يُرَادُ أَنْ يَتَوَلَّى الْعَقْدَ أَوْ يُقَدِّمُ غَيْرَهُ.

وَأَمَّا إنْ تَوَلَّى غَيْرُهُ بِغَيْرِ اسْتِخْلَافِهِ فَلَا وَإِنْ كَانَ هُوَ حَاضِرًا فَهُوَ كَعَدَمِهِ ثُمَّ ذَكَرَ أَنَّهَا إذَا كَانَتْ قَدْ بَلَغَتْ وَاسْتُؤْمِرَتْ فَفِي الْمَسْأَلَةِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فِي الْمَذْهَبِ الْخِيَارُ لِلْوَلِيِّ فِي إمْضَاءِ النِّكَاحِ أَوْ فَسْخِهِ بِحَسَبِ مَا يَرَاهُ لِوَلِيَّتِهِ إلَّا أَنْ يَطُولَ وَتَلِدَ الْأَوْلَادَ فَيَمْضِي النِّكَاحُ مَاضٍ بِالْعَقْدِ. يَفْسَخُ وَإِنْ أَجَازَهُ الْوَلِيُّ الدُّخُول فُوِّتَ. يُفْسَخُ أَبَدًا وَإِنْ تَطَاوَلَ وَوَلَدَتْ الْأَوْلَادَ. وَالتَّفْرِقَةُ بَيْنَ الدَّنِيَّةِ فَيَصِحُّ وَيَنْظُرُ فِي ذَاتِ الْقَدْرِ وَاخْتَارَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ أَنَّهُ نِكَاحٌ صَحِيحُ الْعَقْدِ بِوِلَايَةٍ صَحِيحَةٍ لَكِنْ تَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِوَلِيٍّ آخَرَ قَالَ وَمِمَّا يُؤَيِّدُ ذَلِكَ تَفْرِقَةُ مَالِكٍ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ قَوْلِهِ بَيْنَ الدَّنِيَّةِ وَغَيْرِهَا فَثَبَتَ بِهَذَا أَنَّ ذَلِكَ فِي ذَاتِ النَّسَبِ مِنْ حَقِّ الْوَلِيِّ لَا مِنْ حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ وَضَعَتْ نَفْسَهَا فِيمَنْ هُوَ كُفْءٌ لَهَا مَضَى نِكَاحُهَا وَتَقْوَى صِحَّةُ النِّكَاحِ فِي هَذِهِ النَّازِلَةِ بِثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ دَنِيَّةٌ وَالثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>