قُلْت: وَهَذَا الصَّحِيحُ قِيَاسًا عَلَى مَسْحِ الرَّأْسِ، وَصَحَّحَ فِي الْمُغْنِي عَدَمَ الْإِجْزَاءِ إذَا لَمْ يَمْسَحْ، وَمَعَ الْمَسْحِ حَكَى احْتِمَالَيْنِ. وَأَطْلَقَهُنَّ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ عُبَيْدَانَ. الثَّالِثَةُ: لَوْ سَفَتْ الرِّيحُ غُبَارًا. فَمَسَحَ وَجْهَهُ بِمَا عَلَيْهِ: لَمْ يَصِحَّ، وَإِنْ فَصَلَهُ ثُمَّ رَدَّهُ إلَيْهِ، أَوْ مَسَحَ بِغَيْرِ مَا عَلَيْهِ: صَحَّ. وَذَكَرَ الْأَزَجِيُّ: إنْ نَقَلَهُ مِنْ الْيَدِ إلَى الْوَجْهِ، أَوْ عَكْسُهُ بِنِيَّةٍ: فَفِيهِ تَرَدُّدٌ. وَيَأْتِي إذَا تَيَمَّمَ بِيَدٍ وَاحِدَةٍ، أَوْ بَعْضِ يَدٍ. أَوْ بِخِرْقَةٍ وَنَحْوِهِ، بَعْدَ قَوْلِهِ " وَالسُّنَّةُ فِي التَّيَمُّمِ أَنْ يَنْوِيَ قَوْلُهُ (وَيَجِبُ تَعْيِينُ النِّيَّةِ لِمَا يَتَيَمَّمُ لَهُ: مِنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَشَمِلَ التَّيَمُّمَ لِلنَّجَاسَةِ. فَتَجِبُ النِّيَّةُ لَهَا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْوَجْهَيْنِ، صَحَّحَهُ الْمَجْدُ، وَفِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ، وَقَدَّمَهُ ابْنُ عُبَيْدَانَ، وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ فِي مَوْضِعٍ. وَهَذَا احْتِمَالُ الْقَاضِي. وَقِيلَ: لَا تَجِبُ النِّيَّةُ لَهَا كَبَدَلِهِ، وَهُوَ الْغُسْلُ، بِخِلَافِ تَيَمُّمِ الْحَدَثِ، وَهُوَ احْتِمَالٌ لِابْنِ عَقِيلٍ [فِي الْفُرُوعِ: وَالْمَنْعُ اخْتَارَهُ ابْنُ حَامِدٍ، وَابْنُ عَقِيلٍ، وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ أَرَادَ مَنْعَ الصِّحَّةِ] وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْفُرُوعِ، وَالرِّعَايَةِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالْفَائِقِ، وَفِي الْمُغْنِي، وَالشَّرْحِ، فِي مَوْضِعٍ. فَعَلَى الْأَوَّلِ: يَكْفِيهِ تَيَمُّمٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ مَوَاضِعُهَا إنْ لَمْ يَكُنْ مُحْدِثًا، وَإِنْ كَانَ مُحْدِثًا وَعَلَيْهِ نَجَاسَةٌ فَيَأْتِي بَعْدَ هَذَا. قَوْلُهُ (فَإِنْ نَوَى جَمِيعَهَا جَازَ) ، هَذَا الْمَذْهَبُ مُطْلَقًا. وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ، وَقَطَعَ بِهِ كَثِيرٌ مِنْهُمْ. وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إنْ كَانَ عَلَيْهِ حَدَثٌ وَنَجَاسَةٌ: هَلْ يُكْتَفَى بِتَيَمُّمٍ وَاحِدٍ؟ يَنْبَنِي عَلَى تَدَاخُلِ الطَّهَارَتَيْنِ فِي الْغُسْلِ. فَإِنْ قُلْنَا: لَا يَتَدَاخَلَانِ، فَهُنَا أَوْلَى.
لِكَوْنِهِمَا مِنْ جِنْسَيْنِ، وَإِنْ قُلْنَا: يَتَدَاخَلَانِ هُنَاكَ، فَالْأَشْبَهُ عِنْدِي: لَا يَتَدَاخَلَانِ هُنَا، كَالْكَفَّارَاتِ وَالْحُدُودِ إذَا كَانَتَا مِنْ جِنْسَيْنِ. وَأَطْلَقَهُمَا ابْنُ تَمِيمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute