كَالرَّاوِيَةِ لِظَرْفِ الْمَاءِ الْمَعْرُوفِ تَسْمِيَةً لَهُ بِاسْمِ مَا يَحْمِلُهُ مِنْ جَمَلٍ أَوْ بَغْلٍ أَوْ حِمَارٍ (وَالزِّيَادَةِ) نَحْوُ {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: ١١] فَالْكَافُ زَائِدَةٌ وَإِلَّا فَهِيَ بِمَعْنَى مِثْلِ فَيَكُونُ لَهُ تَعَالَى مِثْلٌ وَهُوَ مُحَالٌ.
وَالْقَصْدُ بِهَذَا الْكَلَامِ نَفْيُهُ (وَالنُّقْصَانِ) نَحْوُ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] أَيْ أَهْلَهَا فَقَدْ تَجَوَّزَ أَيْ تَوَسَّعَ
ــ
[حاشية العطار]
وَلَفْظُ الشَّفَةِ عَلَى الْأَسْنَانِ وَلَفْظُ السَّقْفِ عَلَى الْجِدَارِ بَلْ وَلَفْظُ الْمَسْجِدِ عَلَى مُلَاصِقِهِ مِنْ نَحْوِ الدُّورِ وَبِالْعَكْسِ وَلَا يَخْلُو ذَلِكَ عَنْ غَرَابَةٍ وَبُعْدٍ اهـ.
وَفِي التَّلْوِيحِ الْمُرَادُ بِالْمُجَاوَرَةِ مَا يَعُمُّ كَوْنَ أَحَدِهِمَا فِي الْآخَرِ بِالْجُزْئِيَّةِ أَوْ الْحُلُولِ وَكَوْنِهِمَا فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَكَوْنُهُمَا مُتَلَازِمَيْنِ فِي الْوُجُودِ أَوْ الْعَقْلِ أَوْ الْخَيَالِ وَغَيْرِ ذَلِكَ اهـ. وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ عَلَاقَةَ الْمُجَاوَرَةِ تَعُمُّ هَذِهِ الْأَقْسَامَ كُلَّهَا فَلَا وَجْهَ لِجَعْلِهَا قَسِيمًا لَهَا اهـ.
وَلِذَلِكَ قَالَ فِي الرِّسَالَةِ الْفَارِسِيَّةِ إنَّهَا لَيْسَتْ بِعَلَاقَةٍ مُسْتَقِلَّةٍ عَلَى مَا يَظْهَرُ بِأَدْنَى تَأَمُّلٍ اهـ. وَمِنْ قَبِيلِ الْمُجَاوَرَةِ فِي الْخَيَالِ عَلَاقَةُ الْمُشَاكَلَةِ قَالَ ابْنُ كَمَالٍ بَاشَا فِي رِسَالَتِهِ الْمَعْمُولَةِ فِيهَا أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ الصُّحْبَةِ فِي قَوْلِهِمْ إنَّ الْعَلَاقَةَ فِي الْمُشَاكَلَةِ هِيَ الصُّحْبَةُ الْحَقِيقِيَّةُ أَوْ التَّقْدِيرِيَّةُ مُصَاحَبَتُهُ مَدْلُولَيْ اللَّفْظَيْنِ وَمَرْجِعُهُمَا إلَى مُجَاوَرَتِهِمَا فِي الْخَيَالِ نَحْوُ قَوْلِهِ
قَالُوا اقْتَرِحْ شَيْئًا نُجِدْ لَك طَبْخَهُ ... قُلْت اُطْبُخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصًا
وَلِدُخُولِ الْمُشَاكَلَةِ فِي النَّوْعِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَذْكُرُوهَا مُسْتَقِلَّةً (قَوْلُهُ: كَالرِّوَايَةِ) عَدَلَ عَنْ الْمِثَالِ الْمَشْهُورِ وَهُوَ إطْلَاقُ الْغَائِطِ عَلَى الْفَضْلَةِ لِمَا قَالَ الْعِصَامُ فِي الرِّسَالَةِ الْفَارِسِيَّةِ أَنَّ الْعَلَاقَةَ فِيهِ تُؤَوَّلُ إلَى الْحَالِيَّةِ وَالْمَحَلِّيَّةِ لِأَنَّ الْمُجَاوَرَةَ مُشَارَكَةُ الْأَمْرَيْنِ فِي مَحَلٍّ وَاحِدٍ وَهَذِهِ الْمُشَارَكَةُ لَيْسَتْ بِمَوْجُودَةٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ بَلْ الْعَلَاقَةُ الْمَوْجُودَةُ فِيهَا هِيَ الْمُلَابَسَةُ بَيْنَ الْحَالِ وَالْمَحَلِّ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ إلَخْ) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ زَائِدَةً لَمْ يَسْتَقِمْ الْمَعْنَى لِأَنَّهَا بِمَعْنًى مِثْلُ إلَخْ فَالْجَوَابُ مَحْذُوفٌ وَمَا ذُكِرَ بَعْدُ إلَّا فَهُوَ دَلِيلُهُ.
قَوْلُهُ {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: ٨٢] قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يُحْتَمَلُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى خَلَقَ فِي الْقَرْيَةِ قُدْرَةَ الْكَلَامِ وَيَكُونُ ذَلِكَ مُعْجِزَةً لِذَلِكَ النَّبِيِّ وَيَبْقَى اللَّفْظُ عَلَى حَقِيقَتِهِ لَا يُقَالُ الْأَصْلُ عَدَمُ هَذَا الِاحْتِمَالِ لِأَنَّا نَقُولُ هَذَا مُعَارَضٌ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْمَجَازِ اهـ.
وَأَقُولُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ هُنَا مُسْتَحِيلٌ وَتَقَدَّمَ أَنَّ مِنْ وُجُوهِ الْعُدُولِ عَنْ الْحَقِيقَةِ إلَى الْمَجَازِ اسْتِحَالَةُ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ فَاحْتِمَالُ الْمَجَازِ قَوِيٌّ بَلْ هُوَ مُتَعَيَّنٌ تَأَمَّلْ ثُمَّ رَأَيْت فِي حَاشِيَةِ اللَّيْثِيِّ عَلَى الْمُطَوَّلِ لَا شَكَّ أَنَّ الْمَقْصُودَ السُّؤَالُ لِطَلَبِ الْجَوَابِ وَهُوَ إنَّمَا يَكُونُ بِالنِّسْبَةِ لِذَوِي الْعُقُولِ.
وَأَمَّا خَلْقُ اللَّهِ فِي الْجَمَادِ الشُّعُورَ وَالتَّكَلُّمَ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ جَائِزًا إلَّا أَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ خَرْقِ الْعَادَةِ إظْهَارًا لِلْمُعْجِزَةِ أَوْ لِلْكَرَامَةِ وَلَيْسَ هَذَا الْكَلَامُ فِي هَذَا الْمَقَامِ وَأَمَّا السُّؤَالُ فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ وَاعِظًا وَمُذَكِّرًا أَوْ لِنَفْسِهِ مُتَّعِظًا وَمُعْتَبِرًا اسْأَلْ الْقَرْيَةَ عَنْ أَهْلِهَا فَلَيْسَ لِطَلَبِ الْجَوَابِ اهـ.
(قَوْلُهُ: فَالْكَافُ زَائِدَةٌ) لِتَأْكِيدِ نَفْيِ الْمِثْلِ وَقِيلَ الْكَافُ بِمَعْنَى الْمِثْلِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْمِثْلِ الذَّاتُ وَقِيلَ إنَّهُ مِنْ بَابِ الْكِنَايَةِ عَلَى حَدِّ مِثْلُك لَا يَبْخَلُ أَيْ إذَا كَانَ مِثْلُهُ لَا مِثْلَ لَهُ فَأَوْلَى هُوَ وَقِيلَ إنَّهُ عَلَى حَدِّ لَيْسَ لِأَخِي زَيْدٍ أَخٌ كِنَايَةٌ عَنْ نَفْيِ الْأَخِ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ أَخٌ لَكَانَ أَخًا لِأَخِيهِ فَلَوْ كَانَ لَهُ مِثْلٌ لَكَانَ هُوَ مِثْلًا لِذَلِكَ الْمِثْلِ فَإِذَا انْتَفَى مِثْلُ الْمِثْلِ انْتَفَى الْمِثْلُ.
(قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَهِيَ بِمَعْنَى مِثْلُ) أَيْ وَإِلَّا تَكُنْ زَائِدَةً فَهِيَ بِمَعْنَى الْمِثْلِ فَيَلْزَمُ ثُبُوتُ الْمِثْلِ لَهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: نَفْيُهُ) أَيْ نَفْيُ الْمِثْلِ.
(قَوْلُهُ: فَقَدْ تَجَوَّزَ أَيْ تَوَسَّعَ إلَخْ) يُشِيرُ إلَى أَنَّ