السَّابِعَةُ: لَوْ حَفِظَهَا إلَى وَقْتِ الْإِخْرَاجِ زَكَّى الْمَوْجُودَ فَقَطْ، سَوَاءٌ وَافَقَ قَوْلَ الْخَارِصِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ اخْتَارَ حِفْظَهَا ضَمَانًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ، أَوْ أَمَانَةً؛ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ، وَإِنَّمَا يُعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ عَدَمِ تَبَيُّنِ الْخَطَأِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ وَعَنْهُ يَلْزَمُهُ مَا قَالَ الْخَارِصُ، مَعَ تَفَاوُتِ قَدْرِ يَسِيرٍ يُخْطِئُ فِي مِثْلِهِ، وَقَالَ فِي الرِّعَايَةِ: لَا يَغْرَمُ مَا لَمْ يُفَرِّطْ وَلَوْ خُرِصَتْ، وَعَنْهُ بَلَى. انْتَهَى.
قَوْلُهُ (وَيَجِبُ أَنْ يَتْرُكَ فِي الْخَرْصِ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ، أَوْ الرُّبُعَ) بِحَسَبِ اجْتِهَادِ السَّاعِي، بِحَسَبِ الْمَصْلَحَةِ، فَيَجِبُ عَلَى السَّاعِي فِعْلُ ذَلِكَ، عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَعَلَيْهِ جَمَاهِيرُ الْأَصْحَابِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْمُذْهَبِ: الثُّلُثُ كَثِيرٌ لَا يَتْرُكُهُ، وَقَالَ الْآمِدِيُّ، وَابْنُ عَقِيلٍ: يَتْرُكُ قَدْرَ أَكْلِهِمْ وَهَدِيَّتِهِمْ بِالْمَعْرُوفِ بِلَا تَحْدِيدٍ. قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَهُوَ أَصَحُّ. قَالَ فِي الرِّعَايَةِ، وَقِيلَ: هُوَ أَصَحُّ. انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ: إنَّمَا يَتْرُكُ فِي الْخَرْصِ إذَا زَادَتْ الثَّمَرَةُ عَلَى النِّصَابِ، فَلَوْ كَانَتْ نِصَابًا فَقَطْ لَمْ يَتْرُكْ شَيْئًا.
تَنْبِيهَانِ أَحَدُهُمَا: هَذَا الْقَدْرُ الْمَتْرُوكُ لِلْأَكْلِ لَا يَكْمُلُ بِهِ النِّصَابُ، عَلَى الصَّحِيحِ، مِنْ الْمَذْهَبِ، نَصَّ عَلَيْهِ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَالرِّعَايَةِ، وَغَيْرِهِمْ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ: أَنَّهُ يُحْتَسَبُ بِهِ مِنْ النِّصَابِ، فَيَكْمُلُ بِهِ، ثُمَّ يَأْخُذُ زَكَاةَ الْبَاقِي سِوَاهُ.
الثَّانِي: لَوْ لَمْ يَأْكُلْ رَبُّ الْمَالِ الْمَتْرُوكِ لَهُ بِلَا خَرْصٍ. أَخَذَ مِنْهُ زَكَاتَهُ، عَلَى الصَّحِيحِ، جَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ، وَابْنُ تَمِيمٍ، وَابْنُ رَجَبٍ فِي الْقَاعِدَةِ الْحَادِيَةِ وَالسَّبْعِينَ وَغَيْرُهُمْ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَقَالَ صَاحِبُ الْفُرُوعِ: دَلَّ النَّصُّ الَّذِي فِي الْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا عَلَى أَنَّ رَبَّ الْمَالِ لَوْ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا لَمْ يُزَكِّهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ، وَأَظُنُّ بَعْضَهُمْ جَزَمَ بِهِ أَوْ قَدَّمَهُ، وَذَكَرَهُ فِي الرِّعَايَةِ احْتِمَالًا لَهُ. انْتَهَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute