فَلَوْ قَالَ: عَقَدَهُ قَبْلَ إحْرَامِي: قُبِلَ قَوْلُهُ، وَكَذَا لَوْ قَالَ: عَقَدَهُ بَعْدَ إحْرَامِي؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ فَسْخَهُ، فَيَمْلِكُ إقْرَارَهُ، وَلَكِنْ يَلْزَمُهُ نِصْفُ الْمَهْرِ، وَيَصِحُّ الْعَقْدُ مَعَ جَهْلِهِمَا وُقُوعَهُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ مِنْ الْمُسْلِمِينَ تَعَاطِي الصَّحِيحِ.
فَائِدَتَانِ. إحْدَاهُمَا: لَوْ قَالَ الزَّوْجُ: تَزَوَّجْتُك بَعْدَ أَنْ أَحْلَلْت، فَقَالَتْ: بَلْ وَأَنَا مُحْرِمَةٌ صُدِّقَ الزَّوْجُ، وَتُصَدَّقُ هِيَ فِي نَظِيرَتِهَا فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّهَا مُؤْتَمَنَةٌ. ذَكَرَهُ ابْنُ شِهَابٍ وَغَيْرُهُ. الثَّانِيَةُ: لَوْ أَحْرَمَ الْإِمَامُ مُنِعَ مِنْ التَّزْوِيجِ لِنَفْسِهِ وَتَزْوِيجِ أَقَارِبِهِ، وَأَمَّا بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ: فَقَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ: لَمْ يَجُزْ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَ، وَإِنَّمَا يُزَوِّجُ خُلَفَاؤُهُ، ثُمَّ سَلَّمَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ بِوِلَايَةِ الْحُكْمِ مَا لَا يَجُوزُ بِوِلَايَةِ النَّسَبِ. وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ احْتِمَالَيْنِ فِي عَدَمِ تَزْوِيجِهِ وَجَوَازِهِ لِلْحَرَجِ؛ لِأَنَّ الْحُكَّامَ إنَّمَا يُزَوِّجُونَ بِإِذْنِهِ وَوِلَايَتِهِ، وَاخْتَارَ الْجَوَازَ لِحِلِّهِ حَالَ وِلَايَتِهِ. وَالِاسْتِدَامَةُ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْإِمَامَةَ لَا تَبْطُلُ بِفِسْقٍ طَرَأَ، وَاقْتَصَرَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَلَى حِكَايَةِ كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ، وَذَكَرَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: أَنَّ نَائِبَهُ إذَا أَحْرَمَ مِثْلُ الْإِمَامِ. قُلْت: قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمُذْهَبِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ: لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ وَنَائِبِهِ أَنْ يُزَوِّجَ وَهُوَ مُحْرِمٌ بِالْوِلَايَةِ الْعَامَّةِ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ. انْتَهَى. قُلْت: وَظَاهِرُ كَلَامِ كَثِيرٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: عَدَمُ الصِّحَّةِ مِنْهُمَا.
قَوْلُهُ (وَفِي الرَّجْعَةِ رِوَايَتَانِ) . يَعْنِي فِي إبَاحَتِهَا وَصِحَّتِهَا، وَأَطْلَقَهُمَا فِي الْإِرْشَادِ، وَالْهِدَايَةِ، وَالْمُبْهِجِ، وَمَسْبُوكِ الذَّهَبِ، وَالْمُسْتَوْعِبِ ذَكَرَهُ فِي بَابِ الرَّجْعَةِ وَالْحَاوِيَيْنِ، وَنَاظِمِ الْمُفْرَدَاتِ [وَالْمُحَرَّرِ] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute