وَقَالَ الْقَاضِي: يَحْنَثُ بِأَكْلِ الشَّحْمِ الَّذِي عَلَى الظَّهْرِ وَالْجَنْبِ. وَفِي تَضَاعِيفِ اللَّحْمِ، وَهُوَ لَحْمٌ. وَلَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ مَنْ حَلَفَ " لَا يَأْكُلُ شَحْمًا " عَلَى مَا يَأْتِي. وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِهِ الْكُلْيَةَ، وَالْكَارِعَ. فَلَا يَحْنَثُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ اجْتِنَابَ الدَّسَمِ. فَإِذَا نَوَى ذَلِكَ حَنِثَ.
تَنْبِيهٌ: ظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّهُ لَوْ أَكَلَ لَحْمَ الرَّأْسِ، أَوْ لَحْمًا لَا يُؤْكَلُ: أَنَّهُ يَحْنَثُ. وَهُوَ أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالنَّظْمِ. قَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الْخَدِّ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَهُوَ مُنَاقِضٌ لِاخْتِيَارِهِ فِي الْهِدَايَةِ. فِيمَا إذَا حَلَفَ " لَا يَأْكُلُ رَأْسًا " لَمْ يَحْنَثْ إلَّا بِأَكْلِ رَأْسٍ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِهِ مُنْفَرِدًا. فَغَلَّبَ الْعُرْفَ. قَالَ فِي الْخُلَاصَةِ: يَحْنَثُ بِأَكْلِ لَحْمِ الرَّأْسِ فِي الْأَصَحِّ. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْمُحَرَّرِ، وَالْحَاوِي فِي أَكْلِ لَحْمٍ لَا يُؤْكَلُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِأَكْلِ كُلِّ لَحْمٍ. فَتَدْخُلُ اللُّحُومُ الْمُحَرَّمَةُ، كَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَنَحْوِهِ. وَهُوَ أَشْهَرُ الْوَجْهَيْنِ. وَبِهِ قَطَعَ أَبُو مُحَمَّدٍ. انْتَهَى. وَجَزَمَ ابْنُ عَبْدُوسٍ فِي تَذْكِرَتِهِ: أَنَّهُ يَحْنَثُ بِلَحْمِ الرَّأْسِ وَبِلَحْمِ غَيْرِ مَأْكُولٍ. قَالَ فِي الْمُذْهَبِ: حَنِثَ بِأَكْلِ الرَّأْسِ فِي ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَنْوِيَهُ. قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَاخْتِيَارُ الْقَاضِي: أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِأَكْلِ خَدِّ الرَّأْسِ. وَحُكِيَ عَنْ ابْنِ أَبِي مُوسَى فِي ذَلِكَ كُلِّهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute