قَالَ الْقَاضِي: الْمُحَرَّمُ مَا عَدَا الْوَجْهَ وَالْكَفَّيْنِ. وَصَرَّحَ الْقَاضِي فِي الْجَامِعِ: أَنَّهُ لَا يَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ. ثُمَّ قَالَ: النَّظَرُ إلَى الْعَوْرَةِ مُحَرَّمٌ، وَإِلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ: مَكْرُوهٌ. وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ، وَأَبُو الْحُسَيْنِ. وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: لَا يَجُوزُ النَّظَرُ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَا، إلَّا أَنَّ الْقَاضِيَ أَطْلَقَ هَذِهِ الْعِبَارَةَ. وَحَكَى الْكَرَاهَةَ فِي غَيْرِ الْعَوْرَةِ. قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: هَلْ يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ؟ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ: يُكْرَهُ، وَلَا يَحْرُمُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لَا يَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى وَجْهِ الْأَجْنَبِيَّةِ إذَا أَمِنَ الْفِتْنَةَ. انْتَهَى.
قُلْت: وَهَذَا الَّذِي لَا يَسَعُ النَّاسَ غَيْرُهُ، خُصُوصًا لِلْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ غَيْرِ الْمَحَارِمِ الَّذِينَ نَشَأَ بَيْنَهُمْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَيَأْتِي فِي آخِرِ الْعِدَدِ: هَلْ يَجُوزُ أَنْ يَخْلُوَ بِمُطَلَّقَتِهِ، أَوْ أَجْنَبِيَّةٍ، أَمْ لَا؟
قَوْلُهُ (وَيَجُوزُ النَّظَرُ إلَى الْغُلَامِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ) . النَّظَرُ إلَى الْأَمْرَدِ لِغَيْرِ شَهْوَةٍ عَلَى قِسْمَيْنِ.
أَحَدُهُمَا: أَنْ يَأْمَنَ ثَوَرَانَ الشَّهْوَةِ. فَهَذَا يَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ. عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْأَصْحَابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ، وَغَيْرِهِمْ. وَقَالَهُ أَبُو حَكِيمٍ، وَغَيْرُهُ. وَلَكِنْ تَرْكُهُ أَوْلَى. صَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَقِيلٍ. قِيلَ: وَأَمَّا تَكْرَارُ النَّظَرِ: فَمَكْرُوهٌ. وَقَالَ أَيْضًا، فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ: تَكْرَارُ النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ مُحَرَّمٌ، لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ بِغَيْرِ شَهْوَةٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute