وُجُوبِهَا مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ إلَى بَلَدٍ آخَرَ، فَإِنْ عُدِمَتْ الْأَصْنَافُ فِي بَلَدِ وُجُوبِهَا أَوْ فَضَلَ عَنْهُمْ شَيْءٌ وَجَبَ نَقْلُهَا أَوْ الْفَاضِلِ إلَى مِثْلِهِمْ بِأَقْرَبَ بَلَدٍ إلَيْهِ، وَإِنْ عُدِمَ بَعْضُهُمْ أَوْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ رُدَّ نَصِيبُ الْبَعْضِ أَوْ الْفَاضِلُ عَنْهُ عَلَى الْبَاقِينَ إنْ نَقَصَ نَصِيبُهُمْ عَنْ كِفَايَتِهِمْ، أَمَّا الْإِمَامُ فَلَهُ وَلَوْ بِنَائِبِهِ نَقْلُ الزَّكَاةِ مُطْلَقًا. وَلَوْ امْتَنَعَ الْمُسْتَحِقُّونَ مِنْ أَخْذِهَا قُوتِلُوا.
فَرْعٌ: لَوْ كَانَ شَخْصٌ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ الْمَدْيُونُ لِصَاحِبِ الدَّيْنِ: ادْفَعْ لِي مِنْ زَكَاتِك حَتَّى أَقْضِيَك دَيْنَك فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ عَنْ الزَّكَاةِ وَلَا يَلْزَمُ الْمَدْيُونَ الدَّفْعُ إلَيْهِ عَنْ دَيْنِهِ، وَلَوْ قَالَ صَاحِبُ الدَّيْنِ: اقْضِ مَا عَلَيْك لِأَرُدَّهُ عَلَيْك مِنْ زَكَاتِي فَفَعَلَ صَحَّ الْقَضَاءُ وَلَا يَلْزَمُهُ رَدُّهُ إلَيْهِ، فَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ وَشَرَطَ أَنْ يَقْضِيَهُ ذَلِكَ عَنْ دَيْنِهِ لَمْ يُجْزِهِ وَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ بِهَا، وَلَوْ نَوَيَاهُ بِلَا شَرْطٍ جَازَ، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَقَالَ: جَعَلْتُهُ عَنْ زَكَاتِي لَمْ يُجْزِهِ عَلَى الصَّحِيحِ حَتَّى يَقْبِضَهُ ثُمَّ يَرُدَّهُ إلَيْهِ وَقِيلَ: يُجْزِئُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَدِيعَةً.
(وَخَمْسَةٌ لَا يَجُوزُ دَفْعُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (إلَيْهِمْ) الْأَوَّلُ (الْغَنِيُّ بِمَالٍ) حَاضِرٍ عِنْدَهُ (أَوْ كَسْبٍ) لَائِقٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِإِسْقَاطِ الْعَامِلِ كَمَا عُرِفَ
قَوْلُهُ: (وَلَا يُجْزِئُهُ نَقْلُ إلَخْ) نَعَمْ لَوْ وَقَعَ تَشْقِيصٌ كَعِشْرِينَ شَاةً بِبَلَدٍ وَعِشْرِينَ بِآخَرَ فَلَهُ إخْرَاجُ شَاةٍ بِأَحَدِهِمَا مَعَ الْكَرَاهَةِ، شَرْحُ الْمَنْهَجِ قَوْلُهُ: (مِنْ بَلَدِ وُجُوبِهَا) أَيْ وَقْتِ وُجُوبِهَا، وَالْمُرَادُ بِهِمْ مَنْ فِيهَا ذَلِكَ الْوَقْتَ وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا مِنْ أَهْلِهَا دُونَ غَيْرِهِمْ؛ نَعَمْ لَوْ انْحَصَرَ مُسْتَحِقُّوهَا لَمْ يَجُزْ صَرْفُهَا لِمَنْ فِيهَا مِنْ غَيْرِهِمْ، كَذَا قَالَهُ شَيْخُنَا، وَفِيهِ بَحْثٌ ق ل. وَفِي حَاشِيَةِ خ ض: خَرَجَ بِالْمَالِكِ الْآخِذُ فَيُجْزِئُ إعْطَاؤُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ مَحَلِّ الزَّكَاةِ حَيْثُ وَقَعَ الْإِعْطَاءُ فِي مَحَلِّ الزَّكَاةِ شَرْحُ م ر ز ي قَوْلُهُ: (إلَى بَلَدٍ آخَرَ) الْمُرَادُ إلَى مَحَلٍّ تُقْصَرُ فِيهِ الصَّلَاةُ، فَالْبَلَدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ. فَإِذَا خَرَجَ مِصْرِيٌّ إلَى خَارِجِ بَابِ السُّوَرِ كَبَابِ النَّصْرِ لِحَاجَةٍ آخِرَ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ فَغَرَبَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ هُنَاكَ ثُمَّ دَخَلَ وَجَبَ إخْرَاجُ فِطْرَتِهِ لَفُقَرَاءِ خَارِجِ بَابِ النَّصْرِ. اهـ. ح ل. وَكَتَبَ الْمَيْدَانِيُّ: أَيْ مَحَلَّ وُجُوبِهَا بَلَدًا أَوْ قَرْيَةً أَوْ بَادِيَةً بَحْرًا أَوْ بَرًّا، حَتَّى لَوْ حَالَ الْحَوْلُ وَالْمَالُ فِي الْبَحْرِ حَرُمَ نَقْلُهَا إلَى الْبَرِّ أَوْ حَالَ الْحَوْلُ وَالْقَفْلُ مَارُّونَ فَإِنَّهُ يَجِبُ دَفْعُهَا لِمَنْ فِيهِمْ. وَقَوْلُهُ " فَإِنْ عُدِمَتْ الْأَصْنَافُ إلَخْ " مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ " مَعَ وُجُودِ الْمُسْتَحِقِّينَ " قَوْلُهُ: (أَوْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ) أَيْ أَوْ لَمْ يُعْدَمُ الْبَعْضُ لَكِنْ فَضَلَ عَنْهُ شَيْءٌ قَوْلُهُ: (رَدَّ نَصِيبَ الْبَعْضِ) أَيْ فِي الْأُولَى، وَقَوْلُهُ " أَوْ الْفَاضِلِ " أَيْ فِي الثَّانِيَةِ وَقَوْلُهُ: (إنْ نَقَصَ نَصِيبُهُمْ عَنْ كِفَايَتِهِمْ) فَإِنْ لَمْ يَنْقُصْ نَقَلَ ذَلِكَ إلَى ذَلِكَ الصِّنْفِ بِأَقْرَبَ بَلَدٍ قَوْلُهُ: (قُوتِلُوا) لِأَنَّ أَخْذَهَا فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَلَا يَصِحُّ إبْرَاؤُهُمْ رَبَّ الْمَالِ مِنْهَا إنْ قُلْنَا تَجِبُ فِي الْعَيْنِ وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْأَعْيَانَ لَا يَبْرَأُ مِنْهَا م ر؛ لِأَنَّ الْإِبْرَاءَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الدُّيُونِ وَالزَّكَاةُ أَعْيَانٌ
قَوْلُهُ: (فَرْعٌ) الْفَرْعُ اصْطِلَاحًا مَا انْدَرَجَ تَحْتَ أَصْلٍ كُلِّيٍّ وَأَمَّا لُغَةً فَمَا بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ مَرْحُومِيٌّ
وَقَوْلُهُ مَا انْدَرَجَ إلَخْ كَقَامَ زَيْدٌ الْمُنْدَرِجُ تَحْتَ قَوْلِنَا الْفَاعِلُ مَرْفُوعٌ الَّذِي هُوَ الْأَصْلُ الْكُلِّيُّ وَقَوْلُهُ (مَا بُنِيَ عَلَى غَيْرِهِ) كَفُرُوعِ الشَّجَرَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّجَرَةِ وَكَانَ الْأَوْلَى فُرُوعٌ لِأَنَّهَا ثَلَاثَةٌ الْأَوَّلُ لَوْ كَانَ شَخْصٌ إلَخْ وَالثَّانِي وَلَوْ قَالَ شَخْصٌ إلَخْ الثَّالِثُ وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ إلَخْ قَوْلُهُ (فَلَوْ دَفَعَ) أَيْ صَاحِبُ الدَّيْنِ إلَيْهِ أَيْ الْمَدِينِ شَيْئًا مِنْ الزَّكَاةِ وَشَرَطَ أَيْ صَاحِبُ الدَّيْنِ إلَخْ فَهَذَا رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَةِ الْأُولَى قَوْلُهُ (لَمْ يُجْزِهِ) أَيْ لَمْ يُجْزِهِ مَا دَفَعَهُ لِلْمَدِينِ عَنْ الزَّكَاةِ قَوْلُهُ (وَلَا يَصِحُّ قَضَاؤُهُ) بِهَا أَيْ بِالزَّكَاةِ لِأَنَّهَا بَاقِيَةٌ عَلَى مِلْكِ الْمَالِكِ قَوْلُهُ (وَلَوْ نَوَيَاهُ) أَيْ قَضَاءَ الدَّيْنِ وَقَوْلُهُ (بِهَا) أَيْ بِالزَّكَاةِ
قَوْلُهُ فَقَالَ أَيْ رَبُّ الدَّيْنِ قَوْلُهُ كَمَا لَوْ كَانَ وَدِيعَةً أَيْ إذَا كَانَ الْمَالُ وَدِيعَةً عِنْدَ الْمُسْتَحِقِّ فَمَلَّكَهُ الْمَالِكُ إيَّاهُ زَكَاةً أَجْزَأَ أَيْ قَالَ الْمُودِعُ لِلْوَدِيعِ خُذْ الْمَالَ الَّذِي عِنْدَك وَدِيعَةً مِنْ زَكَاتِي فَإِنَّهُ يُجْزِئُ وَيُفَرَّقُ بَيْنَ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ بِتَعَلُّقِ مِلْكِهِ بِعَيْنِهَا بِخِلَافِ الدَّيْنِ م د
قَوْلُهُ: (وَخَمْسَةٌ لَا يَجُوزُ إلَخْ) وَمِثْلُهُمْ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَالسَّفِيهُ لِعَدَمِ صِحَّةِ قَبْضِهِمْ، فَلَا يَصِحُّ إلَّا قَبْضُ الْوَلِيِّ عَنْهُمْ قَوْلُهُ: (الْغَنِيُّ بِمَالٍ إلَخْ) فَائِدَةٌ: الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ أَفْضَلُ مِنْ الْفَقِيرِ الصَّابِرِ، خِلَافًا لِلْبُلْقِينِيِّ. وَلَا يُنَافِيهِ دُخُولُ الْفُقَرَاءِ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ مِنْ أَيَّامِ الْآخِرَةِ أَيْ بِمِقْدَارِ نِصْفِ يَوْمٍ؛ لِأَنَّ الْجَنَّةَ لَا أَيَّامَ فِيهَا لِجَوَازِ اخْتِصَاصِ الْمَفْضُولِ بِمِزْيَةٍ لَيْسَتْ فِي الْفَاضِلِ اهـ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute