للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(أَوْ صِفَةٍ ظَاهِرَةٍ) كَالْأَسَدِ لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ دُونَ الرَّجُلِ الْأَبْخَرِ لِظُهُورِ الشَّجَاعَةِ دُونَ الْبَخَرِ فِي الْأَسَدِ الْمُفْتَرِسِ (أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَكُونُ) فِي الْمُسْتَقْبَلِ (قَطْعًا) نَحْوُ {إِنَّكَ مَيِّتٌ} [الزمر: ٣٠] (أَوْ ظَنًّا) كَالْخَمْرِ لِلْعَصِيرِ (لَا احْتِمَالًا) كَالْحُرِّ لِلْعَبْدِ فَلَا يَجُوزُ أَمَّا بِاعْتِبَارِ مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلُ كَالْعَبْدِ لِمَنْ عَتَقَ فَتَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الِاشْتِقَاقِ (وَبِالضِّدِّ) كَالْمَفَازَةِ لِلْبَرِيَّةِ الْمُهْلِكَةِ (وَالْمُجَاوَرَةِ)

ــ

[حاشية العطار]

اسْتِعَارَةٍ وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ يُخَصُّ هَذَا النَّوْعُ بِاسْمِ الِاسْتِعَارَةِ عِنْدَ الْبَيَانِيِّينَ وَبِمَجَازِ الْمُشَابَهَةِ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ.

(قَوْلُهُ: أَوْ صِفَةٍ ظَاهِرَةٍ) فِيهِ تَسَمُّحٌ لِأَنَّ الْعَلَاقَةَ هِيَ الْمُشَابَهَةُ فِي تِلْكَ الصِّفَةِ وَالْمُرَادُ بِظُهُورِهَا ظُهُورُ آثَارِهَا لِأَنَّ الشَّجَاعَةَ مِنْ قَبِيلِ الْمَلَكَاتِ ثُمَّ إنَّ قَضِيَّةَ عَطْفِهَا عَلَى الشَّكْلِ أَنَّهَا نَوْعٌ آخَرُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَالَ الْبُدَخْشِيُّ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ وَالْمُشَابَهَةُ أَيْ الِاشْتِرَاكُ فِي صِفَةٍ وَيَجِبُ أَنْ تَكُونَ ظَاهِرَةً كَالْأَسَدِ لِلشُّجَاعِ بِاعْتِبَارِ الشَّجَاعَةِ أَوْ مَحْسُوسَةً وَهِيَ فِي إطْلَاقِهِ عَلَى الْمَنْقُوشِ عَلَى الْجِدَارِ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ وَالشَّكْلِ فَإِنَّ الِاشْتِرَاكَ فِي الشَّكْلِ مِنْ قَبِيلِ الِاشْتِرَاكِ فِي الصِّفَةِ الظَّاهِرَةِ (قَوْلُهُ: لِلرَّجُلِ الشُّجَاعِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِالشَّجَاعَةِ مُطْلَقُ الْجَرَاءَةِ لَا الْمَلَكَةُ الَّتِي تَحْمِلُ عَلَى الْإِقْدَامِ فَإِنَّهَا خَاصَّةٌ بِالْعَاقِلِ.

(قَوْلُهُ: أَوْ بِاعْتِبَارِ مَا يَكُونُ) مَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيْ بِاعْتِبَارِ الْكَوْنِ وَهُوَ الْأَيْلُولَةُ فِي عِبَارَةِ غَيْرِهِ وَلَيْسَتْ وَاقِعَةً عَلَى مَعْنًى فَإِنَّ الْمَعْنَى الَّذِي سَيَقَعُ لَيْسَ هُوَ الْعَلَاقَةُ بَلْ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ.

(قَوْلُهُ: أَوْ ظَنًّا) أَيْ بِاعْتِبَارِ الشَّأْنِ وَالْعَادَةِ لَا بِاعْتِبَارِ ظَنِّ الْمُسْتَعْمِلِ فَلَا يُقَالُ قَدْ يُحَرِّمُ مَالِكُ الْعَصِيرِ بِشُرْبِهِ عَصِيرًا فَأَيْنَ الظَّنُّ وَكَذَا قَوْلُهُ لَا احْتِمَالًا فَلَا يُقَالُ إنَّهُ قَدْ يُظَنُّ عِتْقُ الْعَبْدِ لِنَحْوِ وَعْدٍ مِنْ السَّيِّدِ.

(قَوْلُهُ: فَتَقَدَّمَ) أَيْ فَهُوَ مَجَازٌ لِأَنَّهُ تَقَدُّمَ أَنَّ الْمُشْتَقَّ يَكُونُ إطْلَاقُهُ عَلَى الذَّاتِ حَالَةَ الِاتِّصَافِ حَقِيقَةٌ وَبَعْدَهَا مَجَازٌ.

(قَوْلُهُ: وَبِالضِّدِّ) أَيْ بِضِدِّيَّةِ الضِّدِّ لِأَنَّ الضِّدِّيَّةَ هِيَ الْعَلَاقَةُ لَا الضِّدُّ لِأَنَّهُ ذَاتٌ لَا عَلَاقَةَ فَهُوَ عَلَى حَذْفِ مُضَافٍ وَأَعَادَ الْمُصَنِّفُ الْبَاءَ لِلْفَصْلِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا لَا احْتِمَالًا وَظَاهِرُهُ أَنَّ كُلَّ ضِدٍّ يُسْتَعْمَلُ فِي ضِدِّهِ وَهُوَ مُقْتَضَى الِاكْتِفَاءِ بِسَمَاعِ نَوْعِ الْعَلَاقَةِ.

وَفِي التَّلْوِيحِ وَالرِّسَالَةِ الْفَارِسِيَّةِ أَنَّ أَهْلَ التَّحْقِيقِ عَلَى رُجُوعِ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْعَلَاقَةِ إلَى الِاشْتِرَاكِ فِي الصِّفَةِ أَعْنِي إلَى عَلَاقَةِ الْمُشَابَهَةِ فَتَكُونُ مُخْتَصَّةً بِالِاسْتِعَارَةِ أَيْضًا لِأَنَّ مَنْ يَسْتَعْمِلُ اسْمَ أَحَدِ الضِّدَّيْنِ فِي الْآخَرِ يُنَزِّلُ التَّضَادَّ مَنْزِلَةَ التَّنَاسُبِ تَهَكُّمًا وَاسْتِهْزَاءً أَوْ مُطَايَبَةً وَاسْتِمْلَاحًا أَوْ مُشَاكَلَةً فَيُشَبِّهُ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ بِنَاءً عَلَى ذَلِكَ التَّضَادِّ الْمُنَزَّلِ مَنْزِلَةَ التَّنَاسُبِ وَيَسْتَعِيرُ لَفْظَ الْمُشَبَّهِ بِهِ لِلْمُشَبَّهِ فَيَقُولُ رَأَيْت أَسَدًا وَيُرِيدُ رَجُلًا شُجَاعًا وَرَأَيْت كَافُورًا وَيُرِيدُ زِنْجِيًّا وَكَمَا فِي إطْلَاقِ السَّيِّئَةِ عَلَى جَزَاءِ السَّيِّئَةِ وَنَحْوُ ذَلِكَ.

(قَوْلُهُ: وَالْمُجَاوَرَةِ) أَيْ الْمُجَاوِرِيَّةِ فَلَا يُقَالُ إنَّ الْمُجَاوَرَةَ مُفَاعَلَةٌ فَيَقْتَضِي اعْتِبَارَ الْعَلَاقَةِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تُعْتَبَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ قَالَ سم لَمْ أَرَ لَهَا ضَابِطًا وَقَضِيَّةُ إطْلَاقِهَا صِحَّةُ التَّجَوُّزِ بِإِطْلَاقِ نَحْوِ الْأَرْضِ عَلَى النَّابِتِ فِيهَا مِنْ شَجَرٍ وَغَيْرِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>