فَعَلَى الْأَوَّلِ: لَا يَبْطُلُ الْبَيْعُ إلَّا بِالتَّأْخِيرِ إلَى بُدُوِّ الصَّلَاحِ وَاشْتِدَادِ الْحَبِّ. وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَالْخِرَقِيِّ. وَيَكُونُ تَأْخِيرُهُ إلَى مَا قَبْلَ ذَلِكَ جَائِزًا. وَلَوْ كَانَ الْمُشْتَرِي رَطْبَةً أَوْ مَا أَشْبَهَهَا مِنْ النَّعْنَاعِ وَالْهُنْدُبَا، أَوْ صُوفًا عَلَى ظَهْرٍ فَتَرَكَهَا حَتَّى طَالَتْ: لَمْ يَنْفَسِخْ الْبَيْعُ. لِأَنَّهُ لَا نَهْيَ فِي بَيْعِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ. وَهَذِهِ هِيَ طَرِيقَةُ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ. وَعَلَى الثَّانِي: يَبْطُلُ الْبَيْعُ بِمُجَرَّدِ الزِّيَادَةِ وَاخْتِلَاطِ الْمَالَيْنِ، إلَّا أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ الزِّيَادَةِ الْيَسِيرَةِ. كَالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الثَّمَرِ، وَالزَّرْعِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الرَّطْبَةِ وَالْبُقُولِ وَالصُّوفِ وَهِيَ طَرِيقَةُ أَبِي بَكْرٍ، وَالْقَاضِي فِي خِلَافِهِ، وَالْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِمْ. وَمَتَى تَلِفَ بِجَائِحَةٍ بَعْدَ التَّمَكُّنِ مِنْ قَطْعِهِ فَهُوَ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي. وَهُوَ مُصَرَّحٌ بِهِ فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْمُغْنِي وَغَيْرِهِمَا. وَتَكُونُ الزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ عَلَى هَذَا الْمَأْخَذِ بِغَيْرِ إشْكَالٍ. وَأَمَّا عَلَى الْأَوَّلِ: فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْمُشْتَرِي. لِأَنَّ مِلْكَهُ إنَّمَا يَنْفَسِخُ بَعْدَ بُدُوِّ الصَّلَاحِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ عَلَى الْبَائِعِ. وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَصْحَابُ خِلَافَهُ. لِأَنَّ الْفَسْخَ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ اسْتَنَدَ إلَى سَبَبٍ سَابِقٍ عَلَيْهِ. وَهُوَ تَأْخِيرُ الْقَطْعِ. قَالَ ذَلِكَ فِي الْقَوَاعِدِ. وَقَالَ: وَقَدْ يُقَالُ بِبُدُوِّ الصَّلَاحِ يَتَبَيَّنُ انْفِسَاخُ الْعَقْدِ مِنْ حِينِ التَّأْخِيرِ. انْتَهَى.
الثَّانِيَةُ: تَقَدَّمَ هَلْ تَكُونُ الزَّكَاةُ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي؟ إذَا قُلْنَا: بِالْبُطْلَانِ. وَحَيْثُ قُلْنَا بِالصِّحَّةِ. فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى التَّبْقِيَةِ جَازَ. وَزَكَاةُ الْمُشْتَرِي، وَإِنْ قُلْنَا: الزِّيَادَةُ لَهُمَا فَعَلَيْهِمَا الزَّكَاةُ إنْ بَلَغَ نَصِيبُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصَابًا، وَإِلَّا انْبَنَى عَلَى الْخِلْطَةِ فِي غَيْرِ الْمَاشِيَةِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
تَنْبِيهٌ: وَأَمَّا إذَا حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ وَلَمْ تَتَمَيَّزْ. فَقَطَعَ الْمُصَنِّفُ هُنَا: أَنَّ حُكْمَهَا حُكْمُ الْمَسَائِلِ الْأُولَى، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ. ذَكَرَهَا أَبُو الْخَطَّابِ. وَجَزَمَ بِهِ فِي الْوَجِيزِ، وَالرِّعَايَتَيْنِ، وَالْحَاوِيَيْنِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُذْهَبِ، وَالْخُلَاصَةِ، وَالْهَادِي، وَغَيْرِهِمْ. وَهُوَ احْتِمَالٌ فِي الْكَافِي.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute