الرَّقَبَةِ، فَمِلْكُهُ الْمُنْتَقِلُ إلَيْهِ كَالْهِبَةِ، وَفَارَقَ الْعِتْقَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ إخْرَاجٌ عَنْ حُكْمِ الْمَالِيَّةِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ تَمْلِيكًا لِلْمَنْفَعَةِ الْمُجَرَّدَةِ لَمْ يَلْزَمْ كَالْعَارِيَّةِ، وَالسُّكْنَى وَقَوْلُ أَحْمَدَ فِيمَنْ وَقَفَ عَلَى وَرَثَتِهِ فِي مَرَضِهِ: يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبَاعُ وَلَا يُوَرَّثُ، وَلَا يَصِيرُ مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُمْ لَا يَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِي الرَّقَبَةِ جَمْعًا بَيْنَ قَوْلَيْهِ لَا يُقَالُ: عَدَمُ مِلْكِهِ التَّصَرُّفَ فِيهَا يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ مِلْكِهِ لَهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِلَازِمٍ بِدَلِيلِ أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنَّهُ يَمْلِكُهَا وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي رَقَبَتِهَا (فَيَنْظُرُ فِيهِ) أَيْ: الْوَقْفِ (هُوَ) أَيْ: الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ إنْ كَانَ مُكَلَّفًا رَشِيدًا (أَوْ) يَنْظُرُ فِيهِ.
(وَلِيُّهُ) إنْ كَانَ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ صَغِيرًا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ سَفِيهًا (بِشَرْطِهِ) الْآتِي فِي الْكَلَامِ عَلَى النَّاظِرِ وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى: يَنْظُرُ فِيهِ الْحَاكِمُ قَالَ الْحَارِثِيُّ: وَإِنْ قُلْنَا مِلْكُهُ لِلْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ لِعَلَاقَةِ حَقِّ مَنْ يَأْتِي بَعْدَهُ.
(وَلَهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (تَزْوِيجُ الْأَمَةِ) الْمَوْقُوفَةِ (إنْ لَمْ يَشْتَرِطْهُ) الْوَاقِفُ (لِغَيْرِهِ) بِأَنْ وَقَفَ الْأَمَةَ عَلَى زَيْدٍ، وَشَرَطَ تَزْوِيجَهَا لِعَمْرٍو، فَيُعْمَلُ بِشَرْطِهِ (وَيَلْزَمُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفَ عَلَيْهِ أَوْ مَنْ شَرَطَهُ الْوَاقِفُ لَهُ تَزْوِيجُ الْأَمَةِ الْمَوْقُوفَةِ أَنْ يُزَوِّجَهَا (بِطَلَبِهَا) كَغَيْرِ الْمَوْقُوفَةِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهَا طَلَبَتْهُ فَتَعَيَّنَتْ الْإِجَابَةُ وَ (يَأْخُذُ) الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ (الْمَهْرَ) إنْ زُوِّجَتْ أَوْ وُطِئَتْ بِشُبْهَةٍ أَوْ زِنًا؛ لِأَنَّهُ بَدَلُ الْمَنْفَعَةِ، وَهُوَ يَسْتَحِقُّهَا كَالْأُجْرَةِ، وَالصُّوفِ، وَاللَّبَنِ، وَالثَّمَرَةِ (وَلَا يَتَزَوَّجُهَا) أَيْ: لَا يَتَزَوَّجُ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِ الْأَمَةَ الْمَوْقُوفَةَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ وُقِفَتْ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ انْفَسَخَ النِّكَاحُ لِوُجُودِ الْمِلْكِ.
(وَلَا يُعْتِقُهُ) أَيْ: لَا يَصِحُّ مِنْ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ عِتْقُ الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ بِحَالٍ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ لَمْ يَنْفُذْ) عِتْقُهُ؛ لِأَنَّهُ تَعَلَّقَ بِهِ حَقُّ مَنْ يَئُولُ الْوَقْفُ إلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ الْوَقْفَ عَقْدٌ لَازِمٌ لَا يُمْكِنْ إبْطَالُهُ، وَفِي الْقَوْلِ بِنُفُوذِ عِتْقِهِ إبْطَالٌ لَهُ (فَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (نِصْفُهُ وَقْفًا، وَنِصْفُهُ طَلْقًا) خَالِصًا (فَأَعْتَقَ صَاحِبُ الطَّلْقِ) نَصِيبَهُ مِنْهُ عَتَقَ وَ (لَمْ يَسْرِ عِتْقُهُ إلَى الْوَاقِفِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُعْتَقْ بِالْمُبَاشَرَةِ، فَلَأَنْ لَا يُعْتَقَ بِالسِّرَايَةِ أَوْلَى، وَعُلِمَ مِنْهُ: أَنَّ الْوَاقِفَ لَا يَسْرِي إلَى بَاقِي الْعَبْدِ، وَكَذَلِكَ لَا يَصِحُّ عِتْقُ الْوَاقِفِ وَلَا الْحَاكِمِ لِلْمَوْقُوفِ.
(وَ) يَجِبُ (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (فِطْرَتُهُ) أَيْ: الرَّقِيقِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ، وَكَنَفَقَتِهِ، وَأَمَّا إذَا اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ غَلَّةِ الْوَقْفِ لِخِدْمَةِ الْوَقْفِ فَإِنَّ الْفِطْرَةَ تَجِبُ قَوْلًا وَاحِدًا لِتَمَامِ التَّصَرُّفِ فِيهِ قَالَهُ أَبُو الْمَعَالِي (وَ) تَجِبُ عَلَيْهِ أَيْضًا (زَكَاتُهُ) أَيْ: الْمَوْقُوفِ (كَالْمَاشِيَةِ) بِأَنْ كَانَ إبِلًا أَوْ بَقَرًا أَوْ غَنَمًا سَائِمَةً، وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ،، وَتَقَدَّمَ فِي الزَّكَاةِ، وَكَذَا الشَّجَرُ الْمَوْقُوفُ تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي ثَمَرِهِ عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ وَجْهًا وَاحِدًا (وَ) عَلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (نَفَقَتُهُ) أَيْ: الْحَيَوَانِ الْمَوْقُوفِ؛ لِأَنَّهُ مَلَكَهُ (إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ كَسْبٌ) فَإِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute