بَرَكَاتُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى هَذَا الْإِمَامِ وَسَعَادَةُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَيْهِ فِي تَخْصِيصِهِ بِفَضْلِهِ مِنْ بَيْنِ الْأَنَامِ وَلَكِنْ لَا يَيْئِسْ مِنْ رَحْمَةِ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ بِمَحَبَّتِنَا وَخِدْمَتِنَا فِي مُحِبِّي النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَأَفْضَلُ السَّلَامِ.
وَقَدْ أَنْشَدَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَبْيَاتًا فِي آخِرِ كِتَابِهِ فِي الْفَرَائِضِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الْأَكْدَرِيَّةِ يُنَاسِبُ إنْشَادُهَا حَالِي لِأَنِّي الْمَفْضُولُ فِي أَعْمَالِي وَأَقْوَالِي وَلَيْسَ لِي فِي الْحَقِيقَةِ فَضْلٌ وَلَا عِلْمٌ وَعَمَلٌ قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَنَفَعَ بِهِ وَرَضِيَ عَنْهُ
وَلَا يَيْئِسْ الْمَفْضُولُ مِنْ فَضْلِهِ عَلَى ... مَزِيدٍ عَلَيْهِ فَضْلُهُ بِالضَّرُورَةِ
فَرُبَّ مَقَامٍ أَنْتَجَ الْأَمْرُ عَكْسَهُ ... كَحَمْلٍ بِأُنْثَى جَاءَ فِي الْأَكْدَرِيَّةِ
لَهَا إرْثُهَا فِيهِ وَزَادَ لِجَدِّهَا ... وَلِلذَّكَرِ الْحِرْمَانُ دُونَ زِيَادَةِ
وَإِنْ كُنَّا مَفْضُولِينَ مُقَصِّرِينَ فَنَرْجُو مِنْ أَرْحَمْ الرَّاحِمِينَ أَنْ يَجْبُرَ قُلُوبَنَا بِمَا نَبْلُغُ بِهِ دَرَجَاتِ الصَّالِحِينَ بِحُرْمَةِ سَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ وَشَفِيعِ الْمُذْنِبِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ لِأَنِّي أَقُولُ وَأَتَوَسَّلُ بِالسَّيِّدِ الرَّسُولِ
أُحِبُّ الصَّالِحِينَ وَلَسْت مِنْهُمْ ... وَلَكِنِّي بِهِمْ أَرْجُو الشَّفَاعَهْ
وَأَكْرَهُ مِنْ بِضَاعَتُهُ الْمَعَاصِي ... وَإِنْ كُنَّا سَوَاءً فِي الْبِضَاعَهْ
وَنُكْمِلُ الْفَائِدَةَ بِمَعْنَى مَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ فِي مَسْأَلَةِ الْأَكْدَرِيَّةِ.
وَصُورَةُ الْأَكْدَرِيَّةِ زَوْجٌ وَأُمٌّ وَجَدٌّ وَأُخْتٌ شَقِيقَةٌ أَوْ لِأَبٍ فَلِلزَّوْجِ النِّصْفُ وَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ وَلِلْجَدِّ السُّدُسُ الْفَرِيضَةُ مِنْ سِتَّةٍ ثُمَّ يُفْرَضُ لِلْأُخْتِ النِّصْفُ وَذَلِكَ خَاصٌّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَيُعَالُ بِنِصْفِ الْفَرِيضَةِ إلَى تِسْعَةٍ ثُمَّ إنَّ الْجَدَّ يَطْلُبُ الْمُقَاسَمَةَ مَعَهَا بِخَلْطِ سِهَامِهِ مَعَ سِهَامِهَا فَتُقْسَمُ أَرْبَعَةٌ عَلَى ثَلَاثَةٍ فَتُضْرَبُ التِّسْعَةُ فِي الثَّلَاثِ فَتَصِحُّ الْفَرِيضَةُ مِنْ سَبْعَةٍ وَعِشْرِينَ لِلزَّوْجِ مِنْهَا تِسْعَةٌ وَلِلْأُمِّ سِتَّةٌ وَلِلْأُخْتِ أَرْبَعَةٌ وَلِلْجَدِّ ثَمَانِيَةٌ وَلِهَذَا يُقَالُ:
فَرِيضَةٌ لِأَرْبَعَةٍ أَخَذَ أَحَدُهُمْ ثُلُثَهَا وَانْصَرَفَ ثُمَّ أَخَذَ الثَّانِي ثُلُثَ مَا بَقِيَ وَانْصَرَفَ ثُمَّ أَخَذَ الثَّالِثُ ثُلُثَ مَا بَقِيَ ثُمَّ قِيلَ أَيْضًا مَا فَرِيضَةٌ يُؤَخَّرُ قَسْمُهَا لِحَمْلٍ فَإِنْ كَانَتْ أُنْثَى وَرِثَتْ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا لَمْ يَرِثْ فَإِذَا هَلَكَتْ هَالِكَةٌ وَتَرَكَتْ زَوْجَهَا وَأُمَّهَا وَجَدَّهَا فَإِنْ كَانَتْ الْأُمُّ حَامِلًا آخَرَ قُسِمَ التَّرِكَةُ فَإِنْ أَتَتْ بِأُخْتٍ شَقِيقَةٍ أَوْ لِأَبٍ كَانَ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ الْعَمَلِ وَوَقَعَ الْمِيرَاثُ لَهَا وَإِنْ وَضَعَتْ ذَكَرًا فَلَا إرْثَ لَهُ مَعَ الْجَدِّ فَهَذَا الَّذِي قَصَدَ بِقَوْلِهِ فِي الْأَبْيَاتِ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَإِنَّ الذَّكَرَ أَفْضَلُ مِنْ الْأُنْثَى وَرُبَّمَا كَانَ لِلْأُنْثَى مَا لَا يَكُونُ لِلذَّكَرِ لِأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشَاءُ وَاَللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ خَالِقُ الْجُودِ الْعَمِيمِ وَجَرَتْ عَادَتُهُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - يُنْشِدُ أَبْيَاتًا