للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَرْضِ رَجُلٍ مُمْلِحَةٍ فَأَخَذَ إنْسَانٌ مِنْ ذَلِكَ الْمَاءِ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ أَخَذَ مِنْ حَوْضِهِ وَإِنْ صَارَ الْمَاءُ مِلْحًا فَلَا سَبِيلَ لِأَحَدٍ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ النَّهْرُ إذَا انْبَسَطَ حَتَّى صَارَ فِي أَرْضِهِ ذِرَاعٌ مِنْ طِينٍ أَوْ أَكْثَرُ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدٍ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الطِّينِ وَلَوْ أَخَذَ كَانَ ضَامِنًا كَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.

(وَبَيَانُ الشَّرِكَةِ فِي النَّارِ) أَنَّ مَنْ أَوْقَدَ نَارًا فِي صَحْرَاءَ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهَا فَلِكُلِّ وَاحِدٍ حَقٌّ فِي نَارِهِ مِنْ حَيْثُ الِاصْطِلَاءُ بِهَا وَتَجْفِيفُ الثِّيَابِ وَالْعَمَلُ بِضَوْئِهَا فَأَمَّا إذَا أَرَادَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ ذَلِكَ الْجَمْرِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إذَا مَنَعَهُ صَاحِبُ النَّارِ لِأَنَّ ذَلِكَ حَطَبٌ أَوْ فَحْمٌ قَدْ أَحْرَزَهُ الَّذِي أَوْقَدَ النَّارَ وَإِنَّمَا الشَّرِكَةُ الَّتِي أَثْبَتَهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّارِ، وَالنَّارُ جَوْهَرُ الْحَرِّ دُونَ الْحَطَبِ وَالْفَحْمِ فَإِنْ أَخَذَ شَيْئًا يَسِيرًا مِنْ ذَلِكَ الْجَمْرِ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ شَيْئًا لَهُ قِيمَةٌ إذَا جَعَلَهُ صَاحِبُهُ فَحْمًا كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا لَا قِيمَةَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَسْتَرِدَّهُ مِنْهُ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ لِأَنَّ النَّاسَ لَا يَمْنَعُونَ هَذَا الْقَدْرَ عَادَةً وَالْمَانِعُ يَكُونُ مُتَعَنِّتًا لَا مُنْتَفِعًا وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الْمُتَعَنِّتَ مَمْنُوعٌ مِنْ التَّعَنُّتِ شَرْعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.

وَذُكِرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إنْ كَانَتْ النَّارُ بِحَالٍ لَوْ خَمَدَتْ تَصِيرُ فَحْمًا لَيْسَ لَهُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْهَا لِأَنَّ لَهَا قِيمَةً لَا مَحَالَةَ وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ خَمَدَتْ تَصِيرُ رَمَادًا فَلَهُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْهَا وَقِيلَ إنْ كَانَتْ النَّارُ مِنْ حَطَبٍ مُبَاحٍ بِأَنْ أَوْقَدَ الشَّجَرَ الْقَائِمَ كَمَا يَكُونُ فِي الْفَيَافِيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُحْرِزَهُ أَوَّلًا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْتَبِسَ مِنْهَا وَإِنْ كَانَتْ بِحَالٍ لَوْ خَمَدَتْ تَصِيرُ فَحْمًا وَأَمَّا إذَا أَحْرَزَهُ أَوَّلًا حَتَّى صَارَ مِلْكًا لَهُ فَهُوَ عَلَى التَّفْصِيلِ الَّذِي قُلْنَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْعِ الشِّرْبِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ]

(الْبَابُ الثَّانِي فِي بَيْعِ الشِّرْبِ وَمَا يَتَّصِلُ بِذَلِكَ) إذَا آجَرَ أَرْضًا مَعَ شِرْبِ أَرْضٍ أُخْرَى لَا يَجُوزُ.

وَإِذَا قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَبِعْتُك شِرْبَهَا هَلْ يَجُوزُ بَيْعُ الشِّرْبِ؟ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى - فِيهِ بَعْضُهُمْ قَالُوا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الشِّرْبَ صَارَ مَقْصُودًا فِي الْبَيْعِ وَبَعْضُهُمْ قَالُوا يَجُوزُ لِأَنَّ الشِّرْبَ صَارَ تَبَعًا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ ثَمَنًا حَتَّى لَوْ ذَكَرَ لِلشِّرْبِ ثَمَنًا بِأَنْ قَالَ بِعْتُك هَذِهِ الْأَرْضَ بِأَلْفٍ وَبِعْتُك شِرْبَهَا بِمِائَةٍ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ لِأَنَّهُ صَارَ أَصْلًا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.

وَقَدْ مَرَّ بَعْضُ مَسَائِلِ بَيْعِ الشِّرْبِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ

وَإِذَا اسْتَأْجَرَ أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ شِرْبَهَا دَخَلَ الشِّرْبُ فِي الْإِجَارَةِ اسْتِحْسَانًا

وَإِذَا اشْتَرَى أَرْضًا وَلَمْ يَذْكُرْ الشِّرْبَ وَلَا مَسِيلَ الْمَاءِ لَمْ يَدْخُلَا فِي الْبَيْعِ وَإِنْ ذَكَرَ الشِّرْبَ وَلَمْ يَذْكُرْ الْمَسِيلَ دَخَلَ الشِّرْبُ فِي الْبَيْعِ وَلَمْ يَدْخُلْ الْمَسِيلُ وَلَوْ اشْتَرَاهَا بِكُلِّ حَقٍّ هُوَ لَهَا كَانَ لَهُ الشِّرْبُ وَمَسِيلُ الْمَاءِ جَمِيعًا وَكَذَا لَوْ اشْتَرَاهَا بِمَرَافِقِهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.

لَوْ قَالَ لِرَجُلٍ اسْقِنِي يَوْمًا مِنْ نَهْرِك عَلَى أَنْ أَسْقِيَك يَوْمًا مِنْ نَهْرِي لَمْ يَجُزْ وَكَذَا لَوْ جَعَلَهُ مُقَابِلًا بِثَوْبٍ أَوْ عَبْدٍ وَلَوْ أَخَذَ الثَّوْبَ أَوْ الْعَبْدَ رَدَّهُ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ بِمَا انْتَفَعَ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.

وَإِذَا قَالَ اسْقِنِي يَوْمًا بِخِدْمَةِ عَبْدِي هَذَا شَهْرًا أَوْ قَالَ بِرُكُوبِ دَابَّتِي هَذِهِ شَهْرًا أَوْ قَالَ كَذَا وَكَذَا يَوْمًا فَهَذَا كُلُّهُ بَاطِلٌ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ

بَاعَ مَاءً لَهُ بِمَجَارِيهِ بِغَيْرِ أَرْضٍ، وَفِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ الْخَرَاجُ عَلَى الْمَاءِ وَتُبَاعُ الْمِيَاهُ بِمَجَارِيهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَا خَرَاجَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَوْ شَرَطَا الْخَرَاجَ عَلَى الْمُشْتَرِي فِي عَقْدِ الْبَيْعِ يَنْبَغِي أَنْ يَفْسُدَ الْبَيْعُ وَإِنْ لَمْ يُشْتَرَطْ فَالْخَرَاجُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ وَلَا مُعْتَبَرَ بِالْعُرْفِ فِي الْخَرَاجِ لِأَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>