فَائِدَتَانِ إحْدَاهُمَا قَوْلُهُ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَلَا يُحْتَسَبُ عَلَيْهِ) ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَبْعَثْ الْإِمَامُ سَاعِيًا، فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْخَرْصِ مَا يَفْعَلُهُ السَّاعِي، لِيَعْرِفَ قَدْرَ الْوَاجِبِ قَبْلَ أَنْ يَتَصَرَّفَ، لِأَنَّهُ مُسْتَخْلَفٌ فِيهِ، وَلَوْ تَرَكَ السَّاعِي شَيْئًا مِنْ الْوَاجِبِ أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ، نَصَّ عَلَيْهِ. الثَّانِيَةُ: تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُخْرَصُ إلَّا النَّخْلُ وَالْكَرْمُ، فَلَا تُخْرَصُ الْحُبُوبُ إجْمَاعًا، لَكِنْ لِلْمَالِكِ الْأَكْلُ مِنْهَا هُوَ وَعِيَالُهُ، بِحَسَبِ الْعَادَةِ. كَالْفَرِيكِ وَمَا يَحْتَاجُهُ، وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهِ، وَلَا يُهْدَى. نَصَّ عَلَى ذَلِكَ كُلِّهِ، وَخَرَّجَ الْقَاضِي فِي جَوَازِ الْأَكْلِ مِنْهَا وَجْهَيْنِ: مِنْ الْأَكْلِ، وَمِنْ الزَّرْعِ الَّذِي لَيْسَ لَهُ خَلِيطٌ، وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْخِلَافِ: أَسْقَطَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ - عَنْ أَرْبَابِ الزَّرْعِ الزَّكَاةَ فِي مِقْدَارِ مَا يَأْكُلُونَ كَمَا أَسْقَطَ فِي الثِّمَارِ. قَالَ: وَذَكَرَهُ فِي رِوَايَةِ الْمَيْمُونِيِّ، وَجَعَلَ الْحُكْمَ فِيهِمَا سَوَاءً، وَقَالَ فِي الْمُجَرَّدِ، وَالْفُصُولِ، وَغَيْرِهِمَا: يُحْسَبُ عَلَيْهِ مَا يَأْكُلُهُ، وَلَا يُتْرَكُ لَهُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَذَكَرَهُ الْآمِدِيُّ ظَاهِرُ كَلَامِهِ، كَالْمُشْتَرَكِ مِنْ الزَّرْعِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ، وَالْحَبُّ لَيْسَ فِي مَعْنَى الثَّمَرَةِ، وَحَكَى رِوَايَةً: أَنَّهُ لَا يُزَكِّي مَا يُهْدِيهِ أَيْضًا، وَقَدَّمَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ: أَنَّهُ يُزَكِّي مَا يَهْدِيهِ مِنْ الثَّمَرَةِ. قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَجَزَمَ الْأَئِمَّةُ بِخِلَافِهِ، وَحَكَى ابْنُ تَمِيمٍ أَنَّ الْقَاضِيَ قَالَ فِي تَعْلِيقِهِ: مَا يَأْكُلُهُ مِنْ التَّمْرَةِ بِالْمَعْرُوفِ لَا يُحْسَبُ عَلَيْهِ، وَمَا يُطْعِمُهُ جَارَهُ وَصَدِيقَهُ يُحْسَبُ عَلَيْهِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَذَكَرَ أَبُو الْفَرَجِ: لَا زَكَاةَ فِيمَا يَأْكُلُهُ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ، وَفِيمَا يُطْعِمُهُ رِوَايَتَانِ، وَحَكَى الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ: فِي جَوَازِ أَكْلِهِ مِنْ زَرْعِهِ وَجْهَيْنِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute