وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحَيْهِمَا.
وَفِي الْبَابِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَعَائِشَةَ أَخْرَجَهَا ابْنُ عَدِيٍّ. (* * *) (قَوْلُهُ) : «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا جَمَعَ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ وَالَى بَيْنَهُمَا، وَتَرَكَ الرَّوَاتِبَ بَيْنَهُمَا» . هُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ فِي مُسْلِمٍ، فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ: أَنَّهُ لَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَ صَلَاتَيْ الْجَمْعِ، وَلَا عَلَى إثْرِ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا. مِنْهَا حَدِيثُ أُسَامَةَ فِي الصَّحِيحِ. (* * *) قَوْلُهُ: «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَنَا بِالْإِقَامَةِ بَيْنَهُمَا» . لَمْ أَرَ فِيهِ الْأَمْرَ بِالْإِقَامَةِ، وَإِنَّمَا فِي حَدِيثِ أُسَامَةَ: «أَنَّهُ أَقَامَ وَلَمْ يُسَبِّحْ بَيْنَهُمَا» . (* * *) قَوْلُهُ: إنَّ بُيُوتَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَتْ مُخْتَلِفَةً؛ فَمِنْهَا مَا هُوَ بِجَنْبِ الْمَسْجِدِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ بِخِلَافِهِ، قَالَ: فَلَعَلَّهُ حِينَ جَمَعَ بِالْمَطَرِ لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْتِ الْمُلَاصِقِ، انْتَهَى.
وَتَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ الْمُهَذَّبِ، فَقَالَ: كَانَ بَيْتُ عَائِشَةَ إلَى الْمَسْجِدِ وَمُعْظَمُ الْبُيُوتِ بِخِلَافِهِ، وَهَذَا يَحْتَاجُ إلَى نَقْلٍ، وَقَدْ وُجِدَ النَّقْلُ بِخِلَافِهِ، فَفِي الْمُوَطَّأِ عَنْ الثِّقَةِ عِنْدَهُ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَدْخُلُونَ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاتِهِ يُصَلُّونَ فِيهَا الْجُمُعَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ يَضِيقُ عَنْ أَهْلِهِ، وَحُجَرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَكِنَّ أَبْوَابَهَا شَارِعَةٌ فِي الْمَسْجِدِ. قَوْلُهُ: الْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَا جَمْعَ بِالْمَرَضِ، وَالْخَوْفِ، وَالْوَحْلِ، إذْ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَمَعَ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ مَعَ حُدُوثِهَا فِي عَصْرِهِ. قُلْت: يُمْكِنُ أَنْ يُسْتَفَادَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَرَادَ أَلَّا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ كَمَا هُوَ فِي الصَّحِيحِ، وَكَمَا تَقَدَّمَ لِلطَّبَرَانِيِّ: أَرَادَ التَّوَسُّعَ عَلَى أُمَّتِهِ، فَإِنَّ مُقْتَضَاهُ الْجَمْعُ عِنْدَ كُلِّ مَشَقَّةٍ، وَقَدْ أَمَرَ الْمُسْتَحَاضَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute