وَإِلَّا لَخَلَا السُّؤَالُ عَنْ الْجَوَابِ وَذَلِكَ بَعِيدٌ فَيُقَدَّرُ السُّؤَالُ فِي الْجَوَابِ؛ فَكَأَنَّهُ قَالَ وَاقَعْتَ فَأَعْتِقْ (وَكَذِكْرِهِ فِي الْحُكْمِ وَصْفًا لَوْ لَمْ يَكُنْ عِلَّةً) لَهُ (لَمْ يُفِدْ) ذِكْرُهُ كَقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا يَحْكُمُ أَحَدٌ بَيْنَ اثْنَيْنِ، وَهُوَ غَضْبَانُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ فَتَقْيِيدُهُ الْمَنْعَ مِنْ الْحُكْمِ بِحَالَةِ الْغَضَبِ الْمُشَوِّشِ لِلْفِكْرِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ لَهُ، وَإِلَّا لَخَلَا ذِكْرُهُ عَنْ الْفَائِدَةِ وَذَلِكَ بَعِيدٌ (وَكَتَفْرِيقِهِ بَيْنَ حُكْمَيْنِ بِصِفَةٍ مَعَ ذِكْرِهِمَا أَوْ ذِكْرِ أَحَدِهِمَا) فَقَطْ مِثَالُ الْأَوَّلِ حَدِيثُ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَعَلَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّجُلِ أَيْ صَاحِبِهِ سَهْمًا» فَتَفْرِيقُهُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلِّيَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا
ــ
[حاشية العطار]
قَوْلُهُ:، وَإِلَّا لَخَلَا السُّؤَالُ إلَخْ) جَعَلَهُ سُؤَالًا بِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سُؤَالًا بِحَسَبِ الصُّورَةِ قَالَ النَّاصِرُ، وَهَذِهِ اللَّامُ تَقَعُ فِي جَوَابِ إنْ الشَّرْطِيَّةِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِينَ كَثِيرًا سَهْوًا وَتَوَهُّمًا أَنَّهَا فِي جَوَابِ لَوْ (قَوْلُهُ: فَيُقَدَّرُ السُّؤَالُ إلَخْ) الدَّاعِي إلَى هَذَا التَّقْدِيرِ تَحَقُّقُ الِاقْتِرَانِ بَيْنَ الْوَصْفِ وَالْحُكْمِ فِي كَلَامٍ وَاحِدٍ إذْ الِاقْتِرَانُ بَيْنَهُمَا فِي كَلَامَيْنِ غَيْرُ مَعْقُولٍ وَجَعَلَهُ مَلْفُوظًا بِعِلِّيَّتِهِ حِينَئِذٍ مِنْ حَيْثُ وُقُوعُهُ فِي هَذَا الْمَسْلَكِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْحُكْمِ) أَيْ مَعَهُ أَوْ فِي مُتَعَلَّقِهِ (قَوْلُهُ: يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ الْغَضَبَ عِلَّةٌ لَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْعِلَّةَ هِيَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَضَبِ هُنَا لَازِمُهُ، وَهُوَ تَشْوِيشُ الْفِكْرِ فَالْوَصْفُ كَاشِفٌ وَالْحِكْمَةُ خَوْفُ الْمَيْلِ فِي الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: وَكَتَفْرِيقِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ إلَى فَاعِلِهِ وَالضَّمِيرُ يَعُودُ عَلَى الشَّارِعِ وَالْمُرَادُ بِتَفْرِيقِهِ فَرَّقَهُ وَبِالصِّفَةِ الصِّفَةُ الْأُصُولِيَّةُ، وَهِيَ اللَّفْظُ الْمُقَيِّدُ لِغَيْرِهِ وَلَيْسَ غَايَةً، وَلَا شَرْطًا، وَلَا اسْتِثْنَاءً وَالْمُرَادُ جِنْسُ الصِّفَةِ فَإِنَّ فِي الْمِثَالِ الْأَوَّلِ تَفْرِيقًا بَيْنَ صِفَتَيْنِ وَأَمَّا الثَّانِي، وَهُوَ لَا يَرِثُ الْقَاتِلُ إلَخْ، فَفِيهِ صِفَةٌ وَاحِدَةٌ (قَوْلُهُ:، وَإِلَّا خَلَا ذِكْرُهُ إلَخْ) عَلَيْهِ مَنْعٌ ظَاهِرٌ لِإِمْكَانِ أَنْ يَكُونَ ذِكْرُهُ لِإِفَادَةِ مَحَلِّ الْحُكْمِ أَيْ صَاحِبُهُ قَدَّرَ ذَلِكَ إلَخْ لِيَكُونَ الثَّلَاثَةُ لِصَاحِبِ الْفَرَسِ، وَإِلَّا فَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فَرَسٌ أَوْ لَا (قَوْلُهُ: هَذَيْنِ الْحُكْمَيْنِ) ، وَهُمَا جَعْلُ سَهْمٍ وَجَعْلُ سَهْمَيْنِ وَقَوْلُهُ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ هُمَا الرَّجُلِيَّةُ وَالْفَرَسِيَّةُ أَيْ هَذَا الْمَفْهُومُ لَا نَفْسُ الرَّجُلِ وَالْفَرَسِ فَإِنَّهُمَا لَقَبَانِ لَا مَدْخَلَ لِلتَّسْمِيَةِ بِهِمَا فِي الْحُكْمَيْنِ ثُمَّ أَصْلُ الِاسْتِحْقَاقِ عِنْدَنَا مَعَاشِرَ الشَّافِعِيَّةِ مَنُوطٌ بِأَحَدِ أَمْرَيْنِ: إمَّا بِالْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ بِنِيَّتِهِ وَإِمَّا بِالْحُضُورِ بِنِيَّةِ الْقِتَالِ، وَإِنْ لَمْ يُقَاتِلْ، وَأَمَّا خُصُوصُ كَوْنِهِ لِلْفَارِسِ سَهْمَيْنِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ فَعِلَّتُهُ الْفَرَسِيَّةُ وَالرَّجْلِيَّةُ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ، وَهُوَ مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ فَانْدَفَعَ قَوْلُ النَّاصِرِ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا لَيْسَ عِلَّةً لِمَا ذُكِرَ بَلْ الْعِلَّةُ الْقِتَالُ.
(قَوْلُهُ: لَوْ لَمْ يَكُنْ لِعِلَّتِهِ إلَخْ) لَمْ يُبْرِزْ هُنَا ضَمِيرَ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ صِفَةٌ لِوَصْفًا فَهِيَ جَارِيَةٌ عَلَى مَا هِيَ صِفَةٌ لَهُ بِخِلَافِ قَوْلِهِ سَابِقًا هُوَ أَوْ نَظِيرُهُ؛ لِأَنَّ الْجُمْلَةَ هُنَاكَ صِفَةٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute