للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُدْخِلَهَا فِي الْخُفِّ.

وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفَّيْنِ ثُمَّ أَدْخَلَهُمَا مَوْضِعَ الْقَدَمِ جَازَ الْمَسْحُ.

وَلَوْ ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ غَسْلِهِمَا ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِهِمَا إلَى مَوْضِعِ الْقَدَمِ لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ

وَلَوْ كَانَ عَلَيْهِ الْحَدَثَانِ فَغَسَلَ أَعْضَاءَ الْوُضُوءِ عَنْهُمَا وَلَبِسَ الْخُفَّ قَبْلَ غَسْلِ بَاقِي بَدَنِهِ لَمْ يَمْسَحْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ قَبْلَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ فَإِنْ قِيلَ: لَفْظَةُ: " كَمَالِ " لَا حَاجَةَ إلَيْهَا، لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطُّهْرِ أَنْ يَكُونَ كَامِلًا، وَلِذَلِكَ اعْتَرَضَ الرَّافِعِيُّ عَلَى الْوَجِيزِ بِأَنَّهُ لَا حَاجَةَ إلَى قَيْدِ التَّمَامِ؛ لِأَنَّ مَنْ لَمْ يَغْسِلْ رِجْلَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا يَنْتَظِمُ أَنْ يُقَالَ: إنَّهُ لَيْسَ عَلَى طُهْرٍ. وَأُجِيبَ: بِأَنَّ ذَلِكَ ذُكِرَ تَأْكِيدًا أَوْ لِاحْتِمَالِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْبَعْضِ.

(وَ) الثَّانِي مِنْ الشُّرُوطِ (أَنْ يَكُونَا) أَيْ الْخُفَّانِ (سَاتِرَيْنِ لِمَحَلِّ غَسْلِ الْفَرْضِ مِنْ الْقَدَمَيْنِ) فِي الْوُضُوءِ، وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ لَا مِنْ الْأَعْلَى، فَلَوْ رُئِيَ الْقَدَمُ مِنْ أَعْلَاهُ كَأَنْ كَانَ وَاسِعَ الرَّأْسِ لَمْ يَضُرَّ عَكْسُ سَاتِرِ الْعَوْرَةِ،

ــ

[حاشية البجيرمي]

قُلْت: هَلَّا اكْتَفَى بِاسْتِدَامَةِ اللُّبْسِ؛ لِأَنَّهُ كَالِابْتِدَاءِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْأَيْمَانِ؟ قُلْت: إنَّمَا يَكُونُ كَالِابْتِدَاءِ إذَا كَانَ الِابْتِدَاءُ صَحِيحًا، وَهُنَا لَيْسَ كَذَلِكَ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ كَوْنُهُ بَعْدَ كَمَالِ الطَّهَارَةِ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ غَسَلَهُمَا فِي سَاقِ الْخُفَّيْنِ إلَخْ) هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ وَارِدَةٌ عَلَى مَفْهُومِ قَوْلِهِ: " أَنْ يَبْتَدِئَ " وَالْمَسْأَلَةُ الَّتِي بَعْدَهَا وَارِدَةٌ عَلَى مَنْطُوقِهِ؛ إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ كَمَالِ الطُّهْرِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَا يُجْزِئُ الْمَسْحُ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهِ.

قَوْلُهُ: (فِي سَاقِ الْخُفَّيْنِ) خَرَجَ بِهِ مَا لَوْ غَسَلَهُمَا فِي قَدَمِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ لَمْ يَجُزْ.

قَوْلُهُ: (وَلَوْ ابْتَدَأَ اللُّبْسَ بَعْدَ غَسْلِهِمَا إلَخْ) يُشِيرُ إلَى بَيَانِ الْمُرَادِ مِنْ الِابْتِدَاءِ الْوَاقِعِ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، لِأَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِ الْإِجْزَاءُ، وَالْحَالَةُ هَذِهِ. اهـ. ع ش عَلَى الْغَزِّيِّ.

قَوْلُهُ: (قَبْلَ وُصُولِهِمَا) خَرَجَ مَا لَوْ كَانَ بَعْدَ الْوُصُولِ أَوْ مَعَهُ، وَيُمْكِنُ تَوْجِيهُهُ فِي الْمُقَارَنَةِ بِأَنْ يُنَزَّلَ وُصُولُهُمَا لِمَحَلِّ الْقَدَمِ مَعَ الْحَدَثِ مَنْزِلَةَ الْوُصُولِ الْمُتَقَدِّمِ عَلَى الْحَدَثِ لِقُوَّةِ الطَّهَارَةِ، وُجِدَ فِي بَعْضِ الْهَوَامِشِ خِلَافُهُ مِنْ غَيْرِ عَزْوٍ وَقَدْ يُتَوَقَّفُ فِيهِ ع ش.

قَوْلُهُ: (لَمْ يُجْزِ الْمَسْحُ) بِضَمِّ الْيَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ أَيْ لَمْ يَصِحَّ نَظَرًا لِأَصْلِ عَدَمِ اللُّبْسِ، وَفَارَقَ مَا لَوْ كَانَ لَابَسَ الْخُفَّ بِشَرْطِهِ ثُمَّ أَزَالَهُمَا مِنْ مَقَرِّهِمَا إلَى سَاقِ الْخُفِّ، وَلَمْ يَظْهَرْ مِنْ مَحَلِّ الْفَرْضِ شَيْءٌ. قَالُوا: لَا يَبْطُلُ الْمَسْحُ لِاسْتِصْحَابِهِمْ الْأَصْلَ وَهُوَ اللُّبْسُ الصَّحِيحُ فَتَلَخَّصَ أَنَّهُمْ نَظَرُوا فِي كُلِّ مَسْأَلَةٍ لِأَصْلِهَا اهـ اج.

قَوْلُهُ: (لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطُّهْرِ إلَخْ) قَالَ ق ل: هَذَا السُّؤَالُ نَاشِئٌ عَنْ اتِّحَادِ مَعْنَى الطَّهَارَةِ وَالطُّهْرِ، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ اهـ. قُلْت: هُمَا مُتَلَازِمَانِ إنْ لَمْ يَكُونَا مُتَّحِدَيْنِ، وَلَكِنْ كَانَ الْأَنْسَبُ لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: لِأَنَّ حَقِيقَةَ الطَّهَارَةِ لِيُلَائِمَ الْمَتْنَ. قَوْلُهُ: (أَوْ لِاحْتِمَالِ تَوَهُّمِ إلَخْ) ؛ أَيْ لِدَفْعِ التَّوَهُّمِ الْمُحْتَمَلِ أَيْ الَّذِي تَحْتَمِلُهُ الْعِبَارَةُ، وَلَوْ قَالَ: لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إلَخْ كَانَ أَوْضَحَ. وَيُجَابُ أَيْضًا بِأَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَ ذَلِكَ إشَارَةً لِرَدِّ قَوْلِ الْمُزَنِيِّ: إنَّهُ إذَا غَسَلَ رِجْلًا فَأَدْخَلَهَا الْخُفَّ ثُمَّ غَسَلَ الْأُخْرَى كَذَلِكَ، وَأَدْخَلَهَا، فَإِنَّ لُبْسَهُ صَحِيحٌ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ مَعَ لُبْسِهِ لِلْأُولَى قَبْلَ كَمَالِ الطُّهْرِ. هَذَا، وَكَانَ الْأَوْلَى حَذْفَ أَوْ فَيَقُولُ: تَأْكِيدًا لِاحْتِمَالِ أَيْ لِدَفْعِ تَوَهُّمِ إرَادَةِ الْبَعْضِ؛ لِأَنَّ التَّأَكُّدَ إنَّمَا يَأْتِي لِدَفْعِ الْمَجَازِ.

قَوْلُهُ: (أَيْ الْخُفَّانِ) التَّعْبِيرُ بِهِمَا جَرْيٌ عَلَى الْغَالِبِ، وَإِلَّا فَالْقِيَاسُ فِيمَا لَوْ خَلِقَ لَهُ أَزْيَدَ مِنْ رِجْلَيْنِ أَنَّهُ لَا بُدَّ فِي إجْزَاءِ الْمَسْحِ مِنْ لُبْسِ خُفٍّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِمَّا يَجِبُ غَسْلُهَا فِي الْوُضُوءِ عَلَى التَّفْصِيلِ الْمُبَيَّنِ ثَمَّ وَالْمَسْحُ عَلَيْهِ وَالسَّابِقُ إلَى الْفَهْمِ فِيمَا لَوْ كَانَ لَهُ فِي كُلِّ جَانِبٍ قَدَمَانِ عَلَى سَاقٍ أَنَّهُ لَا يَكْفِي جَمْعُ كُلِّ قَدَمَيْنِ فِي الْخُفِّ، نَعَمْ إنْ الْتَصَقَا اتَّجَهَتْ كِفَايَةُ ذَلِكَ سم.

قَوْلُهُ: (مِنْ الْقَدَمَيْنِ) هَكَذَا فِي نُسَخِ الْمَتْنِ، وَمِنْ فِيهِ بَيَانِيَّةٌ أَيْ: مَحَلُّ غَسْلِ الْفَرْضِ هُوَ الْقَدَمَانِ لَكِنَّهُ يَتَكَرَّرُ مَعَ قَوْلِ الشَّارِحِ، وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ إلَخْ. وَلِذَا رَأَيْنَا فِي عِدَّةِ نُسَخٍ مِنْ الشَّارِحِ إسْقَاطُ لَفْظَةِ: " مِنْ الْقَدَمَيْنِ " فَتَأَمَّلْ م د. وَأُجِيبَ: بِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ بَيَانُ مَحَلِّ غَسْلِ الْفَرْضِ بِالْقَدَمَيْنِ فِيهِ قُصُورٌ لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْكَعْبَيْنِ بَيَّنَ الشَّارِحُ الْمُرَادَ بِقَوْلِهِ: وَهُوَ إلَخْ. فَلَا تَكْرَارَ تَأَمَّلْ.

قَوْلُهُ: (وَهُوَ الْقَدَمُ بِكَعْبَيْهِ) بَيَانٌ لِقَوْلِهِ لِمَحَلِّ غَسْلِ الْفَرْضِ، وَإِضَافَةُ غَسْلٍ لِلْفَرْضِ لِلْبَيَانِ. وَقَوْلُهُ: (مِنْ سَائِرِ الْجَوَانِبِ) مُتَعَلِّقٌ بِسَائِرِينَ، وَاعْتَمَدَ شَيْخُنَا الشَّمْسُ ح ف أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ سَاتِرًا وَقَوِيًّا عِنْدَ اللُّبْسِ، فَإِذَا كَانَ غَيْرَ سَاتِرٍ عِنْدَ اللُّبْسِ ثُمَّ صَارَ سَاتِرًا بَعْدَهُ لَمْ يَكْفِ بِخِلَافِ طَهَارَةِ الْخُفِّ، فَلَا يُشْتَرَطُ وُجُودُهَا عِنْدَ اللُّبْسِ اهـ. وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَجَرٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>