قَوْلُهُ (وَإِنْ نَوَى أَحَدَهُمَا لَمْ يَجُزْ عَنْ الْآخَرِ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ عَلَيْهِ أَحْدَاثٌ. فَتَارَةً تَكُونُ مُتَنَوِّعَةً عَنْ أَسْبَابِ أَحَدِ الْحَدَثَيْنِ، وَتَارَةً لَا تَتَنَوَّعُ. فَإِنْ تَنَوَّعَتْ أَسْبَابُ أَحَدِهِمَا، وَنَوَى بَعْضَهَا بِالتَّيَمُّمِ. فَإِنْ قُلْنَا فِي الْوُضُوءِ: لَا يُجْزِئُهُ عَمَّا لَمْ يَنْوِهِ. فَهُنَا بِطَرِيقٍ أَوْلَى، وَإِنْ قُلْنَا: يُجْزِئُ هُنَاكَ أَجْزَأَ هُنَا عَلَى الصَّحِيحِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَصَاحِبُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. وَقَدَّمَ فِي الْفَائِقِ، وَالرِّعَايَةِ الْكُبْرَى فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ. وَقِيلَ: لَا يُجْزِئُ هُنَا. فَلَا يَحْصُلُ لَهُ إلَّا مَا نَوَاهُ. وَلَوْ قُلْنَا يَرْتَفِعُ جَمِيعُهَا فِي الْوُضُوءِ لِأَنَّ التَّيَمُّمَ مُبِيحٌ، وَالْوُضُوءُ رَافِعٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُنَا، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْحَدَثِ الْأَكْبَرِ فِي الرِّعَايَةِ الصُّغْرَى. وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. وَقِيلَ: إنْ كَانَا جَنَابَةً وَحَيْضًا أَوْ نِفَاسًا: لَمْ يُجْزِهِ، وَصَحَّحَهُ بَعْضُهُمْ.
فَائِدَتَانِ:
إحْدَاهُمَا: لَوْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ دُونَ الْحَدَثِ أُبِيحَ لَهُ مَا يُبَاحُ لِلْمُحْدِثِ: مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَاللُّبْثِ فِي الْمَسْجِدِ. وَلَمْ تُبَحْ لَهُ الصَّلَاةُ، وَالطَّوَافُ، وَمَسُّ الْمُصْحَفِ، وَإِنْ أَحْدَثَ لَمْ يُؤْثِرْ ذَلِكَ فِي تَيَمُّمِهِ، وَإِنْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ وَالْحَدَثِ، ثُمَّ أَحْدَثَ بَطَلَ تَيَمُّمُهُ لِلْحَدَثِ، وَبَقِيَ تَيَمُّمُ الْجَنَابَةِ بِحَالِهِ. وَلَوْ تَيَمَّمَتْ بَعْدَ طُهْرِهَا مِنْ حَيْضِهَا لِحَدَثِ الْحَيْضِ، ثُمَّ أَجْنَبَتْ لَمْ يَحْرُمْ وَطْؤُهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَصَحَّحَهُ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ قُلْنَا كُلُّ صَلَاةٍ تَحْتَاجُ إلَى تَيَمُّمٍ، احْتَاجَ كُلُّ وَطْءٍ إلَى تَيَمُّمٍ يَخُصُّهُ. الثَّانِيَةُ: صِفَةُ التَّيَمُّمِ: أَنْ يَنْوِيَ اسْتِبَاحَةَ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقِيلَ: يَصِحُّ بِنِيَّةِ رَفْعِ الْحَدَثِ. فَعَلَى الْمَذْهَبِ: يُعْتَبَرُ مَعَهُ تَعْيِينُ مَا يَتَيَمَّمُ لَهُ قَبْلَ الْحَدَثِ عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ. وَقِيلَ: إنْ ظَنَّ فَائِتَةً،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute