بِالصِّحَّةِ حَيْثُ ذَكَرَا مَا يُعْلَمُ بِهِ مِقْدَارُ الْجُمْلَةِ بَعْدَ التَّأَمُّلِ بِالطَّرَائِقِ الْحِسَابِيَّةِ وَإِنْ عَسِرَ عُلِمَ ذَلِكَ عَلَى الْعَاقِدَيْنِ بَلْ وَعَلَى أَهْلِ بَلَدِهِمَا كَبِعْتُك بِخُمُسِ سُدْسِ سُبْعِ ثُمْنِ تُسْعِ عُشْرِ دِينَارٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ أَعْهَدَ رَجُلٌ نَخْلَةً بِعِشْرِينَ ثُمَّ بَاعَهَا الْمُتَعَهِّدُ لِآخَرَ بِعَشْرَةٍ وَفَكَّهَا الْمُعْهَدُ الْأَوَّلُ بِعَشْرَةٍ هَلْ تَكُونُ الْعَشَرَةُ الْأُخْرَى وَاقِعَةً لَا فِي مُقَابَلَةِ شَيْءٍ أَوْ تَبْقَى فِي النَّخْلَةِ وَلَوْ بَاعَهَا الْمُتَعَهِّدُ الثَّانِي بِثَلَاثِينَ وَفَكَّ الْأَوَّلُ فَهَلْ يَأْتِي فِي الزَّائِدِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي وَقْتِ شَرْطِ الْفِكَاكِ وَأَنَّهُ قَبْلَ الْحَصَادِ أَوْ بَعْدَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ بَيْعَ الْعُهْدَةِ الْمَذْكُورَ لَا أَعْرِفُ حَقِيقَتَهُ عَلَى التَّعْيِينِ وَالْقَوْلُ الْفَصْلُ فِيهِ أَنَّ الْبَيْعَ إنْ اقْتَرَنَ بِهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ كَأَنْ يَقُولَ لَهُ بِعْتُك هَذَا بِعَشْرَةٍ فَإِذَا رَدَدْتهَا إلَيْك رَدَدْته إلَيَّ فَيَقُولُ الْآخَرُ قَبِلْت أَوْ يَقُولُ الْمُشْتَرِي اشْتَرَيْته مِنْك بِهَذَا الشَّرْطِ فَيَقُولُ لَهُ بِعْتُك كَانَ فَاسِدًا فَلَا يَنْتَقِلُ الْمِلْكُ فِي الْمَبِيعِ عَنْ مَالِكِهِ وَلَا فِي الثَّمَنِ عَنْ مَالِكه بَلْ هُمَا بَاقِيَانِ عَلَى مَا كَانَا عَلَيْهِ وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ قِيمَةَ الْمَبِيع أَوْ الثَّمَنِ زَادَتْ كَانَتْ الْقِيمَةُ وَزِيَادَتُهَا لِمَالِك تِلْكَ الْأَصْلِيِّ لَا لِمَنْ انْتَقَلَتْ إلَيْهِ بِذَلِكَ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ لِأَنَّ الْبَيْعَ الْفَاسِدَ لَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أَحْكَامِ الْمِلْكِ وَإِنَّمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّغْلِيظُ عَلَى كُلِّ مَنْ انْتَقَلَتْ الْعَيْنُ إلَيْهِ.
فَإِنَّهَا لَوْ تَلِفَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَهَا بِأَقْصَى قِيمَتِهَا وَلَوْ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَاتٍ لَمْ يَرْجِعْ بِهَا وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ يُعْطِي أَحْكَامَ الْغَاصِبِ فِي أَكْثَرِ أَحْوَالِهِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَقْتَرِنْ بِهِ شَرْطٌ فَاسِدٌ كَأَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّهُ يَبِيعُهُ هَذِهِ الْعَيْنَ بِعَشْرَةٍ مَثَلًا فَإِذَا رَدَّهَا إلَيْهِ رَدَّ الْعَيْنَ إلَيْهِ ثُمَّ يُعْقَدُ الْبَيْعُ بِإِيجَابٍ وَقَبُولٍ صَحِيحَيْنِ لَكِنَّهُمَا يُضْمِرَانِ الْوَفَاءَ بِمَا تَوَافَقَا عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ حِينَئِذٍ صَحِيحٌ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ سَائِرُ أَحْكَامِ الْبُيُوعَاتِ الصَّحِيحَةِ الْخَالِيَةِ عَنْ ذَلِكَ لَكِنَّهُ مَكْرُوهٌ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ أَبْطَلَهُ مِنْ الْأَئِمَّةِ لِأَنَّهُمْ يُقِيمُونَ الشَّرْطَ الْمُضْمَرَ مَقَامَ الشَّرْطِ الْمَأْتِيِّ بِهِ فِي صَلْبِ الْعَقْدِ فَيُبْطِلُونَ الْبَيْعَ الْمُقْتَرِنَ بِهِ كُلٌّ مِنْهُمَا وَالشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَا يُبْطِلُ إلَّا الْمُقْتَرِنَ بِهِ الشَّرْطُ الْمَلْفُوظُ دُونَ الشَّرْطِ الْمُضْمَرِ وَبِهَذَا التَّقْرِيرِ يُعْلَمُ الْجَوَابُ عَنْ التَّرْدِيدَاتِ الَّتِي ذَكَرهَا السَّائِلُ حَفِظَهُ اللَّهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ وَبَلَغَنِي عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْيَمَنِ أَنَّهُ أَفْتَى بِصِحَّةِ بَيْعِ الْعُهْدَةِ وَبَعْضُهُمْ أَفْتَى بِبُطْلَانِهِ وَاخْتِلَافُهُمْ عَجِيبٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالصِّحَّةِ عِنْد اقْتِرَانِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ بِالْعَقْدِ وَبِعَدَمِهَا عِنْد إضْمَارِهِ قَوْلٌ سَاقِطٌ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهِ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ بَلْ الْمَنْقُولُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ يُعْتَدُّ بِهِ فِي ذَلِكَ هُوَ مَا قَرَرْته فَاعْتَمِدْهُ وَلَا تَغْتَرَّ بِمَا سِوَاهُ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَمَّا لَوْ اخْتَلَفَ الْمُعْهَدُ وَالْمُتَعَهِّدُ فِي قَدْرِ الثَّمَنِ وَنَكَلَا هَلْ يُقَرُّ الْمَالُ فِي يَدِ الْمُتَعَهِّدِ إلَى أَنْ يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ أَحَدَهُمَا وَعَنْ مَالٍ مُعْهَدٍ مُشْتَرَكٍ اشْتَرَى آخَرُ ذَلِكَ الْمُعْهَدَ شِرَاءً صَحِيحًا فَهَلْ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ مِنْ الْمُعْهَدِ الْأَوَّلِ أَوْ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّانِي؟
(فَأَجَابَ) بِأَنَّ جَوَابَ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مَعْلُومٌ مِمَّا بَسَطْته فِي السَّابِقَةِ وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ حَيْثُ صَحَّ الْبَيْعُ وَاخْتَلَفَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ تَحَالَفَا ثُمَّ إنْ تَوَافَقَا وَإِلَّا فُسِخَ الْعَقْدُ فَإِنْ نَكَلَا أَعْرَضَ الْحَاكِمُ عَنْهُمَا حَتَّى يَصْطَلِحَا وَحَيْثُ صَحَّ أَيْضًا ثَبَتَ لِلشَّرِيكِ الْقَدِيمِ الْأَخْذُ بِالشُّفْعَةِ عَنْ الشَّرِيكِ الْحَادِثِ وَمَنْ مَلَكَ مِنْهُ وَأَمَّا حَيْثُ فَسَدَ فَلَا أَثَرَ لِنِزَاعِهِمَا فِي الثَّمَنِ وَلَا يَثْبُت أَخْذٌ بِشُفْعَةٍ لِبَقَاءِ مِلْك الْبَائِعِ عَلَى حَالِهِ وَالْمُشْتَرِي عَلَى حَالِهِ كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
(وَسُئِلَ) عَمَّنْ اشْتَرَى عَيْنًا بِثَلَاثِينَ أُوقِيَّةً خَمْس] عَمْرَاوِيٍّ بِوَزْنِ صَنْجَةٍ خَمْسَ أَوَاقٍ مَنْسُوبَةٌ لِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَلَمْ يَعْلَمْ الْخُمُسَ الْمَذْكُورَ هَلْ هِيَ عَلَى خُمُسِ الْبَلَد أَيْ صَنْجَة الْبَلَدِ الَّتِي هِيَ خَمْسُ أَوَاقٍ أَمْ زَائِدَةٌ أَمْ نَاقِصَةٌ فَهَلْ يَصِحُّ الْبَيْعُ فَإِنْ قُلْتُمْ بِالصِّحَّةِ فَهَلْ يُوزَنُ الثَّمَنُ بِالْخُمْسِ خَمْسًا خَمْسًا أَمْ الْخِيرَةُ لِلْبَائِعِ أَمْ لِلْمُشْتَرِي؟
(فَأَجَابَ) - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِأَنَّ مَنْ عَيَّنَ قَدْرًا فَتَارَةً يَكُونُ الْمَبِيعُ وَالثَّمَنُ مُعَيَّنَيْنِ وَتَارَةً يَكُونُ وَهْمًا أَوْ أَحَدُهُمَا فِي الذِّمَّةِ وَحُكْمُ ذَلِكَ يُعْلَمُ مِنْ قَوْلِهِمْ لَوْ قَالَ بِعْتُك مِلْءَ أَوْ بِمِلْءِ هَذَا الْكُوزِ أَوْ الْبَيْتِ مِنْ هَذِهِ الصُّبْرَةِ أَوْ زِنَةَ أَوْ بِزِنَةِ هَذِهِ الْحَصَاةِ مِنْ هَذَا الذَّهَبِ صَحَّ لِإِمْكَانِ الْأَخْذِ مِنْ