للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذَلِكَ وَلِلْمَأْذُونِ أَنْ يَهَبَ الْيَسِيرَ مَا دُونَ الدِّرْهَمِ انْتَهَى.

ثُمَّ الْإِذْنُ كَمَا يَثْبُتُ بِالصَّرِيحِ يَثْبُتُ بِالدَّلَالَةِ كَمَا إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي يَصِيرُ مَأْذُونًا عِنْدَنَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَيْنًا مَمْلُوكًا أَوْ لِأَجَلٍ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ بَيْعًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا، وَالْمَعْتُوهُ الَّذِي يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الصَّبِيِّ يَصِيرُ مَأْذُونًا بِإِذْنِ الْأَبِ، وَالْوَصِيُّ، وَالْجَدُّ دُونَ غَيْرِهِمْ عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ وَحُكْمُهُ حُكْمُ الصَّبِيِّ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا سَلَّمَ إلَى عَبْدِ رَجُلٍ مَتَاعًا لَهُ لِيَبِيعَهُ بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى فَرَآهُ الْمَوْلَى وَلَمْ يَنْهَهُ كَانَ إذْنًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَيَجُوزُ ذَلِكَ الْبَيْعُ عَلَى صَاحِبِ الْمَتَاعِ وَتَكَلَّمُوا فِي الْعُهْدَةِ قَالَ بَعْضُهُمْ: الْعُهْدَةُ تَرْجِعُ إلَى الْآمِرِ وَعِنْدَ الْبَعْضِ تَرْجِعُ إلَى الْعَبْدِ وَلَوْ رَأَى الْمَوْلَى عَبْدَهُ يَشْتَرِي شَيْئًا بِدَرَاهِمِ الْمَوْلَى أَوْ دَنَانِيرِهِ فَلَمْ يَنْهَهُ يَصِيرُ مَأْذُونًا فَإِنْ نَقَدَ الثَّمَنَ مِنْ مَالِ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمَوْلَى أَنْ يَسْتَرِدَّهُ وَإِذَا اسْتَرَدَّهُ لَا يَبْطُلُ ذَلِكَ الْبَيْعُ، وَلَوْ كَانَ مَالُ الْمَوْلَى مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا فَاسْتَرَدَّ الْمَوْلَى بَطَلَ الْبَيْعُ إذَا كَانَ الشِّرَاءُ بِمَكِيلٍ أَوْ مَوْزُونٍ بِعَيْنِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِعَيْنِهِ وَاسْتَرَدَّهُ الْمَوْلَى لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ.

وَلَوْ أَنَّ مَعْتُوهًا أَذِنَ لِابْنِهِ الْكَبِيرِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ، وَالِابْنُ فِي هَذَا كَالْأَخِ يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي النَّفْسِ وَهُوَ التَّزْوِيجُ وَلَا يَمْلِكُ التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ الْأَبُ إذَا أَذِنَ لِابْنِهِ فِي التِّجَارَةِ إنْ كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْبَيْعَ، وَالشِّرَاءَ يَعْنِي يَعْرِفُ أَنَّ الْبَيْعَ يُزِيلُ الْمِلْكَ وَيَعْرِفُ الْغَبْنَ الْفَاحِشَ، وَالْيَسِيرَ صَحَّ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ لَا يَصِحُّ وَإِنْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى التَّلَفُّظِ بِالْبَيْعِ، وَالشِّرَاءِ الْقَاضِي إذَا رَأَى عَبْدَهُ يَبِيعُ وَيَشْتَرِي فَسَكَتَ لَمْ يَكُنْ مَأْذُونًا إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِذَا عَلِمَ يَصِيرُ مَأْذُونًا وَكَذَا لَوْ حَجَرَ عَلَى عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْغَائِبِ لَا يَحْجُرُ قَبْلَ الْعِلْمِ وَلَوْ أَذِنَ الْمَوْلَى لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ، ثُمَّ حَجَرَ عَلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَعْلَمَ بِإِذْنِهِ السَّابِقِ لَا يَصِيرُ مَأْذُونًا.

وَإِنْ قَالَ الْمَوْلَى لِأَهْلِ السُّوقِ بَايِعُوا عَبْدِي هَذَا يَصِيرُ الْعَبْدُ مَأْذُونًا قَبْلَ الْعِلْمِ وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْغَائِبِ وَأَرْسَلَ الْمَوْلَى إلَيْهِ رَسُولًا أَوْ كِتَابًا فَوَصَلَ إلَيْهِ الْكِتَابُ أَوْ أَخْبَرَهُ الرَّسُولُ يَصِيرُ مَأْذُونًا كَانَ الرَّسُولُ حُرًّا أَوْ عَبْدًا صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى فَإِنْ أَخْبَرَهُ فُضُولِيٌّ وَاحِدٌ بِإِذْنِ الْمَوْلَى يَصِيرُ مَأْذُونًا كَيْفَمَا كَانَ الْمُخْبِرُ فَرَّقَ أَبُو حَنِيفَةَ بَيْنَ الْحَجْرِ، وَالْإِذْنِ فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا يَثْبُتُ الْحَجْرُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ عَدْلًا أَوْ أَخْبَرَهُ اثْنَانِ وَيَثْبُتُ الْإِذْنُ بِقَوْلِ الْفُضُولِيِّ الْوَاحِدِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْمَعْرُوفُ بِخُوَاهَرْ زَادَهْ عَنْ الْفَقِيهِ أَبِي بَكْرٍ الْبَلْخِيّ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْإِذْنِ، وَالْحَجْرِ، وَالْعَبْدُ إنَّمَا يَصِيرُ مَأْذُونًا إذَا كَانَ الْمُخْبِرُ صَادِقًا عِنْدَ الْعَبْدِ، وَالْفَتْوَى عَلَى هَذَا.

الْمَوْلَى إذَا مَاتَ وَتَرَكَ ابْنًا وَعَبْدًا وَعَلَى الْمَيِّتِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَأَذِنَ الْوَارِثُ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ لَا يَصِحُّ إذْنُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ فَلَوْ أَنَّ الِابْنَ اسْتَقْرَضَ مَالًا وَقَضَى دَيْنَ الْأَبِ، ثُمَّ أَذِنَ لِهَذَا الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ لَمْ يَصِحَّ إذْنُهُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ دَيْنَ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ يَمْنَعُ مِلْكَ الْعَبْدِ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ إذَا أَبْرَأَ الْغَرِيمُ الْمَيِّتَ عَنْ الدَّيْنِ أَوْ قَضَى الْوَارِثُ دَيْنَ أَبِيهِ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ تَبَرُّعًا بِأَنْ قَالَ عِنْدَ الْأَدَاءِ عَلَى وَجْهِ التَّبَرُّعِ يَصِيرُ ذَلِكَ دَيْنًا لَهُ عَلَى الْأَبِ كَمَا لَوْ كَفَّنَ الْمَيِّتَ مِنْ مَالِ نَفْسِهِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ فِي التَّرِكَةِ.

الْمَوْلَى إذَا أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْآبِقِ لَا يَصِحُّ إذْنِهِ وَإِنْ عَلِمَ الْآبِقُ وَإِنْ أَذِنَ فِي التِّجَارَةِ مَعَ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ صَحَّ إذْنُهُ وَإِنْ أَذِنَ لِعَبْدِهِ الْمَغْصُوبِ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ كَانَ الْغَاصِبُ مُقِرًّا أَوْ كَانَ لِمَوْلَاهُ

<<  <   >  >>