للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إنْ الْتَزَمَهُ) بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَلْتَزِمْهُ، (وَقَالَ السَّمْعَانِيُّ) يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ (إنْ وَقَعَ فِي نَفْسِهِ صِحَّتُهُ) وَإِلَّا فَلَا (وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ) يَلْزَمُهُ الْعَمَلُ بِهِ (إنْ لَمْ يُوجَدْ مُفْتٍ آخَرَ فَإِنْ وُجِدَ تَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا، وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ) أَيْ جَوَازُ الرُّجُوعِ إلَى غَيْرِهِ (فِي حُكْمٍ آخَرَ) وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِسُؤَالِ الْمُجْتَهِدِ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ الْتِزَامُ مَذْهَبِهِ.

(وَ) الْأَصَحُّ (أَنَّهُ يَجِبُ) عَلَى الْعَامِّيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ الِاجْتِهَادِ (الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ) مِنْ مَذَاهِبِ الْمُجْتَهِدِينَ (يَعْتَقِدُهُ أَرْجَحَ) مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ مُسَاوِيًا) لَهُ وَإِنْ كَانَ نَفْسُ الْأَمْرِ مَرْجُوحًا عَلَى الْمُخْتَارِ الْمُتَقَدِّمِ، (ثُمَّ) فِي الْمُسَاوِي (يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي اعْتِقَادِهِ أَرْجَحَ) لِيُتَّجَهَ اخْتِيَارُهُ عَلَى غَيْرِهِ (ثُمَّ فِي خُرُوجِهِ عَنْهُ) أَقْوَالٌ أَحَدُهَا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْتِزَامُهُ، ثَانِيهَا يَجُوزُ وَالْتِزَامُ مَا لَا يَلْزَمُ غَيْرُ مُلْزَمٍ، (ثَالِثُهَا لَا يَجُوزُ فِي بَعْضِ الْمَسَائِلِ) وَيَجُوزُ فِي بَعْضٍ تَوَسُّطًا بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ، وَالْجَوَازُ فِي غَيْرِ مَا عَمِلَ بِهِ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ فِي عَمَلِ غَيْرِ الْمُلْتَزِمِ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ اتِّفَاقًا

ــ

[حاشية العطار]

الْمُفْتِي فِيمَا أَفْتَاهُ فِيهِ (قَوْلُهُ: إنْ الْتَزَمَهُ) أَيْ الْعَمَلَ بِأَنْ صَمَّمَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ إلَخْ) نُقِلَ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْخَطِيبِ وَغَيْرِهِ مَا يُوَافِقُهُ وَاخْتَارَهُ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: فِي حُكْمٍ آخَرَ) هَذَا غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْمِثْلِ وَمَا هُنَا فِي حُكْمٍ آخَرَ مُغَايِرٍ لَهُ وَفَرْضُ الْمَسْأَلَةِ هُنَا وَفِيمَا تَقَدَّمَ فِي عَامِّيٍّ غَيْرِ مُلْتَزِمٍ لِمَذْهَبِ الْإِمَامِ الَّذِي قَلَّدَهُ فِي حَادِثَةٍ مَا كَالشَّافِعِيِّ قَلَّدَ مَالِكًا أَوْ أَبَا حَنِيفَةَ فِي حَادِثَةٍ، أَمَّا الْتِزَامُ الْمَذْهَبِ فَسَيَأْتِي فِي قَوْلِهِ وَإِنَّهُ يَجِبُ الْتِزَامُ إلَخْ وَفِي التَّحْرِيرِ لَا يَرْجِعُ فِيمَا قَلَّدَ فِيهِ اتِّفَاقًا، وَهَلْ يُقَلِّدُ غَيْرَهُ فِي حُكْمِ غَيْرِهِ الْمُخْتَارُ نَعَمْ لِلْقَطْعِ بِأَنَّ الْمُسْتَفْتِينَ فِي كُلِّ عَصْرٍ مِنْ زَمَنِ الصَّحَابَةِ إلَى الْآنَ كَانُوا يَسْتَفْتُونَ مَرَّةً وَاحِدًا مِنْ الْمُجْتَهِدِينَ وَمَرَّةً غَيْرَهُ غَيْرَ مُلْتَزِمِينَ مُفْتِيًا وَاحِدًا فَلَوْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا مُبَيَّنًا كَأَبِي حَنِيفَةَ أَوْ الشَّافِعِيِّ فَقِيلَ يَلْزَمُ وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ اهـ.

قَالَ شَارِحُهُ السَّيِّدُ بادشاه وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْتِزَامَهُ غَيْرَ مُلْزِمٍ إذَا لَا وَاجِبَ إلَّا مَا أَوْجَبَهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، وَلَمْ يُوجِبْ عَلَى أَحَدٍ أَنْ يَتَمَذْهَبَ بِمَذْهَبٍ وَاحِدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فَيُقَلِّدَهُ فِي كُلِّ مَا يَأْتِي بِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَالْتِزَامُهُ لَيْسَ بِنَذْرٍ حَتَّى يَجِبَ الْوَفَاءُ بِهِ اهـ.

قَالَ السَّيِّدُ عَلِيٌّ السَّمْهُودِيُّ الشَّافِعِيُّ فِي رِسَالَتِهِ الْمُسَمَّاةِ بِالْعِقْدِ الْفَرِيدِ فِي أَحْكَامِ التَّقْلِيدِ وَلَوْ نَذَرَهُ لَا يَلْزَمُهُ كَمَا لَا يَلْزَمُهُ الْبَحْثُ عَنْ الْأَعْلَمِ وَإِسْنَادُ الْمَذَاهِبِ عَلَى الْمُقَرَّرِ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ لَا يَجُوزُ إلَخْ) حُكِيَ قَوْلٌ ثَالِثٌ وَهُوَ جَوَازُهُ فِي عَصْرِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْعُهُ فِي الْعَصْرِ الَّذِي اسْتَقَرَّتْ عَلَيْهِ الْمَذَاهِبُ، وَقَوْلُهُ وَالْعَمَلُ بِقَوْلِهِ أَيْ إنْ عَمِلَ وَإِلَّا فَالْمُعَلَّلُ أَعَمُّ اهـ. زَكَرِيَّا.

(قَوْلُهُ: الْتِزَامُ مَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَأْخُذُ فِيمَا يَقَعُ لَهُ مِنْ الْأَحْكَامِ إلَّا بِمَذْهَبٍ مُعَيَّنٍ (قَوْلُهُ: ثُمَّ فِي الْمُسَاوِي إلَخْ) الْقَرِينَةُ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِالْمُسَاوِي قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي اعْتِقَادِهِ أَرْجَحُ إذْ لَوْ أُرِيدَ مَا يَعُمُّ الْأَرْجَحَ لَكَانَ قَوْلُهُ ثُمَّ يَنْبَغِي السَّعْيُ فِي اعْتِقَادِهِ تَحْصِيلًا لِلْحَاصِلِ اهـ. نَجَّارِيٌّ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ الْتَزَمَهُ) أَيْ بِالتَّقْلِيدِ وَقَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَجِبْ الْتِزَامُهُ أَيْ ابْتِدَاءً (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ مَا عَمِلَ بِهِ) أَيْ وَعَدَمُهُ وَقَوْلُهُ أَخْذًا مِمَّا تَقَدَّمَ أَيْ مِنْ مَفْهُومِهِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الرُّجُوعُ فِيمَا عُمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَالْآمِدِيِّ اتِّفَاقًا) قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَسْنَدَ نَقْلَ الِاتِّفَاقِ إلَيْهِمَا لِيَبْرَأَ عَنْ عُهْدَتِهِ لِقَوْلِ وَالِدِ الْمُصَنِّفِ فِي فَتَاوِيهِ إنَّ فِي دَعْوَى الِاتِّفَاقِ نَظَرًا، وَإِنَّ فِي كَلَامِ غَيْرِهِمَا مَا يُشْعِرُ بِإِثْبَاتِ خِلَافٍ بَعْدَ الْعَمَلِ اهـ.

وَفِي رِسَالَةِ السَّيِّدِ السَّمْهُودِيِّ الْمُخْتَارُ أَنَّ كُلَّ مَسْأَلَةٍ اتَّصَلَ عَمَلُهُ بِهَا فَلَا مَانِعَ مِنْ اتِّبَاعِ غَيْرِ مَذْهَبِ الْأَوَّلِ وَبِهِ تَعْلَمُ مَا فِي حِكَايَةِ إطْلَاقِ الِاتِّفَاقِ عَلَى الْمَنْعِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ اتِّفَاقُ الْأُصُولِيِّينَ ثُمَّ إنْ كَانَ الْمُرَادُ مِنْ وَضْعِ الرُّجُوعِ حَيْثُ عَمِلَ فِي عَيْنِ تِلْكَ الْوَاقِعَةِ الْمُنْقَضِيَةِ لَا مَا يَحْدُثُ بَعْدَهَا مِنْ جِنْسِهَا فَهُوَ ظَاهِرٌ كَحَنَفِيٍّ سَلَّمَ شُفْعَةً بِالْجِوَارِ عَمَلًا بِعَقِيدَتِهِ ثُمَّ عَنَّ لَهُ تَقْلِيدُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - حَتَّى يَنْزِعَ الْعَقَارَ مِمَّنْ سَلَّمَهُ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا أَنَّهُ لَا يُخَاطَبُ بَعْدَ تَقْلِيدِهِ الشَّافِعِيَّ بِإِعَادَةِ مَا مَضَى مِنْ عِبَادَاتِهِ الَّتِي يَقُولُ الشَّافِعِيُّ بِبُطْلَانِهِ لِمُضِيِّهَا عَلَى الصِّحَّةِ فِي اعْتِقَادِهِ فِيمَا مَضَى فَلَوْ اشْتَرَى هَذَا الْحَنَفِيُّ بَعْدَ ذَلِكَ عَقَارًا آخَرَ، وَقَلَّدَ الشَّافِعِيَّ بِعَدَمِ الْقَوْلِ بِشُفْعَةِ الْجِوَارِ فَلَا يَمْنَعُهُ مَا سَبَقَ أَنْ يُقَلِّدَهُ فِي ذَلِكَ فَلَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ تَسْلِيمِ الْعَقَارِ الثَّانِي فَإِنْ قَالَ الْآمِدِيُّ وَابْنُ الْحَاجِبِ وَمَنْ تَبِعَهُمَا بِالْمَنْعِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَعَمَّمُوا ذَلِكَ جَمِيعَ صُوَرِ مَا وَقَعَ الْعَمَلُ بِهِ أَوْ لَا فَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ وَدَعْوَى الْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>